وضع القضاء الجزائري اثنين من أبناء قائد أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح ضمن لائحة الممنوعين من السفر، منذ 18 أغسطس/آب الجاري، في سياق تحقيقات حول قضايا فساد يشتبه بتورطهما فيها، إضافة إلى تحريات القضاء العسكري في قضية تخص مدير مكتب قائد الجيش السابق، والذي توفي نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ووردت في تقارير صحافية نشرت اليوم الخميس، في الجزائر، معلومات كانت متداولة منذ يومين حول استدعاء نجلي صالح إلى مركز للأمن.
وذكرت صحيفة "الوطن" الصادرة باللغة الفرنسية، أنّ وكيل الجمهورية لدى محكمة الدار البيضاء في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، قرر وضع عشرة أشخاص تحت طائل منع السفر من البلاد، بينهم عادل وبومدين، نجلا قايد صالح، واللذان تحوم حولهما شبهات فساد، ويعتقد أن يكون صدور قرار منع السفر مرتبطاً بإمكانية اتخاذ الرئيس عبد المجيد تبون قراراً بفتح الحدود المغلقة منذ شهر مارس/آذار الماضي، إذ تشير بعض المعلومات إلى أن تبون يعتزم فتح الحدود جزئياً بين 4 و12 سبتمبر/أيلول المقبل.
وكان العربي ونوغي، مدير عام المؤسسة الحكومية للإشهار، والتي تحتكر وتوزع الإعلانات العمومية على الصحف، قد أعلن، قبل أسبوعين، عن تجميد منح الإعلانات لصحيفة "ايدوغ نيوز" المحلية شرقي الجزائر، والتي يملكها عادل قايد صالح، وكانت تحصل على عائدات الإشهار العمومي.
وقال ونوغي إنّ "الصحف التي لا يملكها صحافيون لن تستفيد من الإعلانات الحكومية"، كما أعلن عن فتح تحقيقات بشأن وضعها مع الضرائب وتأمين الصحافيين.
وقبل فترة قصيرة أيضاً، كانت إدارة الجمارك الجزائرية قد قررت، إغلاق ميناء جاف يؤجر للمستوردين، وهو ملك لأحد أبناء قايد صالح، بسبب مخالفته للقوانين، وذلك تطبيقاً لقرار تبون الذي كان أعلن، في خطاب سابق، أن مثل هذه الموانئ تبقى خطرة على الأمن والسلامة العامة، في حال لم يتم تطبيق الصرامة والمراقبة المستمرة من قبل المصالح المختصة.
وتشير بعض التقديرات إلى وجود رابط بين قرار التحري ومنع نجلي قايد صالح من السفر، وبين قضية مدير مكتب القائد السابق للجيش قرميط بونويرة، والذي سبق له التعامل بحكم منصبه مع أبناء قايد صالح، وكان حلقة الاتصال بينهم وبين والدهم في الظروف الصعبة التي مرت بها الجزائر، قبل انتخابات 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، إذ كان أي اتصال بقايد صالح يمر عبر مدير مكتبه الذي أتى على ذكر أبناء قائد الجيش خلال التحقيقات التي يجريها القضاء العسكري معه، منذ تسلّمه من أنقرة، قبل أسبوعين.
وكيل الجمهورية لدى محكمة الدار البيضاء في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، قرر وضع عشرة أشخاص تحت طائل منع السفر من البلاد، بينهم عادل وبومدين، نجلا قايد صالح
وفي فترة مظاهرات الحراك الشعبي قبل الانتخابات الرئاسية عام 2019، كانت عدة شعارات وهتافات تشير إلى فساد أبناء قائد الجيش وبعض المحيطين به، كما تتردد منذ ست سنوات بعض المعلومات عن أن وفاة حاكم ولاية عنابة محمد منيب صنديد، في ديسمبر/كانون الأول 2014، كان بسبب سكتة قلبية نتيجة اعتداء تعرّض له من قبل نجل قائد الجيش حينها، بسبب رفضه الترخيص له بالاستيلاء على قطع أراض.
وظهر أبناء قائد الجيش السابق آخر مرة في الجنازة الشعبية والرسمية المهيبة التي أقيمت لوالدهم، في 26 ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكن توسع الملاحقات القضائية ضدهم، بحسب المتابعين، يدخل ضمن ما يوصف بردّة سياسية لافتة.
وتشمل سلسلة الملاحقات الأخيرة عدداً من أقرب المقربين من قايد صالح، بينهم مدير مكتبه السابق الملازم قرميط بونويرة، الذي تمت استعادته من تركيا قبل أسبوعين، ووجهت إليه تهمة "الخيانة العظمى" و"نشر وثائق ومعلومات سرية غير موجهة للعموم"، والقائد السابق لجهاز الأمن الداخلي واسيني بوعزة، ومدير قسم الحرب الإلكترونية عبد القادر لشخم وغيرهم.
وقبل أسبوع، قامت السلطات الجزائرية بإجبار صاحب مقهى شعبي في ولاية باتنة على نزع لافتة المقهى، الذي كان يسمى مقهى "القايد"، وتحتوي على صورتين لقائد الجيش السابق، وطلبت منه تغيير اسم المقهى واللافتة قبل إعادة فتحه.