أكدت 10 منظمات حقوقية مصرية رفضها لمشروع قانون العمل الأهلي المعروض حاليًا على البرلمان تمهيدًا لإصداره كبديل عن القانون الحالي الصادر سنة 2017، والذي قوبل باعتراضات واسعة، محلياً ودولياً، ما دفع بالرئيس عبد الفتاح السيسي إلى طلب تعديله.
وأوضحت المنظمات في بيان مشترك، أن "المشروع الجديد ما هو إلا إعادة تسويق للقانون القمعي الذي يحمل فلسفة عدائية لمنظمات المجتمع المدني بهدف إخضاعها للأجهزة الأمنية"، وحثّت المجتمع الدولي على عدم الترحيب بمشروع القانون الجديد، والضغط من أجل مزيد من الإصلاحات، كما طالبت بالعودة إلى مشروع قانون سابق تم تجاهله، رغم أنه شهد مشاورات ومشاركة أطياف مختلفة من منظمات المجتمع المدني، وبمشاركة عدة وزارات.
وقالت المنظمات في بيان: "ألغى مشروع القانون الجديد حصول صندوق دعم الجمعيات الأهلية على نسبة 1 في المائة من كل تمويل لأي جمعية أهلية، والتي كانت مثار اعتراض عدد من الجهات المانحة، كما استبدل العقوبات السالبة للحرية بغرامات مالية باهظة. تلك التعديلات توضح أن المشرع تحايل على أغلبها، فاستبدل إشراف المجلس (الأمني) بوحدة جديدة تدعى (الوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي) تتبع الوزير المختص".
وأضاف البيان أن مشروع القانون يلزم الجهة الإدارية بوضع "آلية للتبادل الفوري للمعلومات مع السلطات المختصة لإعمال شؤونها في حالة توافر اشتباه بتورط أي من المنظمات في تمويل الإرهاب أو يجري استغلالها لذلك الغرض، ما يعني التحكم الكامل للسلطات الأمنية من وراء ستار".
يذكر أن إلغاء العقوبات في قانون الجمعيات يستتبع تنقيح العديد من القوانين الأخرى، وعلى رأسها قانون العقوبات وقوانين الإرهاب والكيانات الإرهابية، والتي تجرّم عمل المنظمات غير الحكومية والمدافعين عن حقوق الإنسان، ويواجه المتهمون في القضية المعروفة بقضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني اتهامات قد تؤدي إلى سجنهم مدى الحياة.
وأضافت المنظمات "على خطى القانون الحالي، تحايل مشروع القانون على المادة 75 من الدستور التي تشترط تأسيس الجمعية بمجرد الإخطار، وحول عملية الإخطار إلى ترخيص بأن علق شرط اكتساب الشخصية القانونية للجمعية على عدم اعتراض الجهة الإدارية، واشترط إصدار تلك الجهة خطابًا للبنوك يتيح للجمعية فتح حساب، كما توافق القانون الحالي ومشروع القانون على استثناء الجمعيات بالمناطق الحدودية من شرط الإخطار لتأسيس الجمعية، وجعلها بالترخيص المسبق بعد استطلاع رأي المحافظ".
وتابع البيان "احتفظ المشروع بباب خلفي لتقييد نشاط الجمعيات عن طريق الموافقة المسبقة على التمويل والمنح الدولية، فمن الممكن للدولة منع نشاط معين عن طريق رفض المنحة المقدمة له، كما أن القانون لم يشترط على الدولة إبداء أسباب الرفض".
وبين الملاحظات أن "مشروع القانون اعتبر أموال الجمعيات في حكم الأموال العامة، وأخضعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات رغم أن الجمعيات ليست من مؤسسات الدولة، وأموالها ليست أموالا عامة كما أقرّت المحكمة الدستورية العليا في أحكام سابقة".
ونبّهت المنظمات إلى أنه "عند النظر إلى مشروع القانون المعروض على البرلمان، لا يتعين مقارنته بالقانون الحالي، حيث إنه الأسوأ على الإطلاق، ولا يصلح للمقارنة، ويتعارض مع مواد الدستور والتزامات مصر الدولية، بما في ذلك التوصيات التي استقبلتها مصر خلال الدورة الثانية للاستعراض الدوري الشامل في نوفمبر/تشرين الثاني 2014".