دعت منظمة العفو الدولية و32 منظمة موريتانية لحقوق الإنسان، اليوم الإثنين، الرئيس الموريتاني القادم للتصدي لسجل حقوق الإنسان المتردي للبلاد واتخاذ موقف أشد صلابة ضد العبودية والاتجار بالبشر والاعتداءات على الحق في حرية التعبير، بما في ذلك ترهيب ومضايقة النشطاء الذين يناهضون التمييز.
وطالبت المنظمات جميع المرشحين للانتخابات الرئاسية الموريتانية، التي تجري هذا الشهر، بالتوقيع على بيان يتألف من 12 التزاماً بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في موريتانيا.
وقالت مديرة الحملات لغرب أفريقيا في منظمة العفو الدولية، كيني فاطيم ديوب: "إن أوضاع حقوق الإنسان في موريتانيا تتسم بالخطورة؛ إذ إن كل من يتجرأ على التصدي للعبودية والتمييز وغيرهما من انتهاكات حقوق الإنسان يتعرض لخطر الاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني وحتى التعذيب. وإن الرئيس القادم لا يمكنه تجاهل هذه التحديات الجسيمة لحقوق الإنسان، وعليه أن يسعى إلى ضمان تحقيق العدالة وإيجاد الحلول الفعالة للموريتانيين الذين ما فتئت حقوقهم تتعرض للدوس (عليها) منذ زمن طويل".
وتابعت ديوب: "يجب على الرئيس القادم أن يضع حداً لحقبة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي استمرت عقوداً، وذلك بإجراء إصلاحات وتغيير الممارسات من أجل ضمان الاحترام التام لحقوق الإنسان".
وذكر تقرير نشرته منظمة العفو الدولية اليوم، أن آلاف الموريتانيين لا يزالون يعيشون في ربقة العبودية، فضلاً عن تعرض الموريتانيين الأفارقة والحراطين للتمييز بطرق عدة، من بينها إمكانية الوصول إلى العدالة والتسجيل في السجل المدني. فمنذ عام 2016 حتى الآن لم تُصدر محاكم مكافحة العبودية في البلاد أحكاماً سوى على شخصين على الرغم من تسلُّمها 47 قضية للتحقيق فيها، شملت 53 مشتبهاً به. وعلى الرغم من تقديم العديد من الشكاوى إلى محاكم مكافحة العبودية ودوائر لشرطة، فإن ثمة أسلوباً متعمداً متّبعاً يتمثل في إطالة أمد انتظار الضحايا وتثبيطهم. فحتى اليوم هناك 24 قضية جديدة تنتظر تحويلها إلى محاكم مكافحة العبودية.
ويدعو البيان إلى الالتزام العام بوضع حد للعبودية والاتجار بالبشر والممارسات التمييزية من خلال تنفيذ قوانين وسياسات وحملات جديدة. كما يدعو إلى سن قانون جديد لمكافحة العنف ضد المرأة بحيث يتم اعتماده خلال السنة الأولى لتنصيب الرئيس الجديد وتولّيه مقاليد الحكم.
وبتوقيع البيان يقطع المرشح وعداً بضمان أن تقوم حكومته، في حال انتخابه، بتوفير الموارد الكافية المتاحة لجهازي الشرطة والقضاء لتمكينهما من تحديد الجناة المشتبه بهم في قضايا ذات صلة بالاستغلال وتقديمهم إلى العدالة. ويلتزم المرشح بموجبه بضمان استقلال القضاء من خلال مراجعة الدستور بحيث لا يتولى رئيس الجمهورية رئاسة المجلس الأعلى للقضاء.
ويتضمن البيان وعداً بإلغاء القوانين التي تجرِّم الأنشطة المتعلقة بالحق في حرية التعبير، بما فيها الأحكام المتعلقة بالتشهير الجنائي والردة ونشر المعلومات الكاذبة. وفي الفترة منذ إعادة انتخاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز في يونيو/حزيران 2014 إلى مايو/أيار 2019، قامت منظمات حقوق الإنسان بتوثيق حالات ما يربو على 44 جمعية تعمل من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان لم تحصل على ترخيص بالعمل. وكانت هناك أكثر من 174 حالة اعتقال تعسفي لمدافعين عن حقوق الإنسان، من بينها 17 حالة تعرَّض فيها أشخاص للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
كما يتضمن البيان تدابير تتعلق بتخفيض مدة الحبس الاحتياطي ووضع حد لاكتظاظ السجون وإغلاق جميع مراكز الاحتجاز الخاصة، وذلك من أجل منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
ويحدد البيان التزامات أخرى تتصدى للممارسات التي تنطوي على تمييز، وتشمل، مثلاً، ضمان أن تكون إجراءات التسجيل المدني مبسَّطة ومجانية ولا تسمح بممارسة أي شكل من أشكال التمييز على أساس العرق، بالإضافة إلى تنفيذ سياسة ثقافية ولغوية شاملة لضمان حصول المجتمعات غير الناطقة بالعربية على الخدمات الضرورية.
ويقترح البيان اتخاذ تدابير محددة لضمان التنفيذ التام والتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجميع، من قبيل إجراء مشاورات موسعة بين الرئيس الجديد والمجتمعات المحلية لمراجعة قضية ملكية الأراضي.
وقال رئيس ملتقى المنظمات الوطنية لحقوق الإنسان (فوناده)، مامادو سار: "يتمتع الرئيس القادم بفرصة بناء دولة تُحترم فيها الكرامة وحقوق الإنسان وتُعزّز للجميع. ويجب على جميع المرشحين الالتزام العلني بتوقيع البيان وإعطاء الأولوية لحقوق الإنسان".