ألقى الرئيس المصري المؤقت، عدلي منصور، اليوم الأربعاء، خطاباً وداعياً لمناسبة انتهاء فترة ولايته وانتخاب الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي، اعترف فيه بأن ما سماه ثورة 30 يونيو/ حزيران 2012، لم تكن لتنجح من دون ما وصفه بـ"الدور التاريخي الذي لعبه رجال القوات المسلحة البواسل ورجال الشرطة الأبطال"، في اعتراف ضمني بإسباغ صفة الانقلاب العسكري على ما جرى في 3 يوليو/ تموز 2013.
ووجه منصور، في الخطاب، تحذيرات للسيسي من الاستعانة بمَن وصفهم "جماعات المصالح الذين يحاولون غسل سمعتهم وخلق مناخ جديد يلائم عودة ماضٍ لا يود الشعب المصري استرجاعه"، قاصداً بذلك القوى المنتمية لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك الذين ثار الشعب المصري عليهم في 25 يناير 2011.
ودعا منصور، الذي سيعود إلى منصبه رئيساً للمحكمة الدستورية العليا يوم الاثنين المقبل، السيسي إلى إرساء قيم العدالة واختيار مساعديه بما يعاونه في مواجهة المشاكل الداخلية والخارجية، مؤكداً ثقته بأن الرئيس الجديد سيكون "قائداً عظيماً لبلد عظيم".
وأشار منصور إلى أنه تسلّم مصر مفككة ومستباحة وفي حالة اللادولة، قائلاً إنه يسلمها إلى خلفه بعد أقل من عام ولها دستور وقد انتُخب رئيس جديد عبر انتخاباتٍ أشاد بنسبة المشاركة فيها "على الرغم من حرارة الجو وصيام معظم المصريين لمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج".
وتجاهل منصور، كعادته، حقيقة أن مصر في 30 يونيو 2012 كان لها رئيس منتخب ومجلس شورى منتخب ودستور ديموقراطي أُقِر بنسبة مشاركة فائقة على مدار يوم اقتراع واحد.
ووجه منصور الشكر إلى الدول التي ساندت الانقلاب العسكري وهي السعودية، الإمارات، الكويت، الأردن والسلطة الفلسطينية. ووجه رسالة تحذيرية إلى "المعسكر الآخر المعارض للانقلاب"، مهدداً بأن "إصراركم على مواقفكم سيزيدها كلفةً في المستقبل، لأن مصر ستعود إلى سابق عهدها رائدة في منطقتها العربية والأفريقية".
وعلى الرغم من الانهيار المتواصل للاقتصاد المصري وأدواته المختلفة، قال منصور إن التصنيف الائتماني لمصر قد تحسن، وأن الحكومة ضخت حزماً عديدة لتشجيع الاستثمار، قاصداً بذلك القوانين التي أصدرها وتسمح ببيع أراضي الدولة بالأمر المباشر والأخرى التي تمنع إبطال العقود الإدارية التي تبرمها الدولة مع المستثمرين حتى ولو تبيّنت مخالفتها للقانون.
واعتبر منصور أن "الشعب هو الذي جاء به على رأس الوطن"، وأنه استطاع العبور به من حالة اللادولة إلى حالة الدولة.
ويأتي هذا التصريح من منصور على الرغم من أن المتظاهرين الذين نزلوا إلى الميادين في 30 يونيو الماضي لم يطالبوا به رئيساً للجمهورية، وعلى الرغم أيضاً من أن رئيسه الأسبق، المستشار فاروق سلطان، سبق أن رفض عرضاً مماثلاً بعد تنحي حسني مبارك في 11 فبراير/ شباط 2011 مع أن بعض مجموعات من ثوار يناير كانت تطالب آنذاك بإسناد السلطة لرئيس المحكمة الدستورية.
كذلك تجاهل منصور في خطابه العاطفي الحديث عن الدماء الغزيرة التي أريقت في عهده، سواء في جريمتي فض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر أو في العمليات العسكرية التي لم تسفر عن شيء في شمال سيناء. كذلك تجاهل الأحداث الدامية التي شهدها صعيد مصر في دلجا بالمنيا وغيرها من الوقائع التي مثلت مفاصل تحكم قوات الانقلاب العسكرية والشرطية في الشارع المصري.
ولم يتحدث منصور عن التقارير الدولية التي أكدت وجود آلاف المعتقلين من دون جريمة في سجون نظام الانقلاب منذ تظاهرات يوليو/ تموز وحتى الآن. ولم يتطرق أيضاً إلى القوانين والقرارات المثيرة للغضب الشعبي والانتقاد الدولي، مثل قانون منع التظاهر وقرار إعادة مواطنين إلى السجون بدعوى حماية النظام العام بعد استقرار مراكزهم الديموقراطية. كذلك لم يتطرق إلى الحملات الأمنية التي استهدفت شباب ثورة 25 يناير وانتهت بالحكم على بعضهم بالسجن بدعوى مخالفة القانون.
وتجاهل منصور فشل دولته في التسويق للانقلاب حول العالم، الأمر الذي أدى بوسائل الإعلام الأوروبية والأميركية إلى انتقاد ما شهدته البلاد من ظواهر سلبية غير ديموقراطية وترويج الحكومة لشخص عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
ولم يمر وقت طويل على فشل مصر المحدق في ملف حوض النيل وطرد مسؤول حكومي إعلامي مصري من أديس أبابا منذ أسابيع باعتباره شخصاً غير مرغوب فيه في إثيوبيا، وعدم تحقيق أي تقدم لإنقاذ مصر من أخطار سد النهضة.