تُعتبر المنشطات من أكثر الأمور المُحرمة في عالم الرياضة، وذلك لأنها تمنح الرياضي قوة إضافية يتفوق بها على منافسيه بسهولة، وهو ما يُصنف تحت صفة "الغش". لكن هناك طريقة أخرى يمكن للرياضي بها الحصول على منشطات طبيعية من دمه، والتي تمنحه طاقة أكبر للمنافسة وهو ما يوازي "EPO"، الدواء الذي يُستعمل في الحالات الطبية.
ما هي وظيفة الـ "EPO"؟
يتغذى جسم الإنسان من المواد الأولية، مثل الأوكسجين والغلوكوز وغيرهما، وذلك لتحويلها إلى طاقة تتوزع على كافة أعضاء الجسد، وبذلك تسير الدورة الدموية في كل يوم. وعندما يمارس الشخص الرياضة ترتفع نسبة حاجته للأوكسجين والمواد الأولية من أجل تعويض ما خسره والاستمرار في المحافظة على الطاقة، خصوصاً انتشار الكريات الحمراء في الدم المسؤولة عن توزيع الأوكسجين في كافة أنحاء الجسم.
وفي هذا الإطار يأتي دور الدواء "EPO" المعروف أيضاً بـ "Erythropoietin"، وهو الهرمون الذي يُعوض ما تفرزه الكلية ويُساهم في إنتاج الكرات الدموية الحمراء في الجسم، والذي لو حصل نقص فيه يتعرض الشخص أو الرياضي لمشاكل في التنفس وفقدان كبير للطاقة البدنية.
وتستعمل المستشفيات الهرمون "EPO" من أجل المساهمة في تعزيز الكريات الحمراء في الدم، ويُستعمل طبياً بشكل عام للمرضى الذين يعانون من فقر الدم وأي مرض مُزمن آخر يؤثر على الدم، وذلك لمساعدة المريض على كسب طاقة أكبر وتتحسن قدرته على التحرك بنسبة كبيرة.
لذلك عندما يقرر الرياضي استخدام هذا المنشط خلال المنافسات الرياضية، فإن الأمر يُعتبر مخالفاً للقوانين الرياضية التي تحظر استعمال المنشطات القوية بكافة أشكالها، إذ إن الرياضي الذي يستعمل "EPO" تتسع لديه القدرة التنفسية ويكسب مزيداً من الطاقة للتفوق على الخصوم، وذلك عبر زيادة الكريات الحمراء في الجسم. لكن استعمال هذا المنشط قد يُسبب مشاكل كبيرة، وذلك لأن زيادة عدد الكريات الحمراء عن المُعدل الطبيعي قد يؤدي إلى سكتة دماغية أو أزمة قلبية مفاجئة خلال ممارسة النشاط الرياضي، ومن هنا جاءت منشطات الدم السرية التي تُصنف غشاً أيضاً لكن من الصعب كشفها.
منشطات الدم
يسحب الرياضي دماء ويضعها في بلاكيت خاصة. يُخزنها لأسابيع داخل الثلاجة (ثلاثة أسابيع كحد أقصى). يستعملها قبل المنافسة الرياضية عبر إعادتها إلى الجسد. إنها منشطات الدم السرية، والتي من الصعب أن تُكشف لأنها تستعمل مادة طبيعية وهي الدم.
إن هذه الطريقة من المنشطات تمنح الرياضي نفس تأثيرات استعمل الدواء "EPO" وتُسبب نفس الخطر على حياة الرياضي. والمثير أن استعمال "EPO" وحقن الدماء هما من التصرفات غير شرعية في عالم الرياضة مع بعض الاستثناءات الطبية إن وجدت ويقررها الاتحاد الدولي للمنشطات، إلا أن استعمال الدم كمنشطات بعد فترة من تخزينه يُستعمل حالياً من دون كشفه.
فمثلاً الرياضي الذي يتدرب على علو يُناهز الـ 6000 قدم فوق المستوى البحر سيواجه صعوبة كبيرة في التنفس والتحرك بشكل طبيعي، إلا أن استعمال "EPO" أو المنشطات في الدم يؤدي إلى زيادة في الكريات الحمراء وبالتالي ترتفع نسبة الأوكسجين في الجسم.
وكانت وكالة مكافحة المنشطات قد أشارت في وقت سابق إلى أن "Erythropoietin" مادة غير مُحرمة بنسبة كبيرة ويمكن استعمالها في حالات خاصة للرياضي وبموافقة من الطبيب الخاص والاتحاد نفسه، وذلك بعد إعداد تقرير طبي خاص عن حالة الرياضي الطبية، وفي هذه الحالة يمكن استعمال هذا الدواء بنسبة صغيرة لكيلا يؤدي الأمر إلى مشاكل صحية لدى الرياضي.
الاستعمال وصعوبة الكشف
ذكرت التقارير أن طريقة المنشطات عبر الدم بدأت في الألعاب الأولمبية 1968 في المكسيك في منافسات أجريت على علو نحو 2,240 متراً فوق مستوى البحر. وكان من الضروري زيادة عدد الكريات الحمراء في الدم لعدم التأثير السلبي على طاقة الرياضي بسبب العلو المرتفع والنقص في الأوكسجين.
كذلك استعمل الرياضيون منشطات الدم في فترة ما بين 1970 و1980، ولم يتم حظر هذه الطريقة إلا في عام 1986 بعد الألعاب الأولمبية في لوس أنجليس 1984، وذلك عندما كشفت الصحف الرياضية أن فريق الدراجات الهوائية الأميركي قدم عرضاً قوياً بسبب عملية نقل الدم إلى الرياضيين.
ويُعتبر من الصعب الكشف عن حالات الحصول على منشطات بالدم، خصوصاً في حالة نقل الدم قبل الدخول في المنافسة الرياضية المُحددة. في عام 2006، اعتقلت الشرطة الإسبانية طبيب فريق الدراجات الهوائية في مدريد واكتشفت 99 بلاكيت من الدم مُخزنة لكي تُستعمل في وقت لاحق.
كذلك تم التحقيق مع الدراج تايلر هاميلتون زميل الدراج الشهير لانس أرمسترونغ من قبل الاتحاد الدولي للألعاب الأولمبية خلال أولمبياد أثينا عام 2004، وذلك بعد النتائج الإيجابية لفحص الدم الذي أظهر دخول عينات من الدم بنسبة كبيرة، إلا أنه أفلت من التحقيقات بسبب عدم قدرة تحديد إن كانت العملية طبيعية أو استعمال دماء مجمدة.
وفي هذا الإطار يقول دكتور مايكل أشيندين المختص في عملية التنشيط بالدم والمشرف على قضية أرمسترونغ آنذاك، إنه من الصعب إيجاد فحص يكشف إن كان الرياضي حصل على جرعات إضافية من الدم في جسمه عبر استعمال كمية مخزنة، والأمر ما زال حتى اليوم صعباً للكشف إلا في الحالات النادرة أو اعتراف الرياضي نفسه.