تتأهب الدول المنتجة للنفط لأسوأ السيناريوهات وهو مواصلة الأسعار انهيارها، حيث اتجهت دول الخليج نحو إصلاحات مالية صعبة وإجراءات تقشفية، في حين أكدت روسيا أنها مستعدة لنزول الأسعار حتى 30 دولارا للبرميل، ما يعكس إصرار الجميع على الاستمرار في لعبة عض الأصابع وحرب النفط الرخيص.
ويدفع تراجع أسعار النفط لأقل من 38 دولاراً، دول الخليج نحو منعطف صعب، عبر القيام بإصلاحات مالية مؤلمة، لتجنب استهلاك احتياطاتها النقدية التي جمعتها خلال السنوات السبع الماضية.
وفي هذا الإطار توقع خبراء أن تشهد ميزانية 2016 هبوطا عن المستويات المألوفة في السنوات الماضية، كإجراء طبيعي ومتوقع لاستمرار تهاوي أسعار النفط.
وحسب الخبراء، ستضطر دول الخليج وخاصة السعودية والكويت وقطر لاتخاذ خطط تقشفية بالغة القسوة، وتوقف مشاريع البنى التحتية غير الملحة، وسيكون المتضرر الأول من ذلك هو خط سكة الحديد الجديد الذي سيربط دول الخليج بتكلفة نحو 22 مليار دولار في هذا الوقت.
وتتجه السعودية المتضرر الأكبر من الأزمة إلى اتخاذ خطوات جادة نحو تقليص الميزانية، وأكدت مصادر في وزارة المالية أن الحديث يدور حول ميزانية لا تتجاوز 160 مليار دولار، وهي تقل بنحو 60 مليارا عن ميزانية عام 2015 والتي يتوقع أن يزيد العجز بها نتيجة هبوط أسعار النفط والحرب في اليمن.
وبدأت الحكومة السعودية في إجراءات تقشفية عبر التأهب للتخلي عن بعض الدعم الحكومي للخدمات وتطبيق تعرفة جديدة للمياه والكهرباء، في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل، كما تدرس جديا زيادة أسعار الوقود.
ويؤكد المحلل المالي فريد العمري، لـ"العربي الجديد"، على أن استمرار هبوط الأسعار قد يدخل السعودية في مشكلة تجبرها على الاستمرار في السحب من الاحتياطي النقدي.
ويضيف أنه "في حال استمرار الأسعار حول مستوى 40 دولارا للبرميل؛ فهذا يعني أن ما تجنيه من النفط بالكاد يكفي لتغطية الرواتب والمصاريف التشغيلية الأساسية".
اقرأ أيضاً: روسيا تستبعد ارتفاع أسعار النفط عن 50 دولاراً للبرميل
وكان تقرير لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية حذر من أن عدداً من دول المنطقة يمكن أن ينفد النقد بها خلال خمس سنوات أو أقل، نتيجة لتراجع سعر النفط، مشددة على أن دول مثل الكويت وقطر والإمارات، تمكنت من تنويع اقتصادياتها بعيدا من النفط عقب تراجع سعره إلى النصف خلال عام.
وفي الطرف الآخر الذي يصر على زيادة الإنتاج وعدم التعاون مع "أوبك"، أعلنت الحكومة الروسية استعدادها لتحمل أسعار النفط عند 30 دولارا للبرميل، وجاء ذلك رغم أن الاقتصاد الروسي يعد أكبر المتضررين من تهاوي أسعار النفط حاليا وفقدانها نحو 60% من قيمتها منذ منتصف عام 2014، وتعد روسيا واحدة من أكبر منتجي النفط حول العالم إذ تنافس كلا من السعودية والولايات المتحدة؛ وهى ليست عضوا بمنظمة مصدري النفط "أوبك".
وأكدت وزارة المالية والبنك المركزي في روسيا استعدادهما لسعر النفط عند 30 إلى 35 دولارا للبرميل؛ وذلك في ظل استمرار هبوط أسعار النفط، والتي سجلت مستويات قياسية متدنية منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في أغسطس من العام 2008.
وحسب "روسيا اليوم" فإن وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف لم يستبعد خلال اجتماع عمل حضره مسؤولون في الصناعة النفطية بمدينة قازان يوم السبت الماضي، أن ينخفض سعر برميل النفط في عام 2016 إلى 30 دولارا، منوها إلى أن روسيا التي يمثل النفط مصدرا هاما للدخل فيها، تأخذ بالحسبان هكذا سيناريو.
وقال الوزير الروسي: "تشير كل الدلائل إلى أن الغلبة في العام المقبل ستكون لأسعار النفط المنخفضة. وقد تهبط في بعض الأحيان إلى 30 دولارا للبرميل. علينا أن نحتاط لاحتمال استمرار أسعار النفط في الانخفاض".
يأتي ذلك عقب قرار المصرف المركزي الروسي يوم الجمعة الماضي عدم خفض سعر الفائدة الرئيسي للمرة الثالثة في غضون أربعة أشهر، وذلك لاستبعاد أية عوامل قد تهدد آفاق انتعاش النمو الاقتصادي.
وقالت ألفيرا نابيؤلينا محافظ المصرف المركزي الروسي عقب اجتماع مجلس إدارة المصرف نهاية الأسبوع الماضي: "إن المركزي وضع سيناريو مخاطر، تحسبا لبقاء سعر النفط قرب 35 دولارا للبرميل على مدار السنوات الثلاث المقبلة".
اقرأ أيضاً:
روسيا تتوقع استمرار أزمة النفط فترة طويلة
النفط إلى أدنى الأسعار.. وأوبك تفقد سيطرتها على الأسواق