مناطق الأدب المعتمة

18 نوفمبر 2014
+ الخط -
يضمّ كتاب "عبد الفتاح كيليطو: متاهات الكتابة" الصادر مؤخرًا عن دار توبقال (تنسيق عبد الجليل ناظم)، دراسات حول أعمال صاحب "الكتابة والتناسخ"، أنجزها باحثون من جامعات مغربية وأجنبية، من اختصاصات شتّى (فلسفة، لسانيات، نقد أدبي، سيميولوجيا).

إذ حاول، كلّ من زاويته، الكشف عن الأنساق المتشابكة لقضيتي القراءة والكتابة كما تتمظهران أو تتواريان في نصوص كيليطو، النقدية منها أم التخييلية، وخاصّة مجموعته القصصية "حصان نيتشه" وروايتيه الأخيرتين "خصومة الصّور" و"أنبئوني بالرؤيا". 

وأجمعت الدراسات على صعوبة وضع أعمال كيليطو ضمن تصنيف محدّد أو حصره بين أسيجة معيار نقدي معيّن. والظاهر أنّ فرادته تكمن في هذه النقطة بالذات، إذ هو يتجاوز الحدود والتخوم اﻷجناسية المتداولة، ويؤسس لجنس أدبي يحمل بصمته الخاصة؛ "إنّ إحدى مهام الكاتب هي أن يتبنّى نبرة ويحتفظ بها ويجعل القارئ يتقبلها". نبرةٌ تأويليةٌ حادّة كعين النسر، قادرة على التقاط ما هو منسيّ في المتون، لاستنطاق مكنوناتها. 

تكمن خصوصية أعمال كيليطو في علاقتها بالأدبين العربي والغربي، فإلى جانب الهمذاني والحريري والجاحظ والجرجاني والمعري، نجد دانتي وبورخيس وسرفانتس، إلى جانب فلاسفة الحداثة ونقّادها؛ موريس بلانشو وجيل دولوز، ورولان بارث.

المهم في الأمر، تلك المسافة النقدية المزدوجة التي تسمح لكيليطو اكتشاف "مجرّات التأثير والتناص"، وما هو خلّاق وقادر على اختراق ما يظهر، وما يختفي من الحواجز التي تفصل الإبداع عن الحياة، والماضي عن الحاضر.

وبالتقاطع مع هذا الطرح يقول الناقد خالد بلقاسم: "بعد عثور كيليطو على التفصيل الصغير، تنطلق المصاحبة عبر إقامة طويلة وشاقة. سندها استنبات اللبس والارتياب وسوء الفهم. وهي مفهومات يتقاطع فيها الفكر مع الأدب. يبني كيليطو للتفصيل الصغير وشائج جديدة وعلاقات مذهلة". 

تدور أعمال كيليطو حول المناطق المعتمة للأدب، فهو من المؤلفين الذين يحضرون في كتاباتهم بكيفية ملتوية وغير مباشرة، كما أنّ هذه الكتابات لصيقة باستراتيجيات مختلفة لِعِبَرِ القراءة.
المساهمون