في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، جنوب لبنان، كثير من البيوت التي تحتاج إلى ترميم. لكنّ سكانها ما زالوا ينتظرون. تؤكد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، (أونروا)، على أنّها نظرت في الطلبات المقدمة إليها، وتمت الموافقة على أسماء أصحابها. ومع ذلك لم تصل أيّ مساعدة، رغم سنوات طويلة على تقديم الطلبات.
من هؤلاء المتضررين هدى خليل خليل. بيتها يحتاج إلى ترميم، وسقف منزلها مهدد بالسقوط في أيّ لحظة. تقول: "منذ أربعة عشر عاماً قدمنا طلباً للأونروا لمساعدتنا في ترميم منزلنا، فحضر المهندسون وكشفوا على المنزل، ووعدونا بكلّ خير. بعدها أتت مجموعة أخرى والتقطت صوراً للمنزل. وجاءت مجموعة ثالثة قيّمت الوضع وأكدت أحقيتنا بمساعدة الترميم. لكن، وفي كل مرة نتلقى وعداً بالمساعدة، لا يتحقق شيء. وحتى اليوم لم تصل المساعدة. وفي المرة الأخيرة التي زاروني فيها أكدوا لي أن اسمي من بين الأسماء الواردة الموافق عليها، وقالوا لي إنّ المساعدة ستصل بعد رمضان (يوليو/ تموز الماضي)، بخمسة عشر يوماً، بلا نتيجة". وتضيف: "بحسب ما علمت، فإنّ المساعدات تصل إلى أشخاص معينين بحسب واسطتهم، ولا تصل لمَن لا يملكون مثل هذه الواسطة".
من جهته، يقول أمين سر اللجنة الشعبية في المخيم، أبو ربيع: "مشكلة إدخال مواد البناء إلى المخيم ليست لدى الأونروا، ولا الدولة اللبنانية". ويفسر: "كلّ واحد من القيّمين على عملية البناء والترميم، بات يمرر المواد لمن يخصّونه من دون تمريرها لمستحقيها من أصحاب الطلبات المهددين بوقوع الأسقف على رؤوسهم. وبذلك، وصلت المساعدات إلى أشخاص بنوا منازل فوق منازل أهلهم، أو في أماكن أخرى، بالمحسوبية فقط. أما عندما ترتفع أصوات المطالبين أصحاب الحق، فيقول هؤلاء إنّ الحق على الأونروا والدولة".
دور الأجهزة اللبنانية
كذلك، يقول المسؤول في اللجنة، كمال الحاج، إنّ "ملف ترميم المنازل شائك، ويرتبط بموضوع التمويل. وهناك منازل عدة في المخيم آيلة للسقوط، سببها الأول الطريقة العشوائية التي يتم البناء على أساسها، والحرارة المرتفعة والرطوبة اللتان تؤثران في البناء". ويتابع: "العديد من المنازل تحتاج إلى ترميم، أو إعادة الإعمار، وهذه المشكلة ليست موجودة فقط في مخيم عين الحلوة، لكنها ظاهرة منتشرة في كافة المخيمات الفلسطينية على الأراضي اللبنانية. وهو ما يحتاج إلى تمويل ضخم جداً". مع العلم أنّ مشاريع الأونروا في مختلف القطاعات، غالباً ما ينقصها التمويل.
ويتابع الحاج: "بالإضافة إلى ذلك، هناك مسائل تتعلق بالأجهزة الأمنية اللبنانية، فهي من يجب أن يتولى إدارة عملية وصول مواد البناء إلى مستحقيها، من خلال معرفة أسماء الأشخاص الذين قدموا طلباتهم وينتظرون وصول المساعدات إليهم. فالأجهزة اللبنانية هي التي توافق على إدخال المواد، أو لا توافق. لكن، في ظل الوضع الراهن، يحرم أشخاص من دخول المواد إليهم حتى لو كانت بيوتهم مهددة، بينما تدخل المواد إلى من لا يحتاجونها، بفعل المحسوبيات".
ويتابع: "من جهتنا، في اللجنة الشعبية، لم نتدخل بالأمر ولم نفرض رأينا. وإذا أردنا أن نرفع صوتنا فذلك من باب المصلحة العامة ومن منطلق الأحقية، لأنّ هذا الملف يعني كل بيت فلسطيني في المخيم بحاجة لترميم". ويضيف: "من منطلق هذه المصلحة ورفض المحسوبية، يجب علينا الضغط على الأونروا من أجل وصول المساعدة إلى مستحقيها من دون شروط معينة. وبذلك، يحصل على الموافقة صاحب كلّ بيت مهدد بالسقوط. ويجب أن لا تعمد أيّ جهة سياسية إلى تعطيل شروط البناء والترميم بحسب مزاجها، فتلبية مصالح الناس يجب أن تقدّم على كلّ شيء آخر".