في مدينة ميدلت الجميلة، التي تتوسط مدينتي مكناس والرشيدية في المغرب، تأسرك المناظر الطبيعية وأشجار الأرز الشامخة. وعلى مقربة منها، تقع بعض القرى التي تشتهر بمناجمها على غرار ميبلاضن وأحولي. عمر هذه المناجم من عمر حقبة الاستعمار البريطاني. في ذلك الوقت، شكلت أساس ونواة اقتصاد المدينة، واستقطبت أيدي عاملة كثيرة من مختلف مناطق المملكة، بالإضافة إلى الأجانب.
الشركة البريطانية المشغّلة لهذه المناجم غادرت البلاد عام 1974، من دون أن ترثها أية شركة أخرى. ولأن سكان المنطقة لا يتقنون أي عمل آخر باستثناء التنقيب عن المعادن والأحجار الثمينة، واصلوا العمل فيها بصورة عشوائية هذه المرة، وأدوات بدائية. يصعب الدخول والسير في غالبية هذه المناجم اليوم، وتنقصها شروط السلامة، ما يعرّض أبناء المنطقة الباحثين عن المعادن الثمينة للخطر.
بالرغم من أن هذه المناجم باتت مهجورة اليوم، فما زال أبناء المنطقة يُعرّضون أنفسهم لمخاطر كثيرة للحصول على معادنها، لتأمين قوتهم اليومي.
يحكي عمر، وهو عامل سابق في أحد المناجم، لـ"العربي الجديد"، قصة المنجم الذي لم يبق منه إلا مصاعد ضخمة مهترئة وبعض القناطر الحديدية والخشبية. يقول: "عملت في هذا المنجم خلال وجود الشركة البريطانية. كان كل شيء جميلاً والخير كثيرا. ومع مغادرتها البلاد، تغير كل شيء". يُضيف أن "أرباح المنجم تجاوزت ملايين الدراهم خلال فترة الاستعمار".
بدوره، يقول محمد، أحد أبناء المنطقة، لـ"العربي الجديد": "أعمل مستخدماً معدات بدائية لاستخراج بعض الرصاص والنحاس. أخاطر بنفسي لدخول هذا المنجم الذي قد ينهار على رأسي في أي وقت". يضيف: "في بعض الأحيان، أضطر للمكوث داخل المنجم لأيام. فالمسار طويل، وعليّ المشي كثيراً كي أجد بعض المعادن".
يحملُ المنقّبون مصباحاً يدوياً وقبعة ومطرقة مسمار كبيرة تستخدم للحفر. هي معدات بدائية بسيطة. علماً أن هذا العمل يتطلب معدات متطورة لاستخراج المعادن. في السياق، يقول العامل أحمد لـ"العربي الجديد": "أُثبّت هذا المصباح على قبعتي لأنير به مسارات الأنفاق المظلمة، والمكان الذي سأبدأ فيه الحفر".
يُدرك معظم أبناء المنطقة العاملين في هذا القطاع أن عملهم غير قانوني، وأنهم يخاطرون بأرواحهم في هذه المناجم. إلا أنها لقمة العيش، يقول أحمد. ليس الرجل الوحيد الذي يخاطر بنفسه من أجل كسب قوت يومه. القصص كثيرة يحفظها أهالي المنطقة. فكثيرون قضوا نحبهم خلال عملهم في هذه المناجم، وهم يبحثون عن الأحجار والمعادن.
يقول أحمد إن "عدداً كبيراً من العمال ماتوا خلال سبر أغوار هذه المناجم. منهم من اختنق داخل الأنفاق، أو سقطت عليه حجارة كبيرة، أو انهارت فوق رأسه أجزاء من أسقف المغارات". يتابع أن "غالبية الناجين من الموت يعانون اليوم من أمراض تنفسية وجلدية".
من جهته، يقول مصطفى، أحد سكان المنطقة، لـ"العربي الجديد"، إن غالبية الشباب العاملين في التنقيب قد ورثوا هذه المهنة. يوضح: "ورثت هذا العمل عن والدي، وسلكت درب البحث عن الرزق في باطن الأرض. الفرق بيني وبينه أنني أعمل بصفة غير شرعية، فيما كان والدي يتقاضى راتباً شهرياً. كما أن المنطقة لا توفر فرص عمل أخرى".
معظم العاملين في هذا القطاع لا يستفيدون من المعادن والأحجار التي يستخرجونها. يقول سي أحمد: "نعاني كثيراً من أجل دراهم معدودة، خاصة أننا نعمل بشكل غير قانوني. وبالتالي نبيع ما نستخرجه بالخفاء لأشخاص يجنون ربحاً كبيراً جراء بيعهم هذه المعادن".
نساء
لا يقتصر عمل التنقيب في المناجم على الرجال فقط، فبعض النساء يضطررن للعمل في هذه المهنة أيضاً، منهن فاطمة التي توفي زوجها اختناقاً. فكان عليها أن تعمل لتعيلَ أطفالها الأربعة. تقول لـ"العربي الجديد": "توفي زوجي بسبب عمله في المناجم. لكن ما من معيل للأسرة غيري. ولا أتقن أي عمل باستثناء التنقيب، علماً أن هذا العمل بالرغم من صعوبته، إلا أنه يستهوي أهالي المنطقة".
بالإضافة إلى مخاطر التنقيب، تضطر نساء أخريات إلى ممارسة مهام أخرى، كرعي الأغنام وجمع الأعشاب. عملٌ لا يقلّ خطورة عن التنقيب ربما. تقول عائشة لـ"العربي الجديد": "نحن لسنا بمعزل عن الخطر. فالمنطقة مليئة بالثعابين والحشرات المؤذية التي قد تلدغنا في أية لحظة خلال بحثنا عن النباتات العطرية. لكن ليس باليد حيلة".
الشركة البريطانية المشغّلة لهذه المناجم غادرت البلاد عام 1974، من دون أن ترثها أية شركة أخرى. ولأن سكان المنطقة لا يتقنون أي عمل آخر باستثناء التنقيب عن المعادن والأحجار الثمينة، واصلوا العمل فيها بصورة عشوائية هذه المرة، وأدوات بدائية. يصعب الدخول والسير في غالبية هذه المناجم اليوم، وتنقصها شروط السلامة، ما يعرّض أبناء المنطقة الباحثين عن المعادن الثمينة للخطر.
بالرغم من أن هذه المناجم باتت مهجورة اليوم، فما زال أبناء المنطقة يُعرّضون أنفسهم لمخاطر كثيرة للحصول على معادنها، لتأمين قوتهم اليومي.
يحكي عمر، وهو عامل سابق في أحد المناجم، لـ"العربي الجديد"، قصة المنجم الذي لم يبق منه إلا مصاعد ضخمة مهترئة وبعض القناطر الحديدية والخشبية. يقول: "عملت في هذا المنجم خلال وجود الشركة البريطانية. كان كل شيء جميلاً والخير كثيرا. ومع مغادرتها البلاد، تغير كل شيء". يُضيف أن "أرباح المنجم تجاوزت ملايين الدراهم خلال فترة الاستعمار".
بدوره، يقول محمد، أحد أبناء المنطقة، لـ"العربي الجديد": "أعمل مستخدماً معدات بدائية لاستخراج بعض الرصاص والنحاس. أخاطر بنفسي لدخول هذا المنجم الذي قد ينهار على رأسي في أي وقت". يضيف: "في بعض الأحيان، أضطر للمكوث داخل المنجم لأيام. فالمسار طويل، وعليّ المشي كثيراً كي أجد بعض المعادن".
يحملُ المنقّبون مصباحاً يدوياً وقبعة ومطرقة مسمار كبيرة تستخدم للحفر. هي معدات بدائية بسيطة. علماً أن هذا العمل يتطلب معدات متطورة لاستخراج المعادن. في السياق، يقول العامل أحمد لـ"العربي الجديد": "أُثبّت هذا المصباح على قبعتي لأنير به مسارات الأنفاق المظلمة، والمكان الذي سأبدأ فيه الحفر".
يُدرك معظم أبناء المنطقة العاملين في هذا القطاع أن عملهم غير قانوني، وأنهم يخاطرون بأرواحهم في هذه المناجم. إلا أنها لقمة العيش، يقول أحمد. ليس الرجل الوحيد الذي يخاطر بنفسه من أجل كسب قوت يومه. القصص كثيرة يحفظها أهالي المنطقة. فكثيرون قضوا نحبهم خلال عملهم في هذه المناجم، وهم يبحثون عن الأحجار والمعادن.
يقول أحمد إن "عدداً كبيراً من العمال ماتوا خلال سبر أغوار هذه المناجم. منهم من اختنق داخل الأنفاق، أو سقطت عليه حجارة كبيرة، أو انهارت فوق رأسه أجزاء من أسقف المغارات". يتابع أن "غالبية الناجين من الموت يعانون اليوم من أمراض تنفسية وجلدية".
من جهته، يقول مصطفى، أحد سكان المنطقة، لـ"العربي الجديد"، إن غالبية الشباب العاملين في التنقيب قد ورثوا هذه المهنة. يوضح: "ورثت هذا العمل عن والدي، وسلكت درب البحث عن الرزق في باطن الأرض. الفرق بيني وبينه أنني أعمل بصفة غير شرعية، فيما كان والدي يتقاضى راتباً شهرياً. كما أن المنطقة لا توفر فرص عمل أخرى".
معظم العاملين في هذا القطاع لا يستفيدون من المعادن والأحجار التي يستخرجونها. يقول سي أحمد: "نعاني كثيراً من أجل دراهم معدودة، خاصة أننا نعمل بشكل غير قانوني. وبالتالي نبيع ما نستخرجه بالخفاء لأشخاص يجنون ربحاً كبيراً جراء بيعهم هذه المعادن".
نساء
لا يقتصر عمل التنقيب في المناجم على الرجال فقط، فبعض النساء يضطررن للعمل في هذه المهنة أيضاً، منهن فاطمة التي توفي زوجها اختناقاً. فكان عليها أن تعمل لتعيلَ أطفالها الأربعة. تقول لـ"العربي الجديد": "توفي زوجي بسبب عمله في المناجم. لكن ما من معيل للأسرة غيري. ولا أتقن أي عمل باستثناء التنقيب، علماً أن هذا العمل بالرغم من صعوبته، إلا أنه يستهوي أهالي المنطقة".
بالإضافة إلى مخاطر التنقيب، تضطر نساء أخريات إلى ممارسة مهام أخرى، كرعي الأغنام وجمع الأعشاب. عملٌ لا يقلّ خطورة عن التنقيب ربما. تقول عائشة لـ"العربي الجديد": "نحن لسنا بمعزل عن الخطر. فالمنطقة مليئة بالثعابين والحشرات المؤذية التي قد تلدغنا في أية لحظة خلال بحثنا عن النباتات العطرية. لكن ليس باليد حيلة".