مليشيات عراقية: باقون في سورية ولو رحل الأسد

21 ابريل 2017
تنضوي 13 مليشيا عراقية بـ"الحشد الشعبي" (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تؤكد مصادر مقرّبة من مليشيات عراقية نافذة في الملف السوري، ارتفاع عدد المسلحين العراقيين الذين يقاتلون إلى جانب قوات نظام بشار الأسد إلى أكثر من 16 ألف مقاتل، موزعين على مدن وبلدات مختلفة ضمن 13 فصيلاً مسلحاً، جميعها تمتلك تمثيلاً رئيسياً في مليشيات "الحشد الشعبي" في العراق، ويعتبر تواجدها العسكري في سورية فرعياً.

في هذا السياق، تفيد الأرقام الجديدة، أن نسبة الذين التحقوا من المليشيات العراقية في سورية خلال عام واحد فقط، بلغت 3 آلاف مقاتل، انتقلوا بشكل علني وعبر مطارات العراق وعلى مرأى ومسمع من حكومة رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى سورية. ويحظى أفراد تلك المليشيات بحصانة كبيرة داخل العراق، ناتجة عن الدعم الإيراني لهم، إذ يتقاضون مرتبات جيدة مقارنة بأقرانهم في مليشيات الحشد الذين يقاتلون داخل العراق. كما ينالون رعاية صحية جيدة، ويحملون بطاقات تعريف يطلق عليها اسم "هويات المدافعين عن العقيلة" في إشارة إلى مرقد السيدة زينب في دمشق.

وتبرر الحكومة العراقية مشاركة مليشيات تحظى بدعمها في العراق بالقتال في سورية، إلى جانب الأسد، بأنها لا تستطيع منعهم من المغادرة، وسبق أن قال وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، إنه "لم يعط إذناً لأحد للذهاب إلى سورية، ولم يطلب منا أحد الإذن أو ترخيصنا"، معتبراً أنّ "الحكومة العراقية لا تستطيع منع أحد من الذهاب للقتال في سورية أو أي دولة أخرى".

ووفقاً للقاءات أجرتها "العربي الجديد"، في الأيام الماضية، مع قيادات بارزة في مليشيات تقاتل داخل سورية إلى جانب نظام الأسد، فضلاً عن تسريبات من داخل بغداد والنجف، فإن "طرحاً جديداً بدأ يظهر في أوساط تلك المليشيات، وهو القتال في سورية حتى لو غادر الأسد السلطة". وذلك بهدف ما يصفوه "الإبقاء على محور المقاومة، وعدم ترك سورية لمحور الشر الأميركي الصهيوني الوهابي"، حسبما رددت أكثر من شخصية مليشياوية في بغداد.

وفي الخامس عشر من الشهر الحالي بعد الضربة الصاروخية الأميركية لقاعدة الشعيرات السورية، عُقد في دمشق اجتماع ضمّ قيادات وشخصيات مليشياوية نافذة، غالبيتها عراقية، تناول سيناريوهات عدة في سورية بحضور شخصيات إيرانية من الحرس الثوري. وتمّ التداول بأفكار، من بينها فكرة الانفصال عن قوات النظام والعمل على ضم متطوعين سوريين من مدن الساحل السوري وتسليمهم مهمة قيادة فصائل المليشيات، وإبرازهم إعلامياً كـ"قوات شعبية رافضة للاحتلال، ورافضة لمؤامرة استهداف سورية"، على أن تذوب معها شعارات التأييد والولاء لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، وتغليب الشعارات العقائدية كالدفاع عن المراقد الدينية المقدسة وحماية محور المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفقاً لما كشف عنه مصدر مقرب من تلك المليشيات لـ"العربي الجديد".



من جهته، أكد محسن سيد الموسوي، وهو مسؤول بارز في مليشيا "أبو الفضل العباس"، التي تقاتل في سورية إلى جانب الأسد، صحة تلك المعلومات بقوله "ومن قال إننا نقاتل حباً ببشار الأسد؟ إن الموضوع أكبر من ذلك بكثير". وأضاف في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "الملف في سورية عقائدي وهو بيد المرشد علي خامنئي".

مليشيا "كتائب سيد الشهداء"، وهي من المليشيات التي أُعلن عن تأسيسها عام 2013، في مؤتمر عام بمدينة مشهد الإيرانية، هي مليشيا متعددة الجنسيات، وتضمّ غالبية عراقية، تليها إيرانية ثم أفغانية. في هذا الصدد، نوّه القائد العسكري لتلك المليشيا، فالح الخزعلي، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "قتالهم موضوع عقائدي".

وأضاف أن "القتال في سورية والعراق هو جبهة واحدة بالنسبة لنا مع حزب الله اللبناني والوحدات العسكرية الإيرانية والإخوة المتطوعين الآخرين". وتابع "لو كانت هناك آلية تتيح للشعب السوري اختيار نظام جديد بديلاً عن الأسد لأيدناه، لكن لا يوجد، ومحاولة إزاحته بالقوة أو التهديد أو بتوافق صفقات دولية غربية غير مقبول إطلاقاً، لذا نحن في سورية سواء بقي الأسد أو رحل لن نترك سورية".



وأشار الخزعلي الذي شاركت المليشيا التي يقودها في معركة الشيخ مسكين وجوبر وبلدات عدة في ريف دمشق وحلب، إلى أن "الفصائل المجاهدة شكلت محور الدفاع عن حرم السيدة زينب وهناك فتوى شرعية بذلك". ولفت إلى أن "هناك مفاوضات كجنيف 1 و2 و3 وعشر مفاوضات، لسنا معنيين بها، كونها غير مجدية والمعارضة لا تمتلك تصوراً واضحاً. ونحن مع الطرح الروسي الإيراني القديم المتجدد، وهو إجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة في كل المدن السورية لكن المعارضة ترفضه وتطالب الأسد بالتنحي". وشدّد أنه "على الجميع أن يعلم أن هناك أقليات وهناك مقدسات لدينا سنبقى من أجلها".

بدوره، أكد الخبير بشؤون الجماعات المسلحة، حسين عباس الوائلي، لـ"العربي الجديد"، الطرح الجديد للمليشيات الموالية لإيران بالعراق، مبيّناً أن "إيران خلقت هذه الورقة مبكراً تحسباً للإطاحة بالأسد وحتى تبقى لاعباً مؤثراً بالساحة السورية". ورأى أن "الإطاحة بالأسد يعني انهيار قواته النظامية وبالتالي احتراق ورقة وجود قوات الحرس الثوري والباسيج الإيرانية، التي تدّعي طهران أنها موجودة بناءً على طلب الأسد".

ووصف الوائلي الحكومة العراقية بأنها "أضعف من أن تمارس دوراً إيجابياً في الضغط على الآلاف من أفراد المليشيات العراقية للقتال في سورية، خصوصاً بعد التصريحات المتكررة من زعماء مليشيات الحشد حول عبورهم الحدود والانتقال إلى سورية بعد انتهاء المعارك في الموصل".

وتنتشر 13 مليشيا عراقية تحمل أسماء مختلفة تعمل جميعها تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني، من أبرزها مليشيا "أبو الفضل العباس"، ومليشيا "لواء أسد الله الغالب"، ومليشيا كتائب "حزب الله العراقي" ومليشيا كتائب "سيد الشهداء"، ومليشيا "الوعد الصادق"، ومليشيا "لواء كفيل زينب"، ومليشيا "حركة النجباء"، ومليشيا "بدر"، ومليشيا "لواء ذو الفقار"، ومليشيا "المؤمل"، ومليشيا "كتائب الثأر"، وتتميز تلك المليشيات باحتوائها على عناصر إيرانيين وأفغان فضلاً عن متطوعين سوريين موالين للأسد.