ويتضمن مشروع قانون "الحرس الوطني العراقي"، ضمّ أبناء المحافظات ذات الغالبية العربية السنيّة في شمال وغرب العراق، ليتولّوا مهمة الأمن وطرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من مناطقهم، وتقليل الاحتكاك الطائفي مع قوات الجيش، فضلاً عن إبعاد المليشيات عن تلك المناطق. وتدعم الولايات المتحدة ودول عربية وغربية مختلفة، مشروع القانون، الذي تعهّد رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، بإقراره عند توليه منصبه.
وهدّدت قيادات من "الحشد الشعبي"، أخيراً، بـ"معاقبة كل من يصوّت على مشروع القانون"، الذي أجّل البرلمان التصويت عليه للمرّة الثالثة على التوالي خلال هذا الأسبوع. ويعتبر قادة "الحشد" تشكيل "الحرس الوطني"، ضربة لمصالحهم وللامتيازات التي حصلوا عليها، الأمر الذي دفعهم إلى زجّ أنفسهم داخل البرلمان للحشد ضدّ القانون.
ويكشف مصدر في "التحالف الوطني" لـ"العربي الجديد"، أنّ "قادة الحشد الشعبي المرتبطين بالتحالف الوطني، ومنهم هادي العامري، وأبو مهدي المهندس، يرون في إقرار قانون الحرس الوطني، ضربة للحشد في الصميم، كونه سيكون قوّة منافسة له، إذ إنّ تشكيله يلغي الحاجة إلى وجود الحشد".
ويضيف أنّهم "يتحرّكون الآن مع معظم قادة الحشد، لتشكيل ما يشبه اللوبي داخل البرلمان، يعارض إقرار القانون، على اعتبار أنّ قانون الحرس الوطني يتعارض مع فتوى المرجعية، التي تشكّل الحشد وفقاً لها". ويشير المصدر ذاته إلى أنّ هؤلاء القادة "تمكّنوا من حشد أصوات كثيرة داخل كتل التحالف، الأمر الذي سيعيق تمرير المشروع بكل الأحوال"، مبيّناً أنّ "استخدام اسم المرجعيّة وتعارض مشروع القانون مع فتواها، يثير تحفّظ الكثير من نواب التحالف وانفعالهم ضد إقراره".
من جهته، يرى القيادي في "تحالف القوى العراقيّة"، أحمد سلمان، أنّ "قانون الحرس نقطة محوَريّة لحلّ الخلافات بين الكتل السياسية". ويقول سلمان لـ"العربي الجديد"، إنّ "المليشيات ستبذل جهدها لعرقلة القانون، لأنّه ينفي الحاجة لوجودها، وهي اليوم تتحرّك بشرعية تامة ومحميّة بالقانون"، مشيراً إلى أنّ "قانون الحرس هو نتيجة لاتفاق سياسي، تمّ قبل تشكيل الحكومة. وعلى الرغم من الحاجة له أمنياً، فإنّنا نحتاجه سياسياً، كون التوافق عليه مهم في المرحلة الحالية، ويساعد على توافقات لإقرار قوانين أخرى يحتاجها الشارع العراقي"، داعياً رئيس الوزراء إلى "بذل جهده لتمرير القانون وقطع الطريق أمام العابثين بأمن البلاد".
اقرأ أيضاً: تعديلات خطة تأمين بغداد تُقصي المليشيات
ويعتبر القيادي في جبهة "الحراك الشعبي"، محمد عبدالله، لـ"العربي الجديد"، أنّ الحرس الوطني سيكون حارساً ذاتياً للمدن السنية، ولا تقضي مهمته بأذية أحد، وهذا ما سيسحب البساط من أي نفوذ إيراني في شمال وغرب العراق"، مضيفاً أنّ "إيران والموالين لها في العراق، لا يرضيهم هذا التشكيل، حتى مع ضمانات أنّه سيحرّر المدن وينهي خطر داعش عن الجنوب والوسط، ويوقف إراقة الدماء"، معتبراً أنّ للموضوع أبعاداً مستقبلية، إذ يعي الإيرانيون خطورتها عليهم، "فاستقلال الأنبار والموصل الحدودية مع تركيا وسورية والأردن والسعودية، وإيقاف الزحف الإيراني، أمر مزعج لهم، لذا تسعى إلى وقفه، وأتوقع أنها، إنْ عجزت عن ذلك، ستسعى إلى تشويهه".
في المقابل، يعتبر النائب عن "التحالف الوطني"، عباس البياتي، أنّ قانون الحرس الوطني خطر على وحدة البلاد، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "القانون سيضرب المنظومة الأمنية بالصميم، من خلال تجزئتها وتشكيل جيش داخل جيش، الأمر الذي سيؤثر سلباً على أمن البلاد"، مرجّحاً "عدم التوافق على إقراره داخل البرلمان خلال الفترة القريبة، لأنّ معظم الكتل أدركت خطورته، ما سيتسبّب بخلاف سياسي بشأنه".
بدوره، هدّد حزب الله العراق، أخيراً، "كل من يصوّت على قانون الحرس الوطني"، وأنّه سيفضحه ويقدّمه إلى "عدالة الشعب". وجاء في بيان الحزب، "نمرّ في هذا الظرف الحساس والحرج من تاريخ بلدنا الجريح، وما يظهره الأعداء المتربصون من أميركا وداعش وما شابههم.. تألّمنا عندما علمنا أنّ البرلمان يسعى لتمرير قانون ما يسمى بالحرس الوطني، سيئ الصيت، بهذه الصيغة والآلية التي وضعت فيها بصمات أعداء العراق والمتآمرين على حماة الشعب المظلوم". وحذّر البيان، "سنقول وبالفم الملآن، سنتصدّى بقوة لكل خائن لدماء الشهداء وتضحيات الجرحى وتطلعات الأيتام، وسنفضح من يصوّت على هذا القانون الخبيث وسنقدمه لعدالة الشعب".
اقرأ أيضاً: العراق: خسائر الجيش والمليشيات تليّن الموقف من العودة الأميركية