قدم لاجئاً الى بريطانيا ثم تحول الى واحد من كبار الاثرياء وملاك العقارات، ثم ظهر على حقيقته بعدما تعقبه أكبر بنك في كازاخستان في المحاكم البريطانية. انه الملياردير المحتال الكازاخستاني، مختار ابليازوف، الذي دوخ المحاكم في بريطانيا قبل أن تتمكن المحكمة العليا في لندن من إدانته قبل عامين.
يقبع الملياردير ابليازوف الآن في أحد السجون الفرنسية بعد هروبه من بريطانيا، ومطاردات في منتجعات أوروبا الفاخرة من قبل فريق تحريات خاص استأجره بنك "بي تي أيه" الذي تعرض للانهيار بسبب سرقاته.
ومنذ خبر اعتقاله في مدينة كان الفرنسية، تترقب المحكمة العليا في لندن وصول ابليازوف، الذي يعد أكبر ملياردير محتال تمكنت المحكمة العليا في لندن من ادانته بعد إحدى عشرة قضية متواصلة رفعت ضده، حيث أدين أخيراً بتهم اختلاس أموال طائلة. الملياردير اللغز، هو وزير الطاقة والتجارة الكازاخستاني الاسبق مختار ابليازوف الذي كان رئيساً لمصرف "بي تي اف" في كازاخستان.
لقد اختلس ابليازوف أموالاً طائلة من البنك الكازاخستاني تفوق 6 مليارات دولار. تسببت هذه السرقات عملياً في تكبد البنك الكازاخستاني خسائر باهظة أفضت الى مطالبات مالية من قبل العملاء والدائنين قدرت بحوالى 18 مليار دولار. وانتهت بانهيار بنك "بي تي ايه" بعد هروب ابليازوف بفترة قليلة من العاصمة الكازاخستانية المآتا.
هرب ابليازوف الى بريطانيا في العام 2009 ، بعدما حول الاموال التي نهبها من بنك "بي تي ايه" الى مجموعة من الحسابات البنكية، يبدو أنه وزعها بذكاء خارق على حسابات بمصارف "أوفشور" متعددة في جزر الكاريبي وجزر بريطانية ضمن شبكة معقدة من الشركات القابضة. وحينما لاحقه الفريق القانوني للبنك الكازاخستاني في بريطانيا ورفع ضده قضية في المحكمة العليا بلندن، ادّعى الملياردير المحتال، أن الرئيس الكازاخستاني نور سلطان يلاحقه لأسباب سياسية وأنه أنشأ حزباً سياسياً لمعارضته. ومن هذا المنطلق فإن القضية ضده، قضية سياسية أكثر من كونها قضية اختلاس وسرقات.
وبناء على هذه الادعاءات، التي ثبت عدم صحتها في المحكمة العليا في لندن لاحقاً، حصل ابليازوف على حق اللجوء السياسي، واشترى منزلاً فخماً في شارع "بيشوب أفنيو" الراقي الواقع في منطقة هامستيد غربي لندن.
وللذين يعرفون لندن، فإن هذا الشارع تحديداً من شوارع المليارديرات، حيث بدأ يتعرف على الطبقة الارستقراطية في لندن ويحصل على عضوية النوادي الخاصة، يساعده في ذلك صرف باذخ، بهر حتى الأثرياء في لندن. وتمكن ابليازوف في فترة وجيزة من اقتناء عقارات استراتيجية فاخرة في لندن والريف البريطاني، حيث اشترى ضيعة في مقاطعة سري ومساكن في عدد من الاحياء الراقية بلندن.
وقدرت قيمة العقارات التي تملّكها في بريطانيا وحدها، والتي حصرتها المحكمة في العام 2012 ووضعت اليد عليها بنحو 150 مليون جنيه استرليني (نحو 270 مليون دولار).
وبعد سلسلة من القضايا التي رفعها بنك "بي تي ايه" على ابليازوف في لندن والبالغة 11 قضية فشل معظمها، نجح محامو الادعاء في توثيق الاحتيال الضخم الذي قام به ابليازوف على البنك الكازاخستاني وكيفية سرقاته التي تسببت في انهيار المصرف.
وفي العام 2012 حكمت المحكمة العليا بلندن على الملياردير ابليازوف بإرجاع 6 مليارات دولارات للبنك الكازاخستاني، كما حكمت عليه بالسجن 22 شهراً بسبب احتقاره للمحكمة، حيث وجدت المحكمة ابليازوف محتالاً ومزوراً وكاذباً ومختلساً. وقد انهار الدفاع بعد مواجهته بالحقائق الدامغة.
لكن المحكمة العليا البريطانية لم تتمكن من العثور على جميع الاموال التي اختلسها وأخفاها في حسابات سرية، حيث لم يسترجع البنك الكازاخستاني من أمواله التي يطالب بها سوى 4 مليارات دولار من أصل 6 مليارات في الدعوى القضائية.
وكانت المفاجأة للمحكمة العليا، هروب ابليازوف الى خارج بريطانيا بعد صدور الحكم، حيث بدأت رحلة أخرى من المطاردات من قبل فريق تحقيق خاص استأجره البنك الكازاخستاني. وبعد عامين من البحث تمكن فريق التحقيق من رصد الاماكن التي يتواجد فيها الملياردير المحتال.
وفي فيلا فاخرة في مدينة كان يبدو أنه أشتراها من ملياراته المخفية في دهاليز البنوك الغربية، تمت مداهمته من قبل الشرطة الفرنسية، حيث اعتقل وأودع في احد السجون الفرنسية.
ورغم أن ابليازوف سيرحّل أولاً الى بريطانيا، حيث سيعاقب بجريمة احتقاره للقضاء، يلاحظ أن هنالك عدة دول تطالب السلطات الفرنسية بترحيله اليها وهي روسيا وأوكرانيا وكازاخستان، وكلها تطلبه للمثول أمام محاكمها بتهم الاختلاس.