ملتقى مسلمي فرنسا السنوي يواجه تصاعد الإسلاموفوبيا

13 مايو 2016
يتوقع أن يستقطب الملتقى170 ألف زائر(العربي الجديد)
+ الخط -
ينعقد الملتقى السنوي الـ33 لمسلمي فرنسا وأوروبا، في الضاحية الباريسية من 13 إلى 16 مايو/ أيار الجاري، في فترة بالغة الصعوبة والتعقيد؛ فالاعتداءات الإرهابية التي طاولت عواصم أوروبية بينها باريس وبروكسل، وقبلها تدفق موجات من المهاجرين واللاجئين على أوروبا، تسببت في تصاعد العنصرية والإسلاموفوبيا وكراهية الأجانب، ما ساعد على تمدد الأحزاب والتيارات العنصرية المتطرفة، كما دعم وصول فاشيين عنصريين إلى السلطة في بلدان أوروبية، مع احتمال فوز مرشح يميني متطرف برئاسة النمسا.

وإن كان لكل بلد أوروبي خصوصياته، فإن السمة الغالبة على مسلمي أوروبا يمكن تلخيصها في القلق من المستقبل، في ظل تنامي مشاعر الخوف من الإسلام والتشكيك في ملاءمته لقوانين الدول الأوروبية. ولعل المثال الفرنسي أكثر دلالة على المحنة التي يعانيها المسلمون في الاندماج، فالقراءة الصارمة للعلمانية الفرنسية تجعلهم مُطالَبين بالتبرير وبكشف اندماجهم وبإعلان ولائهم المستمر للمبادئ الجمهورية والعلمانية.

يأتي هذا في الوقت الذي لا تتوقف فيه وسائل إعلام اليمين المتطرف عن وصفهم بالطابور الخامس ومطالبتهم بالرحيل. وفي كل مرة يخرج متطرّفو العلمانية الفرنسية (مانويل فالس وإيزابيل بادنتر وغيرهما) ليكشفوا أن الحجاب في المدارس يعادي العلمانية، ولعل آخر اكتشافاتهم تتمثل في أن العلمانية تستوجب حظره في الجامعات أيضا، كما تقتضي مقاطعة كل شركات الموضة التي تنفتح على الزيّ الإسلامي، باعتباره "يُعبّر عن الاستعباد".

وفي ظل هذه الظروف السياسية والمجتمعية بالغة التعقيد، يكتسي هذا اللقاء أهمية كبرى، ليس فقط لأن الزائرين من المسلمين سيحملون تساؤلاتهم وقلقهم، في مختلف أوجه الحياة، وينتظرون أجوبة من مسؤولي الديانة الإسلامية، بينما يشهد تمثيل المسلمين في فرنسا تشرذما مثيرا للشفقة، يدفع السلطات السياسية الفرنسية أحيانا إلى عدم استشارتهم في مواضيع من صلب اهتمامهم، وهو ما لا تتجرأ على فعله مع ممثلي ديانات أخرى.

كما أن السلطات السياسية الفرنسية ومعها الأحزاب السياسية، تراقب وتتابع ما يجري وتحلل كل الردود والتصريحات والمواقف، في وقت بدأت فيه حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية مبكّرا، وبشكل عنيف وبحضور قويّ لمواضيع تخص الإسلام والاندماج، والصوت الإسلامي أثبت أن له قدرة على الحسم، كما فعل لصالح المرشح فرانسوا هولاند سنة 2012.

مُنظِّمو اللقاء الإسلامي في اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، تعرّضوا في الآونة الأخيرة، لاتهامات كثيرة بسبب مزاعم بـ"قربهم" من حركة الإخوان المسلمين، والتي وعد مانويل فالس بمحاربتها. لكن أحد مسؤوليهم أكد لـ"العربي الجديد"، أنّ "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا لم يُخلّ أبدا بقوانين الجمهورية. وأن كثيرا من الطلبات الرسمية أنجزها الاتحاد قبل عشرين سنة، ولم يشأ الإعلام الفرنسي أن يتوقف عندها، والمتمثلة في إلقاء الخُطَب الدينية باللغة الفرنسية". وأضاف "وفيما يخص تكوين الأئمة كنّا سباقين إلى المطالبة بتنفيذه". لقد حسمنا منذ فترة طويلة الفرق بين "الإسلام في فرنسا" و"الإسلام الفرنسي".



لكن ما يقلق السلطات الفرنسية، كما يقول الباحث الفرنسي، جمال الحمري، الذي نظم "أول لقاء للمفكرين المسلمين الفرنكوفونيين" في باريس، مؤخرا، "هو الحرية والاستقلالية التي يعمل بها اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، إلى جانب إتاحة الفرصة لمفكرين إسلاميين مُجدّدين للعمل، ومن بينهم طارق رمضان وطارق أوبرو وغيرهما".

وعلى عادة هذه اللقاءات التي تستخدم شعارات إنسانية جامعة، ينعقد "اللقاء السنوي لمسلمي فرنسا"، تحت شعار "معاً نبني المستقبل. سلام، اتّحادٌ وأُخُوَّة". ويُعوّل المشرفون على اللقاء الذي يستقبل مسلمين من فرنسا وأوروبا وأيضا غير مسلمين يريدون اكتشاف الإسلام والتعرف إلى مواطنيهم من ديانة أخرى، على حضور كثيف، ربما يتجاوز 170 ألف زائر.

وليس بخاف على أحد أن حضور المفكر السويسري طارق رمضان، الذي يحظى بجمهور خاص، منذ أكثر من عشرين سنة، يشكل حدثا في حد ذاته. كما أن حضور الداعية الإسلامي عمر عبد الكافي، حدث مهم هو الآخر.

وإذا كان كثيرون في فرنسا من مسلمين وغيرهم، يرون في هذا اللقاء دليلا على الحرية والتسامح الذي تعرفه فرنسا تجاه قسم من مواطنيها، إلا أن الدوائر الصهيونية واليمينية لم تخف رغبتها في إلغائه.