ملايين لا تُعدّ في العراق

16 مارس 2016
43.5 % إعاقات خلقية و20% مرضيّة من المجموع(فرانس برس)
+ الخط -
يقدّر تجمّع المعوقين في العراق عدد الأشخاص المعوقين في البلاد بثلاثة ملايين، وهو رقم يؤيده رئيس المنظمة العربية للمعوّقين، موفق الخفاجي. ثلاثة ملايين معوّق يعادلون سكان بلد ما. لم تُصنّف إعاقات هؤلاء وطبيعتها وتوزَّع تبعاً لدراسات حديثة، لكنها تعود في معظمها إلى التخلف والحروب والتفجيرات التي تحصد الناس في الشوارع والمقاهي والمنازل. وبما أنّ نسبة المعوّقين، بحسب بعض البيانات، تتراوح ما بين 10 و12% من السكان، فهذا يعني أكثر من ثلاثة ملايين. وكانت المتحدثة باسم منظمة "ميرسي كور"، تيانا تورز، قد أكدت أنّ في عام 1977 كانت نسبة الإعاقة في العراق 9 % من السكان، وكان عدد السكان 12 مليوناً فقط. كان العدد نحو مليون معوّق في مرحلة لم يكن العراق قد غاص في تلك الحروب المتتابعة، بالتالي يصبح عدد الملايين الثلاثة أقل من المتوقع، خصوصاً أنّ النسبة المتداولة في العراق هي أن في مقابل كل عشر ضحايا ثمّة خمسة معوّقين.

لدى العودة إلى الوراء، يتبين كيف "صنعت" الإعاقة على امتداد عقود متلاحقة. في عام 1997 أظهر التعداد العام للسكان وجود 244 ألفاً و659 معوقاً. بالقياس إلى عدد السكان، يكون لدينا ما نسبته 1.3، أي 172 ألفاً و765 من الذكور (70%) و71 ألفاً و894 من الإناث (30%). أما أبرز ثلاثة أسباب للإعاقات فهي: الحروب 18.5%، إعاقات خلقية 43.5%، وإعاقات مرضية 20%.

في عام 2003، ظهر أن عدد معوّقي الحرب المنتسبين إلى "هيئة رعاية معوقي الحرب" بلغ 43 ألفاً و600 معوّق، من بينهم 5600 يعانون من عجز كامل. تحدثنا في مقال سابق عن 80 إلى 100 ألف فقدوا أطرافهم السفلية بسبب الألغام، فيما لا تتوفّر تقديرات لعمليات بتر في الأطراف العلوية. لكن دراسات تشير إلى 800 ألف تعرضوا للإعاقة بسبب الألغام وحدها (تشمل الإعاقات هنا أعضاء مختلفة). وتكمل الأرقام الإضافية بعض معالم الصورة المتوفرة، ليتبين أن عدد المكفوفين يتراوح ما بين 75 و100 ألف، فيما يتراوح عدد المهددين بالعمى وفقدان البصر أو ضعف البصر الحاد ما بين 200 و250 ألف شخص.

نحن نتحدث عن ملايين الأشخاص المعوّقين الذين هم بحاجة ماسة إلى أطرف صناعية ومستلزمات المساعدة على الحياة، للتعويض عن النقص الذي يعانيه الجسم. سبق أن تحدثنا عن قصور في دور وزارة الصحة، لكن الحقيقة أن الأوضاع أشد سواداً مما ورد سابقاً، إذ يتبين أن كل ما تملكه الحكومة من مراكز في عموم العراق لا يزيد عن 21 مركزاً لإعادة التأهيل، و12 ورشة فقط لتصنيع الأطراف الصناعية. هي 12 ورشة لتزويد 800 ألف بما يحتاجونه من أطراف مفقودة. بالتأكيد، يتعذّر فتح مزيد من المراكز والورش، نظراً للافتقار إلى أطباء وفنيين لازمين لتشغيل هذه المراكز والورش، وكذلك لتعذّر الحصول على مواد أولية لازمة لصناعة الأجهزة والوسائل البديلة، باعتبار أن الأموال تُنهَب أو توظّف في محاربة الإرهاب.

*أستاذ في كلية التربية- الجامعة اللبنانية

اقرأ أيضاً: بلاد الرافدَين بلاد المعوّقين
دلالات
المساهمون