تحمل ابنة السنوات الأربع عشرة كيساً أخضر، وتتقدّم في اتجاه هؤلاء الذين ينتظرونها في الجهة الأخرى. تلتفت إلى المركبة البيضاء التي أقلتها، كأنها تريد التأكّد من أنّ أحداً لا يلحق بها.. كأنها تريد التثبّت من أنّ أحداً لن يطرحها أرضاً من جديد، ويعتقلها بتهمةٍ ليست تهمةً.
وإذ تطمئنّ، تبتسم وتحثّ خطاها. يتهافت الموجودون لاستقبال الطفلة البطلة، فتصافح أحدهم، فيما ينزع آخر كوفيّته ويضعها على كتفَيها، ويقبّل ثالث رأسها. وتكمل طريقها إلى حضن والدتها، فيلتقط مصوّر "فرانس برس" جعفر أشتيه لحظة عناق الأم وصغيرتها تحت زخات المطر.
تحاول المراهقة منع نفسها من ذرف الدموع والبقاء متماسكة. أما الوالدة فلا تكتفي من تقبيلها بشفتَين بللتهما العبرات. هي افتقدت صغيرتها طوال شهرَي اعتقالها. والفتاة أيضاً اشتاقت لأمها في زنزانتها الباردة. صحيح أنّ الأسيرات الأخريات في سجن "هشارون" العسكري حاولن التعويض عليها، إلا أنّ حضن أمها لا يعوّض. ويقترب والدها، ليضمّ بدوره ابنته الصغرى إلى صدره.
عند حاجز "جبارة" العسكري بالقرب من مدينة طولكرم (شمال الضفة الغربيّة)، أطلقت سلطات الاحتلال أمس الأول سراح المراهقة الصغيرة التي اتهمتها برمي الحجارة على سيارات المستوطنين وامتلاك سكين، واعتقلتها من بلدتها بيتين بالقرب من رام الله في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
هي ملاك الخطيب.. أصغر أسيرة فلسطينيّة في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وتهمتها: مقاومة.