تحوّل الجدل حول المدن الأميركية التي تشكل ملاذات آمنة للمهاجرين غير الشرعيين، إلى عنوان رئيسي في السجال حول سياسات الهجرة في الولايات المتحدة
بعد خمسة أيام فقط على وصوله إلى البيت الأبيض، سارع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إصدار قرار تنفيذي يعاقب "مدن الملاذ" أي الولايات والمدن الأميركية التي تشكل ملاذات آمنة للمهاجرين غير الشرعيين، ويحرم السلطات المحلية فيها من المنح المالية الفدرالية في حال رفضت التعاون مع مفتشي السلطات الفدرالية التي تتعقب هؤلاء المهاجرين من أجل ترحيلهم إلى خارج الولايات المتحدة.
جاء قرار ترامب في سياق سلسلة من القرارات التنفيذية الأخرى التي اتخذها في الأيام الأولى من ولايته الرئاسية، تنفيذاً لوعود انتخابية كان قد تعهد بها لأنصاره خلال حملته الرئاسية، بهدف ترحيل أكثر من 11 مليون مهاجر من دول أميركا اللاتينية يقيمون في الولايات المتحدة بطريقة غير قانونية، وذلك في سياق أجندة سياسية عنصرية معادية للمهاجرين.
لكنّ رد المعترضين على القرار التنفيذي للرئيس لم يتأخر، إذ شهدت المدن الأميركية حينها تظاهرات احتجاجية على غرار تلك التي اجتاحت البلاد عقب قرار ترامب منع دخول رعايا عدد من الدول الإسلامية إلى الولايات المتحدة. لم يكن غريباً أن يأتي الرد الأساسي والحاسم من كاليفورنيا معقل الحزب الديمقراطي وأكبر الولايات الأميركية في المساحة والكثافة السكانية، وأكثرها اكتظاظاً بالمهاجرين غير الشرعيين، فقد أصدر القاضي الفدرالي في الولاية ويليام أوريك في شهر إبريل/ نيسان الماضي أمراً قضائياً يعطل القرار الرئاسي بسبب تضاربه مع مبدأ فصل السلطات. الأسبوع الماضي بالذات أصدر القاضي نفسه أمراً بإبطال قرار لوزير العدل جف سيشنز هدد بفرض عقوبات مالية على السلطات المحلية في 29 مدينة بسبب عدم تعاونها مع السلطات الفدرالية وتبنيها سياسات تحمي المهاجرين غير الشرعيين من عمليات الترحيل.
اقــرأ أيضاً
وبحسب بعض التقديرات يوجد في كاليفورنيا وحدها، التي يفوق عدد سكانها 40 مليون نسمة، نحو أربعة ملايين مهاجر غير شرعي تسعى إدارة ترامب إلى ترحيلهم إلى المكسيك والبلدان اللاتينية الأخرى. ويزعم المطالبون بترحيل هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين أنّ كلفة إقامتهم على الأراضي الأميركية تستنزف الخزينة، إذ تقدر الكلفة السنوية للمهاجر الواحد بأكثر من ستة آلاف دولار. لكنّهم يتجاهلون حقيقة أنّ كثيرين منهم يعملون ويدفعون الضرائب للحكومة.
خمس ولايات كبيرة في أميركا تعتمد قوانين تحد من تعاون الشرطة المحلية مع الشرطة الفدرالية في تعقب المهاجرين غير الشرعيين، منها نيويورك وإيلينوي وفرجينيا. وبحسب معلومات "مركز موارد المهاجر" فإنّ نحو 633 مدينة وبلدة في الولايات المتحدة تعتبر ملاذات آمنة للمهاجرين غير الشرعيين المعرضين للترحيل، إذ تمنع قوانينها المحلية السلطات الفدرالية من التعرض لهؤلاء إلاّ في حال ارتكاب جرائم.
لا يمكن وضع تعريف محدد لمفهوم الملاذات، فالقوانين الحمائية للمهاجرين غير الشرعيين تختلف وتتفاوت بحسب المدن والولايات، وبحسب سيطرة أيّ من الحزبين الجمهوري أو الديمقراطي على مجالسها التمثيلية وحكوماتها. ففي الولايات الديمقراطية مثل كاليفورنيا ونيويورك أو مدينة شيكاغو في ولاية إيلينوي حيث أصدر قاض فدرالي مؤخراً حكماً بإبطال قرار ترامب حرمان المدينة من المنح الفدرالية، لا يحق لرجال الشرطة سؤال المواطنين عن أوراقهم الثبوتية وهوياتهم إلاّ في حال وقوع جريمة أو مخالفة قانونية.
ليس من السهل وضع لائحة بالمدن التي يمكن اعتبارها مكاناً آمناً للمهاجرين، فالأمر متعلق بالجهة السياسية الحاكمة وطبيعة التكوين الديموغرافي والإثني للقاطنين في المدينة أو الولاية. في كاليفورنيا على سبيل المثال، فإنّ ذوي الأصول اللاتينية والأفريقية والآسيوية يشكلون غالبية السكان، وهي ولاية عصية على الحزب الجمهوري الذي يعتمد على الناخبين البيض ذوي الأصول الأوروبية.
يعتبر دونالد ترامب، ومن خلفه اليمين الأميركي المتطرف والجمهوريون، أنّ "مدن الملاذ" هي في الحقيقة ملاذات آمنة للمجرمين، ويقولون إنّ الكثير من الجرائم كان من الممكن تجنب وقوعها لو جرى ترحيل المهاجرين غير الشرعيين.
بالإضافة إلى فرض عقوبات مالية على السلطات المحلية، يطلب القرار التنفيذي الرئاسي الذي أصدره ترامب في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي من وزارة الداخلية البدء بإصدار نشرة أسبوعية عن لائحة بالأعمال الجرمية التي يرتكبها المهاجرون غير الشرعيين وتسمية السلطات القضائية التي تجاهلت تلك الجرائم.
يعتبر عدد من رجال القانون أنّ فرض عقوبات مالية فدرالية على السلطات المحلية هو أمر يتعارض مع الدستور الأميركي. ويقولون إنّ ترامب والرؤساء الذين سيأتون من بعده إلى البيت الأبيض سيلحقون ضرراً كبيراً بالنظام السياسي الأميركي من خلال إجبار السلطات المحلية في الولايات والمدن على الإذعان لإملاءات الرئيس وقراراته التنفيذية من دون الرجوع إلى الكونغرس، وهذا يهدد مبدأ أساسياً في النظام السياسي وهو مبدأ الفصل بين السلطات الفدرالية والسلطات المحلية.
اقــرأ أيضاً
بعد خمسة أيام فقط على وصوله إلى البيت الأبيض، سارع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إصدار قرار تنفيذي يعاقب "مدن الملاذ" أي الولايات والمدن الأميركية التي تشكل ملاذات آمنة للمهاجرين غير الشرعيين، ويحرم السلطات المحلية فيها من المنح المالية الفدرالية في حال رفضت التعاون مع مفتشي السلطات الفدرالية التي تتعقب هؤلاء المهاجرين من أجل ترحيلهم إلى خارج الولايات المتحدة.
جاء قرار ترامب في سياق سلسلة من القرارات التنفيذية الأخرى التي اتخذها في الأيام الأولى من ولايته الرئاسية، تنفيذاً لوعود انتخابية كان قد تعهد بها لأنصاره خلال حملته الرئاسية، بهدف ترحيل أكثر من 11 مليون مهاجر من دول أميركا اللاتينية يقيمون في الولايات المتحدة بطريقة غير قانونية، وذلك في سياق أجندة سياسية عنصرية معادية للمهاجرين.
لكنّ رد المعترضين على القرار التنفيذي للرئيس لم يتأخر، إذ شهدت المدن الأميركية حينها تظاهرات احتجاجية على غرار تلك التي اجتاحت البلاد عقب قرار ترامب منع دخول رعايا عدد من الدول الإسلامية إلى الولايات المتحدة. لم يكن غريباً أن يأتي الرد الأساسي والحاسم من كاليفورنيا معقل الحزب الديمقراطي وأكبر الولايات الأميركية في المساحة والكثافة السكانية، وأكثرها اكتظاظاً بالمهاجرين غير الشرعيين، فقد أصدر القاضي الفدرالي في الولاية ويليام أوريك في شهر إبريل/ نيسان الماضي أمراً قضائياً يعطل القرار الرئاسي بسبب تضاربه مع مبدأ فصل السلطات. الأسبوع الماضي بالذات أصدر القاضي نفسه أمراً بإبطال قرار لوزير العدل جف سيشنز هدد بفرض عقوبات مالية على السلطات المحلية في 29 مدينة بسبب عدم تعاونها مع السلطات الفدرالية وتبنيها سياسات تحمي المهاجرين غير الشرعيين من عمليات الترحيل.
وبحسب بعض التقديرات يوجد في كاليفورنيا وحدها، التي يفوق عدد سكانها 40 مليون نسمة، نحو أربعة ملايين مهاجر غير شرعي تسعى إدارة ترامب إلى ترحيلهم إلى المكسيك والبلدان اللاتينية الأخرى. ويزعم المطالبون بترحيل هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين أنّ كلفة إقامتهم على الأراضي الأميركية تستنزف الخزينة، إذ تقدر الكلفة السنوية للمهاجر الواحد بأكثر من ستة آلاف دولار. لكنّهم يتجاهلون حقيقة أنّ كثيرين منهم يعملون ويدفعون الضرائب للحكومة.
خمس ولايات كبيرة في أميركا تعتمد قوانين تحد من تعاون الشرطة المحلية مع الشرطة الفدرالية في تعقب المهاجرين غير الشرعيين، منها نيويورك وإيلينوي وفرجينيا. وبحسب معلومات "مركز موارد المهاجر" فإنّ نحو 633 مدينة وبلدة في الولايات المتحدة تعتبر ملاذات آمنة للمهاجرين غير الشرعيين المعرضين للترحيل، إذ تمنع قوانينها المحلية السلطات الفدرالية من التعرض لهؤلاء إلاّ في حال ارتكاب جرائم.
لا يمكن وضع تعريف محدد لمفهوم الملاذات، فالقوانين الحمائية للمهاجرين غير الشرعيين تختلف وتتفاوت بحسب المدن والولايات، وبحسب سيطرة أيّ من الحزبين الجمهوري أو الديمقراطي على مجالسها التمثيلية وحكوماتها. ففي الولايات الديمقراطية مثل كاليفورنيا ونيويورك أو مدينة شيكاغو في ولاية إيلينوي حيث أصدر قاض فدرالي مؤخراً حكماً بإبطال قرار ترامب حرمان المدينة من المنح الفدرالية، لا يحق لرجال الشرطة سؤال المواطنين عن أوراقهم الثبوتية وهوياتهم إلاّ في حال وقوع جريمة أو مخالفة قانونية.
ليس من السهل وضع لائحة بالمدن التي يمكن اعتبارها مكاناً آمناً للمهاجرين، فالأمر متعلق بالجهة السياسية الحاكمة وطبيعة التكوين الديموغرافي والإثني للقاطنين في المدينة أو الولاية. في كاليفورنيا على سبيل المثال، فإنّ ذوي الأصول اللاتينية والأفريقية والآسيوية يشكلون غالبية السكان، وهي ولاية عصية على الحزب الجمهوري الذي يعتمد على الناخبين البيض ذوي الأصول الأوروبية.
يعتبر دونالد ترامب، ومن خلفه اليمين الأميركي المتطرف والجمهوريون، أنّ "مدن الملاذ" هي في الحقيقة ملاذات آمنة للمجرمين، ويقولون إنّ الكثير من الجرائم كان من الممكن تجنب وقوعها لو جرى ترحيل المهاجرين غير الشرعيين.
بالإضافة إلى فرض عقوبات مالية على السلطات المحلية، يطلب القرار التنفيذي الرئاسي الذي أصدره ترامب في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي من وزارة الداخلية البدء بإصدار نشرة أسبوعية عن لائحة بالأعمال الجرمية التي يرتكبها المهاجرون غير الشرعيين وتسمية السلطات القضائية التي تجاهلت تلك الجرائم.
يعتبر عدد من رجال القانون أنّ فرض عقوبات مالية فدرالية على السلطات المحلية هو أمر يتعارض مع الدستور الأميركي. ويقولون إنّ ترامب والرؤساء الذين سيأتون من بعده إلى البيت الأبيض سيلحقون ضرراً كبيراً بالنظام السياسي الأميركي من خلال إجبار السلطات المحلية في الولايات والمدن على الإذعان لإملاءات الرئيس وقراراته التنفيذية من دون الرجوع إلى الكونغرس، وهذا يهدد مبدأ أساسياً في النظام السياسي وهو مبدأ الفصل بين السلطات الفدرالية والسلطات المحلية.