ويأتي هذا التصعيد في الداخل بشكل لافت بعد اعتقال القيادي البارز في الحركة، الدكتور سليمان إغبارية، وتمديد اعتقاله مجدداً، رغم إعلانه إضراباً مفتوحاً عن الطعام، واعتقال المسؤول في لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة للعرب في الداخل، فراس العمري، ومنع عشرات من النشطاء والأنصار العاديين للحركة من الوصول إلى القدس المحتلة والصلاة في المسجد الأقصى، ومواجهة قطعان المستوطنين هناك. لا يمكن بطبيعة الحال عزل هذه الملاحقة، التي تركز نشاطها أخيراً على نشطاء وأعضاء الحركة، لا سيما أن هويتهم معروفة لكون حركتهم كانت علنية وقانونية، عن حملات الاعتقال والملاحقة التي شنتها سلطات الاحتلال قبل عدة أشهر ضد نشطاء التجمع الوطني الديمقراطي تحديداً، الذي أسسه وقاده حتى خروجه إلى المنفى القسري، المفكر العربي عزمي بشارة.
لكن ما لا يمكن تجاهله، أو عدم ملاحظته، ربما بفعل حجم غيابه، هو الصمت الغريب الذي تتلفع به الحركات والأحزاب العربية الفاعلة في الداخل، التي تكتفي كما يبدو، ببيانات الشجب والاستنكار الروتينية. في المقابل تنذر هذه الاعتقالات في صفوف الحركة الإسلامية، المحظورة اليوم، بحسب إجماع عدد من الباحثين، شاركوا في ندوة نظمها التجمع الوطني الثلاثاء الماضي، بعودة حكومة الاحتلال إلى ممارسة سياسات وأدوات كانت اعتمدتها إبان فترة الحكم العسكري الذي فرضته على فلسطينيي الداخل، طيلة 19 عاماً منذ النكبة. ويبدو أن هذا التصعيد يستمد قوته وزخمه مما لمسته المؤسسة الإسرائيلية من تراخ في أداء الأحزاب العربية، ورهانها شبه الوحيد تقريباً على العمل البرلماني، وترك العمل الشعبي، ما يعزز الحاجة إلى إعادة النظر في هذه السياسة وجدوى هذا الرهان لصالح إعادة الاعتبار إلى العمل الجماهيري والشعبي، ودراسة جدوى الانخراط في العمل البرلماني من عدمه بصورة جدية.