مكالمة هاتفية تحرم رونالدو وميسي من اللعب في فريق واحد

18 اغسطس 2020
ميسي ورونالدو نجما كرة القدم العالمية (جوسي لاغو/ فرانس برس)
+ الخط -

كان من الممكن جداً أن يشاهد العالم النجمين المتألقين ليونيل ميسي، لاعب برشلونة، وكريستيانو رونالدو، لاعب يوفنتوس الإيطالي، وريال مدريد سابقاً، في فريق واحد، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن، وبقي الاثنان أيقونة للكرة العالمية، كل مع فريقه.

وفي ظل عودة نشاط كرة القدم حول العالم بعد توقفه بسبب تفشي فيروس كورونا، أصبح من المناسب الآن التفتيش في أسرار اللعبة لاستعادة الشغف بها، ومن بين هذه الأسرار أمر مثير من الماضي عن حلم الجمع بين رونالدو وميسي في فريق واحد، لكن الحلم انهار بسبب مكالمة هاتفية.

وكشف برنامج "اللارغيرو" الإذاعي الشهير في إسبانيا، أخيراً، أن رونالدو عندما كان أيقونة في مانشستر يونايتد الإنكليزي تلقى عرضين كان من الصعب مقاومتهما، أحدهما من برشلونة، مقابل 105 ملايين يورو، والآخر من الغريم مانشستر سيتي مقابل 150 مليون يورو.

وفي هذه الفترة، كان ميسي يبلغ 21 عاماً، ويقضي موسمه الثاني تحت قيادة المدرب بيب غوارديولا، وكان من الممكن أن يصبح زميلا لرونالدو في الفريق الكتالوني، لكن الفرصة ضاعت بخطة محتملة من فلورنتينو بيريز.

وسردت صحيفة "سبورت" الكتالونية تفاصيل هذه القصة، التي بدأت في عهد رئيس النادي الملكي رامون كالديرون، الذي تسلّم القيادة من فلورنتينو في 2006 حتى 2009، ولكن منذ يومه الأول في المنصب طارده شبح فلورنتينو، الذي أعدّ مشروعاً للعودة إلى رئاسة الريال.

وتلقى كالديرون ضربات خفية في أواخر عهده، رغم التتويج بلقب الدوري الإسباني مرتين متتاليتين مع المدربين فابيو كابيلو وبيرند شوستر، وكان يتحدث عن أيادٍ خفية تلاحقه، وأثيرت شبهات فساد واتهامات له بسوء الإدارة.

 

 

ولم يتحمّل كالديرون الضغوط، فقرر تقديم استقالته في 16 يناير/ كانون الثاني 2009، وقال إنه يرحل و"رأسه مرفوع"، وبعد أشهر قليلة واجه خمس دعاوى قضائية تتهمه بسوء الإدارة، لكنه لم يُدَن في أي قضية.

وقبل استقالة كالديرون، بدأت أول أزمة كادت تنقل كريستيانو إلى برشلونة، حيث اتفق النجم البرتغالي في نهاية هذا الموسم مع مانشستر يونايتد على الرحيل مقابل "مبلغ مقبول"، وتوصل إلى اتفاق بالفعل مع ريال مدريد، لكن مدرب يونايتد آنذاك أليكس فيرغسون كان في قمة الغضب، وأكد للصحافيين مراراً أن رونالدو لن يرحل.

وتدخل جورجي مينديش، وكيل رونالدو، إلى جانب كالديرون والمدير العام للريال خوسيه أنخيل سانشيز، باتصالاتهم لإتمام الصفقة، واحتواء غضب فيرغسون، لكن الأزمة الأخطر حدثت بعد استقالة كالديرون، وتولي بيسنتي بولودو رئاسة الريال مؤقتاً، وهو رجل أعمال معروف أسندت إليه مهمة القيادة إلى حين إجراء الانتخابات في 14 يونيو/ حزيران 2009.

وفي مارس/ آذار من العام نفسه، قام إدواردو فرنانديز دي بلاس، المقرَّب من بيريز، بحملة صحافية شنّت هجوماً على سياسة بولودا، وتحدث عن خطورة صفقة رونالدو على ميزانية ريال مدريد، واستنكر قلة عدد اللاعبين الإسبان في الفريق الملكي، قائلاً: "ليفربول يملك لاعبين إسباناً أكثر من ريال مدريد".

وأضاف دي بلاس: "كريستيانو من أفضل لاعبي العالم، لكن مانشستر طلب الكثير من الأموال من أجله، ويمكن بهذه الأموال أن نشتري اثنين من لاعبي منتخب إسبانيا، يجب أخذ رأي المدرب، ويجب تقييم الموقف المالي للنادي، لأن استثماراً بهذا الحجم قد يضع الريال في خطر، ربما من الأفضل إنفاق 100 مليون يورو لشراء عدة لاعبين بدلاً من لاعب واحد، ومن الممكن أن يكونوا إسباناً".

وكان دي بلاس يبدو مشجعاً مستقلاً يتحدث عن مصلحة الريال، لكن كان كثيرون يعرفون أنه رجل فلورنتينو، وبدأ بهذه التصريحات حملة عودة بيريز إلى الرئاسة، لذا لم يكن من الغريب أن يتولى دي بلاس منصب نائب رئيس النادي بعد أشهر قليلة.

في الأثناء، كان بيريز يخطط للعودة إلى الريال، وربما أراد أن ينسب إليه الفضل في التعاقد مع رونالدو، لا إلى كالديرون. وانزعج بولودا كثيراً من اتهامات دي بلاس، ولم يحتمل أن يتهمه أحد بسوء الإنفاق، لذا قرر فسخ التعاقد المبدئي مع رونالدو لتجنب الشبهات، وكان فسخ العقد آنذاك يكلف الريال 30 مليون يورو، قيمة شرط جزائي، واتصل بولودا بالوكيل مينديش لإنهاء العقد ودفع الشرط الجزائي.

ولم يكن العقد، الذي يساوي 94 مليون يورو، يحمل أي بندٍ يمنع رونالدو من الانتقال إلى أي فريق آخر، لذا ظهر برشلونة في الصورة، وكان رد فعل مينديش مفاجئاً بالموافقة على فسخ العقد مع الريال دون مقابل، وقرر إرسال محاميه أوسوريو دي كاسترو إلى مدريد.

وعندما حكى بولودا للمدير العام خوسيه أنخيل سانشيز ما قاله لمينديش، لم يصدق سانشيز نفسه. وكان مينديش يملك عرضين أعلى سعراً من الريال، أحدهما من البرسا، وكان رونالدو سيوافق عليه على الأرجح، لأنه لم يكن ليقبل باللعب لمانشستر سيتي الغريم التقليدي لـ"الشياطين الحمر".

وأدرك سانشيز وبعض أهم أعضاء إدارة النادي الملكي خطورة عرض البرسا لرونالدو، وقال أحدهم: "إذا تعاقد معه البرسا فلن نفوز بأي لقب لمدة 10 سنوات، يجب أن يأتي رونالدو إلى مدريد".

وتواصل سانشيز مع الرئيس بولودا، وطالبه بعدم التراجع في المفاوضات مع رونالدو مهما كانت الطلبات المالية، وقال إن من الجنون التنازل عن الصفقة للغريم الكتالوني.

 لكن بولودا أصرّ على موقفه، قائلاً: "لست أحمق لأجعل اقتصاد ريال مدريد في خطر بهذا الإنفاق غير المنطقي". وجرى التوصل إلى حل للأزمة بنحو لا يصدق، حيث نجح سانشيز في إقناع بولودا بأن يتصل بفلورنتينو، وبالفعل حدث اتصال قصير بينهما غيّر مسار الصفقة.

وقال بولودا إنه سئم انتقادات دي بلاس لصفقة رونالدو، والحديث عن سعرها الباهظ وتعريض اقتصاد الريال للخطر، وردّ فلورنتينو: "لن يتحدث دي بلاس مجدداً عن هذا الموضوع".

ورأى فلورنتينو أن من مصلحته تسهيل الصفقة، حتى إذا كانت منسوبة إلى خصمه كالديرون، لأنه لن يصمد مستقبلاً أمام فريق يضم ميسي ورونالدو معاً.

وتدخل فلورنتينو لعدم فسخ التعاقد مع رونالدو، واتصل بمينديش الذي قرر في النهاية عدم إرسال محاميه إلى مدريد، وبعدها بأيام أعلن بيريز ترشحه للرئاسة، وكان الأوفر حظاً للفوز، وفي عهده بدأت قصة نجاح رونالدو الأسطورية في الريال.

المساهمون