مكاسب سياسية وعسكرية للقوات الكردية في عين العرب‎

15 نوفمبر 2014
سمحت تركيا للبشمركة التركية بدخول عين العرب(صفين حميد/فرانس برس)
+ الخط -

تمكنت قوات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، بالاشتراك مع قوات البشمركة الكردية العراقية وقوات الجيش الحر، من تحقيق تقدم ميداني واضح في الأيام الأخيرة على جبهات القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في مدينة عين العرب الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة حلب، والتي يحاول التنظيم السيطرة عليها منذ منتصف شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

وأعلنت قيادة قوات حماية الشعب الكردية في المدينة، في بيان لها، عن تمكن القوات الكردية من السيطرة على نقطة استراتيجية هامة على طريق الإمداد الذي تستخدمه قوات "داعش" في إمداد قواتها المتواجدة في المدينة من مدينتي الرقة وتل أبيض اللتين يسيطر عليهما التنظيم.

وأوضحت أن الطريق تم رصده من قبل القوات الكردية منذ فجر يوم الخميس الماضي، بعد تدمير آليات عدة لتنظيم "الدولة"، قبل أن تحاول قواته استعادة السيطرة على النقطة التي سيطرت عليها القوات الكردية، بالقرب من قرية قره حلنج الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مدينة عين العرب، من دون أن تنجح في ذلك.

وتتزامن هذه التطورات مع تواصل الاشتباكات داخل مدينة عين العرب بين قوات حماية الشعب الكردية وقوات البشمركة والجيش الحر من جهة، وقوات تنظيم الدولة الإسلامية من جهة ثانية. وتركزت في محيط جامع الحاج رشاد وفي شارع البلدية إلى الشرق من المدينة، لينتج عنها تحقيق القوات الكردية تقدماً ملحوظاً في شارع البلدية، في الوقت الذي تواصلت فيه الاشتباكات بين الطرفين على جبهات القتال جنوب المدينة وفي محيط قرية مناز وتل الإذاعة الاستراتيجي الواقع إلى الغرب من المدينة.

كما وقعت مواجهات بين القوات الكردية وقوات التنظيم في محيط تل مشتانور الواقع إلى الشرق مباشرة من مدينة عين العرب. وتمكنت قوات حماية الشعب الكردية من استعادة السيطرة على أجزاء من التل الاستراتيجي الذي يشرف على معظم مناطق المدينة.

واستفادت قوات حماية الشعب الكردية في عملياتها العسكرية الأخيرة من القصف المدفعي الذي استهدفت به قوات البشمركة الكردية، التابعة لحكومة إقليم كردستان العراق، نقاط تمركز مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" في مدينة عين العرب ومحيطها، داعمةً قوات حماية الشعب الكردية التي تقاتل في المدينة.

كما استفادت قوات حماية الشعب من تصاعد وتيرة الغارات التي يشنها طيران التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، إذ شنّت طائرات التحالف خلال يومي الأربعاء والخميس تسع غارات جوية على الأقل استهدفت نقاط تمركز مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في حي كانيا عربان في مدينة عين العرب، وفي قرى ماميد وزورمغار وقره حلنج وميناس وشران وكولمت في محيط المدينة.

وتأتي هذه التطورات الميدانية بعد يومين فقط من تصريحات زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، صالح مسلم، الذي تتبع قوات حماية الشعب الكردية له. وكان مسلم، جدد على هامش مؤتمر عُقد في باريس لدعم مدينة عين العرب، اتهامه الحكومة التركية بدعم مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" في هجومهم على مدينة عين العرب.

ويبدو أن مسلم أراد من تصريحاته الأخيرة إرسال رسالة مبطنة إلى الحكومة التركية، مفادها أن عمليات التضييق على القوات الكردية التابعة له في مدينة عين العرب في الشهرين الأخيرين للضغط على قواته للقبول بدخول قوات تابعة للجيش السوري الحر وقوات البشمركة الكردية، بدلاً من السماح بإيصال السلاح لقواته، قد فشلت في سحب البساط من تحت قوات الحماية الكردية. وكانت الحكومة التركية قد سمحت في مطلع الشهر الحالي بدخول قوات تابعة للجيش السوري الحر وقوات البشمركة الكردية العراقية إلى مدينة عين العرب، في الوقت الذي واصلت فيه رفضها دخول أي إمدادات عسكرية لقوات حماية الشعب الكردية التابعة. وتصنّف الحكومة التركية حزب الاتحاد الديمقراطي كمنظمة إرهابية، باعتباره فرعاً لحزب العمال الكردستاني الذي قاتلت قواته الجيش التركي جنوب شرق تركيا لسنين طويلة.

كما أشار مسلم في تصريحاته إلى أن القوات التابعة له متجهة لتحقيق نصر سريع في عين العرب، إلا أن ما يؤخرها هو تفخيخ مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية للمباني التي تنسحب منها في المدينة ومحيطها، مؤكداً على ثقته بقدرة قواته على استعادة السيطرة على كامل المدينة.

ويبدو من تصريحات مسلم، المتعلقة بقدرة قواته على استعادة المدينة والتي جاءت متزامنة مع تصريحاته الخاصة باتهام الحكومة التركية بدعم تنظيم "الدولة الإسلامية، أنه لا يزال مصراً على عدم الانصياع للرغبة التركية في إحداث تغيير حقيقي في طبيعة السلطة السياسية التي تدير المناطق ذات الغالبية الكردية في الشمال السوري.

وترافق ذلك مع تأكيد مسلم على إمساك قواته بزمام المبادرة في المدينة، وأهمية هذا التقدم الميداني للقوات الكردية التابعة له في عين العرب في تقوية موقفه كشريك لقوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"، بعيداً عن تحفظات الحكومة التركية ورفضها لتسليح قواته، خصوصاً أن الحكومة التركية لم تعلن إلى اليوم انضمامها للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة". وتشترط أنقرة ألا تقتصر مهمة التحالف على محاربة التنظيم بل يجب أن تمتد أهدافه إلى القضاء على النظام السوري.

في كل الأحوال، يبدو أن سماح تركيا بدخول أعداد من مقاتلي البشمركة العراقية ومقاتلي الجيش الحر لم يؤد إلى تغيير موقف قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي تتبع له قوات حماية الشعب الكردية، والتي تعتبر القوة العسكرية الكبرى التي تقاتل "داعش" في مدينة عين العرب. فالقوات التي دخلت إلى المدينة ساعدت قوات حماية الشعب في استعادة زمام المبادرة في المدينة، إلا أنها لم تتمكن من أخذ مكانها. وعلى هذا الأساس لم تغير قياد حزب الاتحاد الديمقراطي شيئاً من مواقفها تجاه الحكومة التركية، التي تعتبرها العائق الأكبر في سبيل ترسيخ نظام الإدارة الذاتية، الذي أقرته المجالس التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي شمال سورية.

المساهمون