ظهر الصماد في الأيام الأخيرة بمحافظة الحديدة، غرب البلاد، حيث اتجه إلى المحافظة للتحشيد والقيام بزيارات ميدانية وحضور ما يشبه العروض العسكرية للجماعة، بالتزامن مع التصعيد في الجزء الجنوبي من الساحل الغربي، إلا أن الحوثيين، وبعد أيامٍ من التكتم، أعلنوا خبر مقتله، الأمر الذي يمثل تطوراً بارزاً على صعيد الحرب الدائرة في اليمن.
والصماد، قيادي بارز من مواليد العام 1979، يتحدر من محافظة صعدة معقل الحوثيين الأول، ومركز الجماعة التنظيمي والعسكري حتى اليوم. بدأ اسمه بالظهور منذ الحرب الثالثة بين الحكومة والحوثيين، وكان وفقاً لمصادر سياسية مطلعة تحدثت لـ"العربي الجديد"، من القيادات "الوسطية"، بالنسبة إلى حزب "المؤتمر الشعبي العام"، الذي كان برئاسة علي عبدالله صالح. ولعب الحزب دوراً باختياره رئيساً لـ"المجلس السياسي الأعلى"، الذي تشكل باتفاق بين الجماعة و"المؤتمر" وُقع في يوليو/ تموز2016، وأزاح ما يُسمى بـ"اللجنة الثورية العليا"، التي تمثل الجناح المتشدد في الحوثيين برئاسة محمد علي الحوثي.
عُرف الصماد بتصريحاته القوية والحماسية، وهو تمتع بقدرات خطابية تعبوية، إذ كان أشهر تصريح له في الفترة الأخيرة، إعلانه أن الجماعة ستُدشن إطلاق صواريخ باليستية بوتيرة شبه يومية باتجاه السعودية، كما كان الرجل الذي أطلق منذ شهور تهديدات بأن جماعته ستلجأ إلى التصعيد في البحر الأحمر، رداً على أي تصعيد عسكري للتحالف الذي تقوده السعودية. وقبلها، أعلن الصماد من ميدان السبعين في العاصمة صنعاء، تدشين مرحلة بناء مؤسسات الدولة، وهو إعلان تعاملت معه الجماعة بجدية وأصدرت البيانات المؤيدة، على الرغم من السخرية التي واجهها من الجانب الآخر.
وباعتبار أن الصماد شغل منصب "الرئيس" في السلطة الانقلابية للحوثيين وغير المعترف بها، والرجل الذي يذكر اسمه أحياناً مسبوقاً بلقب "الفخامة"، فإن مقتله ضربة كبيرة للحوثيين، وغير مسبوقة، إذ فقدت الجماعة إحدى أبرز القيادات التي ترافقت معها أحداث السنوات الماضية، في ظلّ أنباء عن مقتل قيادات أخرى كبيرة ومسؤولين في ما يُسمى بـ"حكومة الإنقاذ الوطني"، غير المعترف بها، كانوا يرافقونه بالزيارة إلى الحديدة.
وعلى صعيد آخر، إن الصماد، أبرز قيادي في صفوف الحوثيين يمثل الجناح القبلي في الجماعة من غير "الهاشميين"، وبمقتله إن آثاراً متوقعة على صعيد تحالفات الجماعة القبلية، وكان الصماد إحدى الشخصيات التي يسعى تيار صالح إلى استمالتها في الخلاف بينه وبين الحوثيين، إلا أن موقفه كان صادماً لأنصار صالح خلال المواجهات التي شهدتها صنعاء في ديسمبر/كانون الأول2017، ويكاد يكون الجناح المعتدل، الأقل تشدداً داخل الجماعة، هو الخاسر على مستوى تكويناتها بمقتل الصماد.
إلى ذلك، ومن النقاط المثيرة للاهتمام، أن مقتل الصماد جاء خلال زيارته الحديدة، علماً أن شائعات تداولتها وسائل إعلامية قريبة من "التحالف" مفادها أن الحوثيين قاموا باعتقاله منذ أسبوع بسبب خلافات داخلية، إلا أنه سرعان ما خرج من الحديدة في زيارة ميدانية، عرضت خلالها الجماعة أسلحة متنوعة.
وقد عيّن الحوثيون خلفاً للصماد، في "المجلس السياسي"، أحد الصقور، وهو القيادي مهدي المشاط، مدير مكتب عبد الملك الحوثي، ومسؤول ملف المفاوضات في الجماعة سابقاً، كما شغل الشماط منصب نائب رئيس الوفد المفاوض، الذي ترأسه خلال مشاورات الكويت، محمد عبد السلام.