مقترح تحصين رؤساء السودان: تهيئة الأرضية لتنحي البشير؟

13 فبراير 2019
حزب البشير نفى أي صلة له بالمبادرة(أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
أثار النائب السوداني المستقل، خليل محمد الصادق، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية ووسائل التواصل الاجتماعي السودانية أمس الثلاثاء، بكشفه لصحيفة محلية عن اتجاه نواب في المجلس الوطني (البرلمان) للدفع بمشروع قانون جديد ينص على منع الملاحقة الجنائية لرؤساء الجمهورية بعد تخليهم عن السلطة.

وأوضح الصادق، وهو جنرال متقاعد في الجيش، أن تلك الحصانة المقترحة تشمل الملاحقة المحلية والدولية، بحجة حفظ هيبة الرؤساء ورمزيتهم القيادية. وأضاف أنه لا ينبغي التعرض للرؤساء بعد انتهاء فترة ولايتهم وتركهم للمنصب قضائياً وغيره، مشيراً إلى أنه حتى في حال وجود جرائم محددة وواضحة يمكن مساءلتهم أمام القضاء الوطني بصورة تحفظ مكانتهم ولا تعرضهم للإذلال، على حد قوله. حجة أخرى طرحها النائب السوداني لتقديم المشروع، إذ قال إن المقترح سيشجع الرؤساء على عدم التشبث بالكرسي، وإن توفير الحماية سيضمن عملية الانتقال السلمي للحكم في البلاد.


وبعد نشر التصريح، تم تداوله بشكل واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، وانقسمت المواقف منه بين مؤيد ومعارض، في حين رآه المعارضون مؤشراً على وجود أيادٍ حكومية تريد أن تُهيئ الأرضية المناسبة للرئيس الحالي عمر البشير للتنحي، بعد تزايد الضغوط عليه واستمرار الاحتجاجات الشعبية، التي تدخل اليوم الأربعاء أسبوعها التاسع.

إلا أن النائب الصادق، نفى في حديث لـ"العربي الجديد" أن يكون لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم أو أي جهة حكومية دور في تقديمه لهذا المقترح، لكنه توقّع أن تجد كتلة الحزب الحاكم البرلمانية في هذا المقترح وجهاً من أوجه الحلول للأزمة الحالية. وأضاف أن مقترحه يعتمد أساساً على حماية كل الرؤساء، وليس البشير فقط، من الملاحقة الجنائية، لأنهم يمثلون رموزاً للسيادة، مؤكداً أن أي رئيس يحصل على ضمانات بعدم الملاحقة بعد نهاية دورته الأولى أو الثانية سيرضى بالاكتفاء بذلك ويتيح المجال لغيره.



وأوضح الصادق أنه ليس النائب الوحيد مع هذه المبادرة، بل إنهم مجموعة من النواب ستسعى إلى استقطاب مجموعات أخرى حتى يكون مشروع القانون جاهزاً مع بداية الدورة الجديدة للبرلمان في إبريل/ نيسان المقبل، ليحصل على الأولوية ضمن مواضيع المجلس. كما توقع ألا تحصل مبادرته على دعم القوى الداعية لإسقاط الحكومة، معتبراً أنهم سيضطرون للجوء إليها في النهاية لأنها تأتي في منطقة وسطى وتحقق هدف التنحي، "لأننا سنطالب في الوقت نفسه بعدم تعديل الدستور للسماح للرئيس البشير بالترشح مرة أخرى، بالتالي ستكون الولاية الحالية الأخيرة له".


يُذكر أنه منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، برزت مجموعة من المبادرات لحل الأزمة السياسية الراهنة، لكن كثيراً منها لم يلامس موضوع المحاسبة، فيما طرح رئيس حزب "الأمة" الصادق المهدي فكرة تنحي البشير عبر التفاوض.
غير أن حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم، قلّل من قيمة كل المبادرات، لا سيما التي تقترح تنحي الحكومة والبشير على وجه التحديد. وفي هذا السياق، قال عضو المكتب السياسي للحزب الحاكم، الشيخ النذير الطيب، في تعليقه على المبادرة البرلمانية الجديدة، إنها غير موضوعية، بحجة أن كل أفعال رئيس الجمهورية محصنة أصلاً بموجب الدستور القومي لأن الرئيس يمارس صلاحيته دائماً كشخصية اعتبارية ولا يمكن محاكمته إلا في حالة الخيانة العظمى.

وأضاف الطيب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن فكرة الصادق في هذا التوقيت قد تعطي مؤشراً سلبياً يعتقد وفقه البعض أن هناك جرائم فعلاً وأن البرلمان يريد سنّ قانون يشجع على الإفلات من العقاب، كما أن المبادرة جانبت الموضوعية، لأنّ أي تغيير في الحكم عبر الانقلاب أو الثورة يجعل من السهل في أي بلد إلغاء القانون أو التشريع وتقديم من يشاء للمحاكمة. وأضاف أن التغيير إذا جاء بصورة طبيعية عبر الانتخابات فذلك يعني أن النظام سيكون كما هو من حيث المؤسسات والقوانين، لذا لن يستطيع أحد اللجوء لخيار المحاكمات.