دعا زعيم التيّار الصدري، مقتدى الصدر، اليوم الاثنين، العراقيين من كافة المحافظات إلى الزحف نحو بغداد، والخروج بتظاهرات احتجاجيّة "ضدّ الفساد"، وفقا لقوله في خطوة فسّرت على أنّها تحريض ضدّ رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، وحكومته ومحاولة للتنصل من المسؤولية، حيال التعثر الذي لف العملية السياسية الجديدة بالبلاد منذ تشكيلها عقب الاحتلال الأميركي عام 2003.
وقال الصدر، في بيان صحافي صدر مساء الاثنين "أوجّه ندائي واليأس يعتصرني مع هذا الكم الهائل من الفساد، أوجّه كلامي والشعب في بحبوحة الفقر والخوف والجوع والسرقات والاغتيالات".
وأضاف "أوجّه ندائي لكل وطني غيور، ولكل محب لوطنه واعٍ يعرف ما سيصل إليه العراق من أزمة اقتصاديّة حادّة، وأزمة أميّة مترديّة في قابل الأيّام، للتظاهر في بغداد والزحف من كل بقاع العراق معاً، في جمعتنا المقبلة لتخرج بتظاهرة مليونيّة، حتى نسمع أصواتنا لمن هم خلف الجدار ونرعب كل فاسد وداعشي".
وتابع الصدر بالقول "لنكن يدا بيد مع القوات الأمنيّة و"الحشد الشعبي"، ومع الفقراء والمرضى والمظلومين لانتشالهم من واقعهم المرير"، مرحّباً "بكل عراقي شريف يريد الصلاح ويريد العيش الرغيد والأمن العميم".
وتأتي دعوة الصدر، عقب محاولته فرض لجنة خاصة على العبادي، يكون على عاتقها اختيار الوزراء الجدد في الحكومة الجديدة، التي يعتزم العبادي تشكيلها.
وتثير دعوة الصدر مخاوف من دخول البلاد في أزمة سياسية جديدة، وخاصة العاصمة بغداد قد تطول وتؤثر على سير المعارك ضد تنظيم "داعش".
في المقابل، وصفت قيادات سياسية عراقية الإعلان بأنه مرتبك، ويأتي ردا على إهمال العبادي دعوة الصدر له لاعتماد لجنة استشارية، رشحها الأخير لمساعدة العبادي على اختيار الوزراء الجدد المقرر تسميتهم قريبا.
اقرأ أيضا: تبادل الاتهامات بين مسؤولين عراقيين يكشف ملفات فساد جديدة
وقال النائب بالبرلمان محمد الجاف إن "عبارات الزحف إلى بغداد من كل المحافظات تحمل تهديدا مبطنا بإمكانية الصدريين شل الحكومة والحياة السياسية خاصة"، لافتا إلى أن التظاهرات الجمعة قد تكون بداية فوضى، في حال حصلت ويجب على الجميع الشعور بالمسؤولية وتحمل جزء من الأخطاء، وعدم إلقاءها على حكومة العبادي، التي لم تكمل نصف مدتها الدستورية.
بدوره، رأى الخبير السياسي، فالح حسن في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّه "كان من المفترض أن تدعم كتل التحالف الوطني رئيس الوزراء بإجراء التغيير الوزاري، على اعتبار أنّها الكتل التي خرج العبادي من رحمها، لكنّ ما حدث هو العكس تماما، إذ إنّ كتل التحالف هي أول المعترضين على خطوات العبادي".
كما اعتبر أنّ "دعوة الصدر جاءت بتوقيت حساس جدّا، وأنّ الفساد ليس جديدا حتى يعترض عليه اليوم، ويحشّد عليه الجموع من كل أنحاء العراق"، مشيراً إلى أنّ "الصدر جزء مهم من الحكومة، ولديه عدد من الوزارات المهمة، وإذا كان هناك فساد فهو جزء منه".
وأكّد أنّ "الدعوة واضحة ضدّ العبادي وحكومته، ومحاولة للإبقاء على هذه الحكومة وعدم تغييرها والمحافظة على المصالح الحزبيّة والفئويّة".
يشار إلى أنّ دعوة العبادي لإجراء تغيير وزاري جوهري أثارت انتقاد كبيرا من داخل كتل تحالفه الوطني، إذ كشف رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عمّار الحكيم، وهو من أكبر حلفاء العبادي داخل التحالف، عن رغبته بأن يطاول التغيير رئيس الوزراء، فيما قدّم زعيم التيار الصدري ورقة إصلاحات جديدة تتعارض مع إصلاحات العبادي، ليحتدم الصراع داخل كتل التحالف مع رئيس الوزراء.