بخلاف عادتها في الأيام والشهور الأخرى، حيث تمتلئ بكل ما يخطر على البال، سوى من الثقافة وأخبارها، ارتدت عدد من المقاهي المغربية في شهر رمضان لباساً ثقافياً، وتحوّلت خلال نهار شهر الصيام إلى فضاءات للقراءة ومطالعة الكتب.
من أشهر المقاهي التي تسعى إلى تقديم منتوج ثقافي إلى زبنائها وروّادها، مقهى "طلة" بحي يعقوب المنصور بالرباط، ومقهى "المنال" بالعاصمة أيضاً، ومقهى "ميموزا" بمدينة أزمور، ومقهى "لا ميرابيل" بمدينة وجدة، ومقهى آخر في الحي البرتغالي بالجديدة وغيرها.
ففي ظل غياب الزبائن نهاراً، بادر بعض من أصحاب المقاهي في المدن الكبرى بالمغرب إلى استقطاب عشاق الكتب والمؤلفات الثقافية والأدبية. الروائي المغربي مصطفى لغتيري ممّن وقفوا على هذه الظاهرة الطريفة. يقول لـ"العربي الجديد": "كان لا بد للمقهى أن يلمسه بعض التغيير أو كثير منه. وإن التفكير في تأثيث المقاهي بالكتب والجرائد والمجلات يعد مبادرة طيبة ومحمودة".
ويرى مؤلف "الأطلسي التائه" أن "بعض المقاهي اتخذت هذا القرار حفاظاً على زبائنها بأن توفر لهم مكاناً مناسباً لتزجية الوقت انتظاراً لحلول موعد الإفطار، بل إن منها من أضحى يقدّم الإفطار للصائمين".
يشير لغتيري إلى أن "المقاهي دأبت في الأيام العادية على توفير الجرائد لزبائنها، فلِمَ لا يتّسع ذلك ويشمل الكتاب كذلك، بحيث تخصّص ركناً يحتوي على بعض الكتب، ولعل ذلك كفيل بتحرير الناس قليلاً من قيود التلفزيون الذي يغزو جميع المقاهي، مما أفقدها كثيراً من هدوئها وجماليتها".
كما يعتبر لغتيري أن "الكتاب يمكن أن يزيل عن المقاهي سمعتها السيئة حيث ترتبط في أذهان الناس بالغيبة والنميمة وتناول النرجيلة، والتفرّج ببلاهة على مباريات كرة القدم". ولعل هذه الظاهرة لا تقتصر على هذا الدور الذي يذكره الروائي المغربي، فطالما كانت المقاهي المحرّك الرئيس للحياة الثقافية، سواء في منطقتنا العربية أو في بلدان أخرى من العالم.