مقاربة تونسية شاملة للحد من مخاطر ظاهرة تشدد الشباب

13 نوفمبر 2014
عقدت في تونس مؤخرا ندوات عديدة تبحث مكافحة الإرهاب(لأناضول)
+ الخط -

جهاد في سبيل الله أم إلقاء بالنفس في التهلكة؟ تجاوز كثير من التونسيين هذا الجدل بينما تتوافد إليهم الأرقام والمعطيات من بلاد الشام، تفيد بأن الشباب التونسيّ يتصدر التنظيمات المتشددة، كمًّا ومكانة، في سورية والعراق اليوم.

وفي يونيو الماضي كشف وزير الداخلية، لطفي بن جدو، أن عدد المقاتلين التونسيين في سورية يناهز 2400 أغلبهم من الشباب. وأوضح الوزير أن جهاز الأمن التونسي منع قرابة 9 آلاف آخرين من السفر إلى بؤر التوتر.

أي مصير للعائدين من المشاركة في القتال الدائر في سورية أو العراق؟ وكيف ينبغي التعامل مع الشباب المنتمي إلى التيار الجهادي؟ بات هذا السؤال محوريا لدى جزء واسع من النخب السياسية والثقافية والإعلامية المتابعة لهذا الملف في تونس.

وتنكب الحكومة التونسية على دراسة مقترحات عديدة لطريقة التعامل مع المنتمين إلى التيار الجهاديّ في تونس، أو العائدين من بؤر التوتر، إلى جانب التعاطي الأمني والقضائي مع الموضوع، حسب ما أفاد به مصدر حكومي لـ"جيل".

وترى وزارة العدل في تونس أنه من المبكر الحديث عن برامج لإعادة تأهيل وإصلاح الشباب التونسي المقاتل والعائد من بؤر التوتر، فملفات مختلف هذه القضايا مازالت في طور التحقيق في انتظار إنشاء قطب قضائي مختص في الجرائم الإرهابية.

وفي السياق نفسه، قال مدير ديوان وزير الشؤون الدينية عبد الستار بدر لـ"جيل" إن وزارته "لم تتواصل بعد مع الشباب المقاتلين العائدين من بؤر التوتر، لكنها استبقت الأمر وأعدت برنامجا تأهيليا في هذا الإطار أسمته برنامج المقاومة الليّنة".

وأوضح: "هناك لجنة تتكون من خبراء في وزارتي العدل والداخلية ومن أساتذة جامعيين مختصين في الشريعة اإاسلامية ومن ممثلين عن المجتمع المدني أيضاً وهي تجتمع دوريا، وفي الجلسة القادمة سيتم تحديد دور كل وزارة في هذا البرنامج".

ويعتمد هذا البرنامج الحكومي على التحاور ومقارعة الفكرة بالفكرة خاصة مع الشباب الذين لم يتورطوا في عمليات قتل وعادوا لأرض الوطن قبل ذلك، أو تم القبض عليهم وإعادتهم في محاولة لإقناعهم بمفاهيم إسلامية بعيدة عن المغالاة والتشدد.

كما تعتمد الحكومة التونسية حاليا برنامجا تأهيليا وقع تفعيله منذ سنوات، يخص المساجين بصفة عامة، ويتمثل في تقديم دروس دينية داخل السجون من قبل وعاظ وأئمة معتدلين.

وتراقب السلطات الأمنية التونسية كل العائدين من بؤر التوتر وتقوم باستجوابهم ومتابعة أنشطتهم وملفاتهم حالة بحالة، وفق ما صرح به مسؤول في وزارة الداخلية التونسية لـ"جيل".

ويطالب أكاديميون وباحثون تونسيون بأن تكون معالجة السلطات التونسية لتفشي الظاهرة السلفية الجهادية وارتفاع عدد المقاتلين التونسيين في بؤر التوتر العالمي "شاملة وتتجاوز المقاربة الأمنية".

ولا ينفي أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية سالم لبيض أن تعامل الدولة مع قضايا الإرهاب يجب أن يرتكز بالضرورة على الجانب الأمني، لكنه يرى أهمية إحداث مؤسسة "تقوم بعملية تأهيل شامل وفق ما تقتضيه طبيعة الشباب المنتمي إلى الجماعات الجهادية، أو المشارك في القتال في بؤر التوتر ومدى الخطورة التي يمثلها".

ويوضح لبيض في حديث مع "جيل": "أعتقد أن إحداث مؤسسة يشرف عليها أمنيون واجتماعيون وقانونيون ومختصون نفسيون وعلماء اجتماع لرصد حركة الشباب العائد من بؤر التوتر ودرس طرق التعامل معهم مهم للحد من الآثار السلبية لتجربة القتال على الشباب التونسي".

وعقدت في تونس مؤخرا ندوات عديدة شارك فيها باحثون وجامعيون ناقشت سبل إيجاد حلول للحد من مخاطر هذه الظاهرة.

وتشير المعطيات التي كشفتها وزارة الداخلية التونسية عن الجماعات المسلحة في تونس، أو الذين يقاتلون في صفوف ما يعرف بـ"تنظيم الدولة الإسلامية" أو "جبهة النصرة" في سورية أو العراق هم من الشباب دون سن الأربعين.

ويؤكد سالم لبيض أن عوامل أساسية تقف وراء ذلك تتمثل في "سياسات التهميش والتفقير والتسرب المدرسي وانتشار شبكات الجريمة المنظمة"، ويرى أن الحل الأنجع يكمن في تركيز الحكومة التونسية استراتيجية واضحة طويلة المدى تستبق الظاهرة بمعالجة أسبابها.

المساهمون