مفكرة المترجم: مع مها عطفة

19 مايو 2018
مها عطفة
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مترجمين ومترجمات عرب في مشاغلهم/نّ الترجمية وأحوال الترجمة إلى اللغة العربية اليوم.


كيف بدأت حكايتك مع الترجمة؟
ينطبق على حالتي القول بأن الإنسان ابن بيئته. منذ الصغر تربّت أذني على صوت الآلة الكاتبة التي كان يستخدمها والدي آنذاك وهو يترجم. كما نشأتُ في مكان كان فيه الكتاب خير جليس ومكتبة المنزل كنزه. فما بالك إن كان بمقدورك أن تقرأ في أكثر من لغة تفتح لك آفاقاً للمعرفة وتوسّع مداركك وتصقلها. والفضل في هذا يعود إلى والدي الذي علّمني أن تعلم لغة أخرى هو انفتاح على الآخر وفي الانفتاح تراجع للخوف ورغبة في تقبّل الآخر.


ما هي آخر الترجمات التي نشرتها، وماذا تترجمين الآن؟
آخر روايتيْن للكاتب البرتغالي أفونسو كروش هما: "الرسام تحت المجلى" و"دمية كوكوشكا".


ما هي، برأيك، أبرز العقبات في وجه المترجم العربي؟
إحدى العقبات هي غياب الخطط المتكاملة لدى الناشرين وإيجاد دار نشر تشاركك الاهتمام باختيار كتب الترجمة. لكن في الوقت نفسه هناك دور نشر تتجاوز هذه العقبات، أما عن أجور الترجمة فهي في معظم الأحيان غير منصفة وهذا يختلف من دار إلى أخرى.


هناك قول بأن المترجم العربي لا يعترف بدور المحرِّر، هل ثمة من يحرّر ترجماتك بعد الانتهاء منها؟
أنا أؤمن بالعمل الجماعي وبالتعاون. قد يغيب عن عين المترجم ما لن يمرّ على عين المحرّر لأنه يقرأ النص بالعربية وبالتالي يستطيع أن يصقل النص المترجم ويمنحه الدقة المطلوبة في اللغة العربية. لهذا يسرني أن أجد من يحرّر ترجماتي بعد الانتهاء منها.


كيف هي علاقتك مع الناشر، ولا سيما في مسألة اختيار العناوين المترجمة؟
أحياناً أختار الكتاب الذي أترجمه وأحياناً تُطرح عليّ العناوين. في بعض الحالات أكون مهتمة بترجمة كتب معّينة لا تروق للناشر لسبب أو لآخر. أستطيع تفهم الأمر، خصوصاً ما يتعلّق بموضوع التسويق واهتمام القرّاء، لكن في الوقت ذاته أرى أن هذا يحدّ من التنوّع في نقل المعرفة. كما يجدر القول هنا أيضاً إنّه يوجد ناشرون بارعون في اختيار العناوين وأعتبر أنني ممن حالفهم الحظ في التعامل معهم.


هل هناك اعتبارات سياسية لاختيارك للأعمال التي تترجمينها، وإلى أي درجة تتوقفين عند الطرح السياسي للمادة المترجمة أو لمواقف الكاتب السياسية؟
أنا مفتوحة على كل ما هو عابر للحدود لأنه يوحّد. السياسة مصالح والمصالح قد تجمع إلى أن تنتهي المصلحة. لذلك لا أميل إلى ترجمة أي مواد فيها احتكار لأي حقيقة مهما كان نوعها. أميل إلى ما يحترم الإنسان على اختلافه.


كيف هي علاقتك مع الكاتب الذي تترجمين له؟
لم أحظ إلى الآن بتعامل مباشر مع أي من الكتّاب الذين ترجمتُ أعمالهم. لكنني أستشف مكنونات الكاتب من خلال أعماله. وهذا يسمح لي باستخدام الخيال في فهمي له وفي إضفاء لمسة يمكن أن يغيّبها التعامل المباشر مع الكاتب.


كثيراً ما يكون المترجم العربي كاتباً، صاحب إنتاج أو صاحب أسلوب في ترجمته، كيف هي العلاقة بين الكاتب والمترجم في داخلك؟
في تقديري، الترجمة هي بشكل من الأشكال إعادة كتابة، لذا حتى تكون الترجمة ناجحة وليست غريبة لا بدّ للمترجم أن يمتلك حساً لغوياً يخوّله امتلاك أسلوبه الخاص. إذا لم يكن لديه نتاجه الخاص، لا بد أن يكون لديه حب ومهارات في الكتابة.


كيف تنظرين إلى جوائز الترجمة العربية على قلّتها؟
هي بمثابة تشجيع وتقدير للمترجم على عمله وجهوده، وهذا يساهم بشكل مباشر في إغناء المكتبة العربية بالكتب المترجمة.


الترجمة عربياً في الغالب مشاريع مترجمين أفراد، كيف تنظرين إلى مشاريع الترجمة المؤسساتية وما الذي ينقصها برأيك؟
المؤسسات بشكل عام تمنح المترجم مساحة أكبر في اختياره للأعمال التي يترجمها، وهي مساحة تضيق جداً في غياب مؤسسات كهذه. كما أنه حين تزداد شريحة القراء من العرب وللغة العربية سيغدو إنشاء مؤسسات للترجمة أكثر فاعلية.


ما هي المبادئ أو القواعد التي تسيرين وفقها كمترجمة، وهل لك عادات معينة في الترجمة؟
قراءة الكتاب أولاً لأن هذا يجعلك تدخل في أجوائه مما يمكنك من الترجمة بنزاهة أكبر ودقة أعلى. لكل عمل أنجزه أحتفظ بدفتر أدوّن فيه الملاحظات والتعابير والمصطلحات الجديدة التي مرّت في العمل والتي يمكنني الاستفادة منها في أعمال قادمة وفي هذا توفير للوقت والجهد. ولا أتردّد في سؤال ذوي الخبرة في حال كان هناك لزوم لذلك، فهذا يغني تجربتي.


كتاب أو نص ندمت على ترجمته ولماذا؟
لم أندم على أي نص أو كتاب ترجمته إلى الآن. لكن أندم على كتب لم تر النور بالعربية لعدم وجود من هو مهتم بنشرها. وهذا باعتقادي المتواضع حرمان للعقل العربي من الانفتاح على احتمالات وأفكار جديدة.


ما الذي تتمنينه للترجمة إلى اللغة العربية وما هو حلمك كمترجمة؟
المزيد من الاتساع والغنى في كل مجالات المعرفة من أدب وفن وعلوم وغيرها، وأن أتمكن من تعريب كل كتاب أرى فيه الفائدة للقارئ وأن تصل الكتب إلى أكبر شريحة ممكنة منهم أينما كانوا في هذا العالم.


بطاقة
مترجمة سورية من اللغة الإسبانية من مواليد 1976 تقيم حالياً في الولايات المتحدة. من ترجماتها: "ذاكرة شكسبير" لـ خوسيه لويس بورخيس (دار الطليعة الجديدة)، و"الفردوس المفقود" لـ ليوبولدو ماريا بانيرو (دار التكوين)، و"الأغنية التي لنا" لـ إدواردو غاليانو (دار الحوار)، ومؤخراً صدرت لها ترجمتان عن "مسكلياني" للكاتب البرتغالي أفونسو كروش؛ "الرسام تحت المجلى" (2017) و"دمية كوكوشكا" (2018).

المساهمون