مفاجآت "أوبك"..توقعات بتحالف روسي إيراني للهيمنة على المنظمة

13 مايو 2016
محطة وقود في إحدى المدن الألمانية (Getty)
+ الخط -

لأول مرة ومنذ ثلاثة عقود سينعقد اجتماع منظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك) بدون وزير النفط السعودي السابق علي النعيمي، الذي أقيل من منصبه وحل مكانه خالد الفالح. ولكن بغض النظر عن التغيير الوزاري، فإن الرياض أعلنت أنها لن تغيّر سياستها النفطية التي تركز على كسب الحصص في الأسواق النفطية الرئيسية وليس على استهداف سعر محدد للنفط. وهو ما يعني أنها ربما لن توافق على أي عرض لتقييد الإنتاج بدون أن توافق عليه إيران.
ويذكر أن وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي الجديد خالد الفالح، أعلن بعد تعيينه أن بلاده ستحافظ على ثبات سياستها النفطية، وملتزمة بتلبية طلب العملاء على النفط، سواء القائم أو الإضافي. وقال الفالح "إن السعودية ستحافظ على سياساتها البترولية الثابتة. نحن ملتزمون بالحفاظ على دورنا في أسواق الطاقة العالمية وتعزيز موقعنا كأكثر مزودي الطاقة ثقة عالمياً".
ولكن مصادر غربية ترى أن اجتماع المنظمة المقبل، سيكون اجتماعاً استثنائياً، وربما تحدث فيه مفاجآت. من بين المفاجآت المتوقعة، أن يقدم عرض تجميد الإنتاج مرة أخرى في الاجتماع الذي سيعقد في فيينا في الثاني من يونيو/ حزيران المقبل، ولكن سيكون الجديد في العرض أن إيران ستوافق عليه هذه المرة.
وقالت مصادر غربية إن إيران التي رفعت معدل إنتاجها النفطي إلى قرابة 4 ملايين برميل يومياً، مستعدة الآن لتجميد الإنتاج. ولم يستبعد موقع "زيرو هيدج" الأميركي، الذي يديره مصرفيون سابقون، أن يلعب التحالف الروسي الإيراني دوراً بارزاً في هذا الاجتماع، كما لم يستبعد محللون غربيون أن تتمكن كل من موسكو وإيران عبر هذا التحالف من جمع بقية أعضاء "أوبك" وبعض المنتجين خارجها للموافقة على مقترح التجميد، وبالتالي توضع السعودية في موقف حرج، وهو القبول بالتجميد، الذي يتعارض مع سياساتها القائمة على التوسع في الحصص النفطية، أو رفضه ومواجهة "العزلة داخل أوبك".


ويرى خبراء غربيون مطلعون على السياسة النفطية السعودية الجديدة، أن الرياض ترى أن عهد احتكار السلع وتحديد الأسعار قد ولّى وأن استراتيجيتها الجديدة قائمة على التوسع في إنشاء المصافي والمشاركة في صفقات تكرير مع الشركات الرئيسية في أسواق النفط العالمية المهمة، حتى تتمكن تدريجياً من تقليل اعتمادها على صادرات الخامات النفطية وتصبح الحصة الأكبر من إنتاجها تباع مكررة. ويرى خبراء أن مثل هذه الاستراتيجية ستزيد من دخل السعودية من مبيعات النفط من جهة، كما أنها ستحررها من التزامات حصص "أوبك" من جهة أخرى. ويذكر أن طاقة التكرير السعودية داخلياً وخارجياً تقدّر بحوالى 5.4 ملايين برميل يومياً.
ورغم أن وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، أكد في تصريحات نقلتها وكالة انترفاكس، يوم الأربعاء، مواصلة التعاون مع السعودية، على الرغم من عدم وجود اتفاق حول تثبيت إنتاج النفط وأنه يرغب في اللقاء مع وزير النفط السعودي الجديد خالد الفالح، إلا أن مصادر غربية تقول إن هنالك "خطة روسية ـ إيرانية " لعزل السعودية أو لإضعاف نفوذها في منظمة "أوبك".

ورغم هذه التصريحات الإيجابية، إلا أن موسكو تضع عينها على"أوبك" التي تنافسها على سوق الطاقة العالمي، وترى أن السعودية تقف في طريقها للهيمنة على هذه المنظمة المهمة. وتشير هذه المصادر إلى أن روسيا التي تعتمد في اقتصادها على صادرات النفط والغاز تخطط منذ مدة لإيجاد مدخل تهيمن به على المنظمة البترولية، ولكن من الواضح أن ذلك ما كان له أن يتحقق لها من خلال التعاون مع السعودية التي تعد قوة عظمى في صناعة الطاقة وتربطها علاقات قوية مع الدول الغربية. وتشير المصادر الغربية إلى أن التوافق السياسي الجاري حالياً بين إيران وروسيا في سورية وحاجة طهران الماسة للدعم السياسي الروسي الصيني بعد أن فشلت في تحقيق حصاد يذكر من توقيعها للاتفاق النووي يضعها في موقف ضعيف وربما يجعل منها لقمة سائغة لأطماع موسكو وتوظيفها في مخطط عزل السعودية ليصفو لروسيا الجو في تحديد استراتيجات الطاقة العالمية من خلال الهيمنة على النفط والغاز. ويسعى الرئيس بوتين إلى لعب ورقة الطاقة مع بكين ضد الولايات المتحدة وأوروبا خلال السنوات المقبلة، خاصة أنه يراهن على نفاد النفط الصخري الأميركي.
وحتى الآن لا توجد أية أدلة على أن السعودية ودول الخليج غيّرت موقفها من رفض التدخل في السوق النفطي عبر تحديد حجم الإمدادات. وفي هذا الصدد، أعلن وزير النفط الكويتي بالوكالة، أنس الصالح، مساء الخميس، أن بلاده لا تتوقع أن يتقرر أي تحرك منسّق أثناء الاجتماع المقبل للمنظمة في يونيو/ حزيران. وأبلغ الصالح وكالة "رويترز" في طوكيو، على هامش ندوة أعمال كويتية - يابانية، أن "التركيز في الاجتماع سيكون على التفكير والتدبّر بشأن ماهيّة الخطوات والحوار وليس التدخل في السوق".
ورغم التحسن الذي شهدته أسعار النفط فوق 45 دولاراً، منذ اجتماع الدوحة في الشهر الماضي، فإن مخاوف تزايد إمدادات النفط من دول المنظمة أوقفت تقدم الاسعار نحو 50 دولاراً. حيث تقول إيران إن إنتاجها اقترب من 4 ملايين برميل يومياً، كما شارف إنتاج العراق على 4.8 ملايين برميل يومياً، وتستطيع الكويت إنتاج 3.2 ملايين برميل يومياً. أما السعودية، فتستطيع إنتاج حتى 12.5 مليون برميل يومياً إذا أرادت إغراق السوق، ولكن المسؤولين السعوديين يقولون إن أية زيادة ستأخذ في الحسبان استقرار السوق النفطية.