معلقون إسرائيليون بعد تبرئة مبارك: جنرال برّأ جنرالاً

03 ديسمبر 2014
محللون إسرائيليون توقفوا عند تظاهر أنصار مبارك ومنع معارضيه(الأناضول)
+ الخط -

يجمع عدد من المعلّقين والباحثين الإسرائيليين، على أنّ نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومن خلال تبرئته الرئيس المخلوع حسني مبارك من تهمة قتل المتظاهرين، إنّما يريد إسدال الستار على ثورة 25 يناير ووضع نهاية لها.

وفي سياق متّصل، يشير الكاتب، تسفي بارئيل، في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" بعد صدور حكم البراءة، إلى أنّ "قرار المحكمة، يعني أنّ مبارك لن يحاسب على ثلاثين عاماً من قضايا إفساد منظومة الحكم في مصر، ولن يحاكم على قمع الحريات والمسّ بحقوق المواطن المصري الأساسيّة".
ويشير بارئيل إلى أنّ "محاكمة مبارك، كان يُفترض أن تُمثّل محاكمة لطريقة الحكم التي أرساها العسكر منذ استيلائه على الحكم عام 1952"، لافتاً إلى أنّ "النظام القضائي المصري الذي برّأ مبارك، يُعتبر جزءاً من منظومة الحكم التي أرساها الجنرالات وعملت وفق مصالحهم".

ويصف بارئيل ما حدث بأنّ "جنرالاً قام بتبرئة جنرال آخر، ورئيساً حالياً حرص على تنقية سمعة رئيس سابق"، معتبراً أنّ السؤال الذي يطرح نفسه هو "من قتل المتظاهرين، بعد تبرئة وزير داخلية مبارك، الحبيب العادلي والقيادات الشرطية والأمنية؟". ويتوقّع أن "يؤسّس قرار تبرئة مبارك المستفز لحركة احتجاج عارمة على حكم العسكر"، معتبراً أنّ "جموع الشعب المصري لن تهتف مجدداً: الشعب والجيش يد واحدة". ولا يستبعد أن "يحرص السيسي، في المقابل، على إبقاء ميدان التحرير فارغاً".

من ناحيته، يقول أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة "بار إيلان"، الباحث أودي بلنغا، أنّ "قرار تبرئة مبارك يُعتبر قراراً سياسياً اتخذته قيادة الجيش"، معرباً عن اعتقاده بأنّ "المؤسّسة العسكريّة ترى في مبارك جزءاً لا يتجزأ منها".

ويرى، في مقابلة أجرتها معه صحيفة "ميكور ريشون"، قبل يومين، أنّه "كان بحكم المؤكد بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، أن السيسي سيعمد إلى إغلاق ملف مبارك".
ويشير بلنغا إلى أنّ "قراراً اتخذ في القاهرة، بالبحث عن مخرج لتبرئة مبارك، وهذا السلوك ليس غريباً عندما يتحكّم الجيش في قيادة دولة ما"، لافتاً إلى أنّ "قيادة الجيش تُدرك أنّه لو تمّت محاكمة مبارك بشكل جدي لكان من المفترض أن تتم محاكمة هذه القيادة وإدانتها، فلا يمكن تبرئتها من تهم قتل المتظاهرين".

وفي موازاة اشارته إلى أنّ "السيسي انطلق في حرصه على تبرئة مبارك من افتراض مفاده أن هذه الخطوة تسهم في تعزيز الاستقرار في البلاد"، يقول بلنغا إنّ "السيسي يتعاون أمنياً مع إسرائيل في مواجهة التنظيمات "الإرهابية السنيّة" العاملة في سيناء وقطاع غزة"، مشدداً على أن "إسرائيل مدينة في الحفاظ على اتفاقية "كامب ديفيد" للجنرالات في مصر".
ويذهب بلنغا إلى حدّ القول إنّ "قيادة الجيش المصري تمثّل الضمانة الأهم للحفاظ على العلاقات مع مصر"، مشيراً إلى أنّه "لو تعلّق الأمر بالشعب المصري، لكانت اتفاقية "كامب ديفيد" قد أُلغيت منذ زمن بعيد".

وفي السياق ذاته، يعتبر الكاتب أنشي بيبر، وفق مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، أول من أمس الأحد، أنّ "تبرئة مبارك تدلّل على أنّ ثورة 25 يناير لفظت أنفاسها". ويشكّك في "نجاح جنرالات الجيش في ضمان استقرار البلاد بعد تبرئة مبارك"، لافتاً إلى أنّ "عودة الجيش للحكم لا تحظى بدعم الشعب المصري".

ويتوقّف بيبر عند مفارقة تتمثل "بمنع الجيش المصري جموع المصريين من التظاهر احتجاجاً على قرار المحكمة، في وقت احتفى فيه الآلاف من أنصار مبارك بقرار تبرئته". ويوضح أن "قرار التبرئة لم يغيّر شيئاً بالنسبة إلى مبارك، الذي كان محتجزاً في المستشفى العسكري الفخم، والذي تشبه ظروف الإقامة فيه، ظروف الإقامة في فنادق الخمسة نجوم".

ولم تفت بيبر الإشارة إلى أن "هذا المستشفى قد تم بناؤه من أموال الدعم الأميركي"، مشيراً إلى أنّ "الدعم الأميركي يُعتبر أحد مصادر الثراء للجنرالات في القاهرة". ويقول إنّه على الرغم من أنّ "نظام عبد الفتاح السيسي يعلن تأييده لمبادئ ثورة 25 يناير، فإنه يعمل في الواقع على اغتيالها". ويعرب عن احباطه من الثورات العربيّة، التي قال إنه "كان هناك أمل بأن تكون الثورات العربيّة امتداداً للموجة التي بدأت عام 1989، عندما انهار جدار برلين، وراهن البعض على أن التحوّل نحو الديموقراطيّة بات نتيجة ناجزة، بسبب رغبة البشر المتأصّلة في الحريّة، لكنّ الآلاف الذين حيوا مبارك خارج مبنى المحكمة التي برأته، دللوا على أنّ هناك أموراً أكثر أهميّة من الحريّة".

المساهمون