معضلة نفط الجزائر... مخاوف على الإيرادات بعد خفض الإنتاج

18 ابريل 2020
تراجع الإنتاج يؤثر على العائدات انخفاضاً (Getty)
+ الخط -
حمل خبر توصل دول "أوبك+" إلى اتفاق خفض إنتاج النفط بنحو 10 ملايين برميل يومياً جرعة إرباك إضافية للجزائر، المنهك اقتصادها الهش بركود فرضته "جائحة كورونا"، إذ إن حكومة الرئيس عبد المجيد تبون ستجد نفسها بين خياري تراجع عائدات النفط من جراء تقليص الإنتاج، وارتفاع الإنفاق الحكومي إلى أكثر من 60 مليار دولار. ويتعزز الإرباك، مع استمرار المسار الهبوطي لسعر برميل النفط بالرغم من الاتفاق النفطي التاريخي.

ووفق مخرجات اجتماع "أوبك+"، فإن الجزائر مطالبة بتخفيض إنتاجها بـ 200 ألف برميل يومياً، خلال شهري مايو/ أيار ويونيو/ حزيران بغية تحقيق استقرار أسعار النفط.

وفي أول تعليق رسمي على القرار، خفف وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب من تأثر عائدات الجزائر من بيع النفط التي تشكل أكثر من 90% من الإيرادات الإجمالية للبلاد. وقال إن "مداخيل الجزائر لن تتأثر وستعرف توازن مستقبلاً. إلا أن تصريحات الوزير الجزائري لم يجد فيها الخبراء ما يستحق الاهتمام، كونها تتناقض والمنطق الاقتصادي، وواقع مؤشرات الاقتصاد الجزائري.

وفي السياق، يقول الخبير الاقتصادي حميد غلوان إنه "ستكون لاتفاق تخفيض الإنتاج آثار سلبية على الاقتصاد الجزائري، ذلك أن الجزائر ستقوم بتخفيض بين 25% إلى 28% من إنتاجها اليومي، فإذا كانت هذه الكمية ستخفض من حصة صادراتها، وهذا هو المطلوب للمساهمة في تخفيض العرض العالمي، فإن المداخيل ستتراجع بناء على تراجع الكمية المصدرة. أما إذا كان الخفض سيكون من الاستهلاك الداخلي، فإن ذلك سيؤدي إلى تراجع المنتجات النفطية المصنعة محلياً على غرار الوقود الذي تستمر الجزائر في استيراده. ويبقى السؤال المطروح بشدة متى نتخلص من التبعية لقطاع المحروقات، ليس كمصدر للطاقة ولكن كمصدر مالي لتمويل الواردات والإنفاق العمومي؟".

ويضيف المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "الحكومة في مخططها تراهن على دفع التخفيض لزيادة في سعر النفط، ما يساعدها على تعويض خسائر التخفيض، لكن هذه المراهنة تبدو مقامرة، وأكبر دليل هو عدم تفاعل البورصات العالمية غداة اتفاق الخميس مع قرارات "أوبك+، واستمرار تخبّط الأسعار".

وكانت الجزائر قد خسرت 6 مليارات دولار في فاتورة الصادرات لسنة 2019، بعدما تراجعت إلى 35 مليار دولار مقابل 41 مليار دولار سنة 2018، حسب إحصائيات الجمارك الحكومية، وذلك بعد تواصل انهيار إيرادات النفط.

وعقّد تهاوي أسعار النفط حسابات الحكومة التي نجحت مطلع فبراير/ شباط الماضي في إقناع البرلمان بتمرير مخطط عملها الخماسي، الذي سيكلف الخزينة العمومية 270 مليار دولار، ما دفع حكومة الرئيس عبد المجيد تبون، التي تعاني أصلاً من شحّ الموارد، إلى مراجعة حساباتها، وإعادة ترتيب الأولويات، بما يتماشى والمرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد.

وحسب الخبير الاقتصادي الجزائري، جمال نور الدين، فإن "الحكومة ستضطر لمراجعة حساباتها، فموازنة 2020 بُنيت على أساس سعر مرجعي للنفط بـ 50 دولاراً للبرميل"، مشيراً إلى أن السعر هوى بما يفوق 40%، ما يعني أن عائدات البلاد ستنزل بـ 40% أقله، يضاف إليها خصم الحصة المترتب على الجزائر تقليصها من الإنتاج، ما ينذر بفجوة كبيرة في الميزان التجاري".

ويضيف نور الدين لـ"العربي الجديد" أن الحكومة ستتبنى من دون شك إجراءات تقشفية وسياسة شد الحزام، يتخللها توسع ضريبي سيمس الجزائريين، إضافة إلى استمرار السحب من الاحتياطي، بموازاة أزمة كورونا.

وبلغ احتياطي الجزائر من العملة الصعبة 62 مليار دولار عند مطلع السنة الحالية، وبهذا الرقم يسجل احتياطي الصرف الجزائري تراجعاً بـ 10 مليارات دولار في أقل من سنة.

وفي السياق، يقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول إن "الحكومة في إعداد الموازنة العامة للسنة الحالية توقعت أن يصل العجز في الميزانية إلى 20 مليار دولار، يقابله عجز بـ 30 مليار دولار في الخزينة العمومية، على أن يصل العجز في الميزان التجاري إلى 16 مليار دولار عند نهاية 2020، أي نحن أمام عجز مركب يقدر بـ 66 مليار دولار، أي 106% من الاحتياطي النقدي الحالي".

ويشرح المتحدث ذاته لـ"العربي الجديد": "سيكون الامتحان الحقيقي للحكومة إيجاد الموارد لتسيير الدولة، المتميز أصلاً بارتفاع الإنفاق العام، مع توفير موارد مالية أخرى تترجم بها سقف تعهداتها في برنامج عملها، سواء السياسية أو الاقتصادية وحتى الاجتماعية".
المساهمون