معسكر 3 يوليو.. طريد أو مهمش أو سجين

03 يوليو 2015
تظاهرات مؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي (فرانس برس)
+ الخط -
تحلّ الذكرى الثانية لانقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013، وسط تغيّر المشهد بشكل جذري وكامل، بعد ظهور الخلافات بين مكوّنات معسكر 30 يونيو/حزيران 2013 إلى العلن، وتحوّل مسوّقي الانقلاب من القوى السياسية إما لسجين أو طريد أو مهمّش، بعد سيطرة المؤسسة العسكرية على كافة مناحي الحياة في مصر، وعسكرة كافة المؤسسات بشخصيات من أبنائها، وتحديداً بعد وصول وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي لمنصب رئيس الجمهورية.

وكان محمد البرادعي أول المُبعدين قبل الذكرى الثانية، رغم أنه يُعدّ من أهم مسوقي الانقلاب. كما كان ظهوره خلف السيسي خلال إلقائه بيان الانقلاب الأول في 3 يوليو، كممثل لـ"جبهة الإنقاذ"، حافزاً دفع بعض القوى الغربية لتقبّل المشهد حينها. أدرك البرادعي لاحقاً أن "بقاءه إلى جوار وزير الدفاع ودعمه للانقلاب سيورّطه في تحمل مسؤولية ما يسقط من دماء"، فتقدم باستقالته مساء 14 أغسطس/آب 2013، بعد مجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور وقتها.

وما إن قدّم استقالته، حتى بدأت الأذرع الإعلامية داخل المؤسسة العسكرية، هجومها على الرجل، ليتحوّل بين عشية وضحاها من بطل وطني، إلى خائن وعميل للولايات المتحدة وجاسوس لإسرائيل، ثم عميلاً لـ"خلايا إخوانية نايمة"، حسبما روّج مقدّمو البرامج حينها. رحل البرادعي بعدها من حيث أتى إلى العاصمة النمساوية فيينا، شبه معتزل للحياة السياسية، وشدّد أن "العسكر لا يعرفون السياسة ولن يقوموا باستيلاد ديمقراطية في مصر"، مؤكداً أنه "تعرّض للخداع".

من البرادعي إلى أحمد شفيق، فقد أمضى الرجل عاماً كاملاً وهو هارب في دولة الإمارات من الملاحقة القضائية. مع العلم أن شفيق خاض الانتخابات الرئاسية 2012 وخسرها. وكان طيلة فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك يتمتع بحرية في الخروج على وسائل الإعلام المصرية، وتوافد عليه مقدمو البرامج من دون تضييق من نظام الحكم في مصر وقتها. ودعم شفيق الانقلاب العسكري بكل ما أوتي من قوّة، ظنّاً منه أنه سيكون الرئيس العتيد للجمهورية بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي.

غير أن شفيق فوجئ باستبعاده من المشهد السياسي في مصر، بل وإصدار فرمان من حكام البلاد الجدد بعدم عودته نهائياً. وهو ما عبّر عنه بعد اشتعال الأزمة بينه وبين السيسي أخيراً، قائلاً "كنت أظن بأنني سأكون أول الحاضرين في مشهد الثالث من يوليو". وأكد الرجل بالتالي مشاركته في المؤامرة، مضيفاً "الجميع يعلم ما فعله أحمد شفيق خلال عام حكم مرسي في الإطاحة به وبالإخوان".

ولم يكتفِ السيسي ورفاقه بالمؤسسة العسكرية بالتوقف عند هذا الحد مع شفيق، بل قاموا بانقلاب عليه، ليقرر السيسي والمجلس العسكري الخروج على اتفاق غير معلن، وترشيح نفسه في الانتخابات، على الرغم من التأكيدات المتتالية من قادة المجلس العسكري بأنه لن يرشح نفسه.

اقرأ أيضاً الحرب في أرض مصر: 80 قتيلاً للجيش في سيناء

بعد البرادعي وشفيق، غاب المرشحان الرئاسيان السابقان، حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح، عن الصورة، وباتا يُطلقان مواقف تذكيرية عبر بيانات، رغم أنهما خاضا معركة قوية في انتخابات الرئاسة 2012، انتهت بحصول كل منهما على نحو أربعة ملايين صوت.

صباحي، الذي كان أحد أعمدة "جبهة الإنقاذ" التي شكّلها معارضو مرسي، كان هو الآخر من أبرز من تمّ خداعهم من جانب قادة المؤسسة العسكرية، فالرجل ظنّ أنه سيكون مرشح المؤسسة العسكرية التوافقي لرئاسة الجمهورية بعد الإطاحة بمرسي، وسرعان ما استفاق على صفعةٍ عقب إعلان السيسي الترشح للرئاسة ليهدم أحلامه.

بعد هذا لم يعد أمام صباحي سوى الخروج بتصريحات وبيانات إعلامية من وقت لآخر، بعد أن أدرك أنه ما كان إلا أداة في يد العسكر. وكان من أبرز تصريحاته ما جاء عقب مذبحة الدفاع الجوي، التي شهدت مقتل 22 من رابطة "أولتراس وايت نايتس" التابعة لنادي الزمالك، أثناء محاولتهم دخول استاد 30 يونيو، في فبراير/شباط الماضي، لتشجيع فريقهم أمام فريق إنبي بالدوري العام لكرة القدم.

وقال صباحي وقتها "إن السلطة في مصر لا تريد أن تتعلم من الدم الذي يسقط كل يوم وغير قادرة على حماية شعبها". وأضاف "الرئيس عبد الفتاح السيسي مسؤول عن هذه الدماء وعليه إيجاد حلول لتجاوز الأوضاع الراهنة"، متسائلاً "لماذا يموت 20 شاباً ذهبوا لمشاهدة مباراة كرة قدم".
أما عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب "مصر القوية"، الذي شارك هو وحزبه في تظاهرات 30 يونيو ضد مرسي، كان أكثر وضوحاً من صباحي، فبعد سلسلة من المجازر والدماء واعتقال نحو 12 عضواً من أعضاء حزبه. أعلن الرجل بشكل واضح أن "ما جرى في 3 يوليو كان انقلاباً على سلطة منتخبة"، مؤكداً أن "تظاهره في 30 يونيو كان فقط من أجل إجبار مرسي على الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة".

وانتهى الحال بأبو الفتوح إلى إصدار مبادرة أخيراً بالدعوة في مقالٍ نشره في إحدى الصحف الخاصة المصرية، يطرح فيها إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ونقل صلاحيات رئيس الجمهورية الحالي لحكومة كفاءات. وهي المبادرة التي لم تلقَ أي اهتمام سواء من النظام السياسي الحالي أو جماعة "الإخوان المسلمين" و"تحالف دعم الشرعية".

أما الفريق الثالث من داعمي الانقلاب على مرسي، فتحل الذكرى الثانية وهم قابعون خلف قضبان العسكر في زنازين انفرادية. وفي مقدمة هؤلاء أحمد ماهر مؤسس "حركة 6 إبريل"، وزميله بالحركة محمد عادل، وأحمد دومة عضو "ائتلاف شباب الثورة" سابقاً، والناشط السياسي علاء عبد الفتاح.

وما أن خرج ماهر في رسالة متلفزة له نشرها على شبكة الإنترنت في 7 يونيو 2014، معلناً ندمه على المشاركة في 30 يونيو، واصفاً ذلك بـ"القرار الخاطئ"، حتى تم الزجّ به في السجن هو وعادل؛ بدعوى خرقه "قانون التظاهر" و"تنظيم تظاهرة أمام محكمة عابدين بالقاهرة"، من دون الحصول على ترخيص مسبق ليحكم عليهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات.

أما أحمد دومة والذي كان من أشرس المعارضين للرئيس المعزول، والذي نظم تظاهرة أمام مقر المركز العام لجماعة "الإخوان" بمنطقة المقطم، فقد حاز النصيب الأكبر من التنكيل بعد تقديمه للمحاكمة وتحريك قضية كان متهماً فيها، وهي "حرق المجمع العلمي" خلال أحداث "مجلس الوزراء" نهاية العام 2011. وحُكم على دومة بالسجن المؤبد مع 299 شخصاً آخرين، وتغريمهم مجتمعين 2.3 مليون دولار، بالإضافة لحكم آخر بالسجن ثلاث سنوات في قضية خرق "قانون التظاهر" مع ماهر وعادل.

اقرأ أيضاً: تظاهرات في الإسكندرية بذكرى الانقلاب والأمن يتأهّب

المساهمون