معركة هندية بين قاعات السينما ومنصات البث التدفقي

05 يوليو 2020
كورونا فرضت إغلاق جميع دور السينما (فرانس برس)
+ الخط -

في ظل الإغلاق المستمر لصالات السينما في الهند منذ مارس، من دون أفق لإعادة فتحها قريباً، ساهم وباء كورونا (كوفيد-19) بتسعير المعركة بين القاعات المظلمة ومنصات الفيديو في بلاد بوليوود.

فبعدما حُرموا فجأة المسارَ الرئيسي لعرض أفلامهم، لجأ منتجون في بوليوود إلى منصات البث التدفقي، بينها "نتفليكس" و"أمازون برايم" و"ديزني+" لعرض أفلامهم الطويلة، ما يثير سخطاً في أوساط شبكات السينما التقليدية.

وخلال الشهر الفائت، طرحت "أمازون برايم" فيلم "غولابو سيتابو" من بطولة نجم بوليوود أميتاب باتشان، من دون المرور بالشاشة الكبيرة.

وقد اعتمد هذا الخيار منتجو أفلام أخرى باللغة الهندية، وأيضاً بلغات إقليمية عدة، بينها التامول والتيلوغو والمالايالام.

ويقول شوجيت سيركار، مخرج فيلم "غولابو سيتابو" لوكالة فرانس برس، إن "طرح الفيلم عبر الإنترنت كان قراراً صعباً"، لكن الاعتبارات الاقتصادية كانت لها الكلمة الفصل.

ويوضح قائلاً: "ثمة فنيون كثر يعتمدون عليّ. سحر السينما لا يمكن أن تحلّ محله المشاهدة عبر التلفزيون أو جهاز "آي باد" أو الكمبيوتر المحمول. لكن كان عليّ المضي قدماً".

وحذّرت "آينوكس ليجر ليمتد"، ثانية كبرى شبكات الصالات السينمائية الهندية، المنتجين المعنيين بأنهم يعرّضون أنفسهم  لـ"تدابير عقابية" محتملة.

ويوضح المدير التنفيذي للشبكة، سيدارت جاين أنّ "صناعة النجوم السينمائيين لا تحصل على الشاشة الصغيرة، بل على الشاشة الكبيرة".

ويقرّ جاين بأن مشغلي صالات السينما يواجهون منافسة شرسة أمام شركات تملك ميزانيات طائلة. ويقول: "لا يمكن أيَّ نموذج تجاري في العالم أن ينافس المال المجاني، ونتفليكس ليست سوى مال مجاني".

وتشكّل الهند أكبر منتج للأفلام في العالم، إذ أنجز فيها ما يقرب من 1800 عمل سينمائي سنة 2018 بلغات متعددة. كذلك فإن بعض نجوم بوليوود يحظون بشعبية كاسحة، لدرجة أن بعض المعجبين لا يتوانون عن زيارة منازل نجومهم المفضلين طمعاً بلقائهم.

وتمثّل قاعات السينما مقصداً محبباً لدى الهنود، خصوصاً مع أسعار التذاكر المتدنية، إذ يمكن هؤلاء التمتع بمشاهدة الأفلام في قاعات مبردة بمقابل مبلغ زهيد لا يتعدى دولاراً واحداً.

وتتيح صالات سينمائية أكثر حداثة، وأغلى ثمناً مشاهدة الأفلام على كراسي قابلة للانحناء، مع أغطية للاتقاء من برد المكيفات ومروحة واسعة من الأطباق التي تقدم مباشرة للمتفرجين على مقاعدهم.

لكن في ظل التركيبة السكانية الشبابية في الهند، حيث نصف السكان دون سن الثلاثين، ومع شغف كثيرين بالتقنيات الحديثة، يثير هذا البلد العملاق ذو الـ1,3 مليار نسمة شهية عمالقة قطاع البث التدفقي، الذين استثمروا مليارات الدولارات على هذه السوق في السنوات الأخيرة.

تشكّل الهند أكبر منتج للأفلام في العالم، إذ أنجز فيها ما يقرب من 1800 عمل سينمائي سنة 2018

وبلغ عدد مشتركي خدمة "هوتستار" المحلية الرائدة في السوق المحلية، التي باتت مملوكة لمجموعة "ديزني"، 300 مليون شهرياً سنة 2018. وتقدم المنصة بعض المحتويات المجانية وأخرى مخصصة لأصحاب الاشتراكات المدفوعة.

ولطالما قاوم نايجل دسوزا، وهو مدرّس في بومباي في السابعة والعشرين من العمر، إغراءات الإنترنت، وبقي يفضّل مشاهدة الأفلام في صالات السينما. لكن عندما أعلنت الهند إغلاق صالات السينما للحد من تفشي فيروس كورونا الجديد، اشترك هذا الشاب الهندي في "أمازون برايم" (في مقابل أقل من دولارين شهرياً) و"نتفليكس".

وسرعان ما بات دسوزا مولعاً بهذه الخدمات الإلكترونية، إذ يشاهد من خلالها الأفلام بصورة متواصلة من دون الخوف من الإصابة بالفيروس. ويقول: "إنها خدمة بخسة الثمن (...) ولا حاجة لإنفاق المال من أجل شراء الفشار أو دفع أجرة التنقل".

ويؤكد مدير المحتويات في "أمازون برايم" بالهند، فيجاي سوبرامانيام، أن منصات البث التدفقي لا تسعى إلى دفع صالات السينما إلى الإغلاق. مضيفاً: "تؤدي قاعات السينما دوراً مهماً في توزيع الأفلام، ونحن لا نسعى إلى تغيير ذلك".

لكنه يعتبر أن "تفضيلات المستهلكين حيال ما يرغبون في مشاهدته ستواصل التطور بموازاة تغير القطاع بفعل التكنولوجيا".

محلل: تجربة السينما تجري في عروقنا، ولن تصبح بالية أبداً

وتستعد قاعات السينما الهندية لإعادة فتح أبوابها، بالترافق مع تدابير صحية من شأنها تقليص إيراداتها. لكن هذا القطاع يأبى الاستسلام.

ويقول المحلل في قطاع السينما في بومباي، غيريش جوهر، إن "تجربة السينما تجري في عروقنا، وهي لن تصبح بالية أبداً".

 

(فرانس برس)

المساهمون