معركة عدن .. نقطة تحول في حرب اليمن
تحوّل ميزان القوى في جنوب اليمن ضد الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق، علي عبد الله صالح. بات هؤلاء وخصومهم على عتبة نقطة تحوّل في الحرب الأهلية التي تدور رحاها منذ أربعة أشهر؛ فإما أن يدرك الطرفان أنه لا يمكن لأي منهما أن يحقق نصراً كاملاً، فيختاران السلام، أو أن يُدخلا البلاد في أتون موجة جديدة من الصراع الأكثر تدميراً.
بعد حصول المقاتلين على دعم عسكري يتمثل في عتاد جديد، وقوة جوية وتدفق مقاتلين يمنيين تم تدريبهم في السعودية، تمكّنوا من الاستيلاء على المطار الدولي في المدينة والمناطق المحيطة به في 14 يوليو/تموز. ويبدو أنهم على وشك تعزيز سيطرتهم على عدن للمرة الأولى منذ وصل الحوثيون إلى مشارف المدينة في أواخر مارس/آذار 2015.
أحدث هذا النصر الرئيسي الأول ضد التحالف الشمالي بين صالح والحوثيين تحوّلاً في المناخ النفسي لحرب اليمن، فمَنَح جرعة جديدة من الأمل للطيف الواسع من المجموعات التي كانت تقاوم محاولات هذا التحالف، للسيطرة على البلاد منذ سبتمبر/أيلول الماضي. ستشكل خسارة عدن بشكل كامل ضربة موجعة لتكتل صالح والحوثيين، وستذكّرهم بنقاط ضعفهم العسكرية والسياسية خارج معاقلهم التقليدية في المرتفعات الشمالية في اليمن.
إلاّ أن المكاسب التي تحققت، حتى الآن، في عدن تبقى هشة وغير مكتملة، ولا يزال غير واضح كيف سيؤدي اندفاع المقاتلين المعادين للحوثيين لإعادة الاستيلاء على عدن إلى تحديد الشكل النهائي للصراع. يمكن أن تشكّل هذه المكاسب محوراً للمفاوضات على مستقبل البلاد، إلاّ أنها يمكن، أيضاً، أن تُلهب الصراع وتعمّق العنف السائد وتطيل أمده. الحصيلة المثلى للصراع، في هذه اللحظة، هي تحقيق نصر واضح للمقاتلين المعادين للحوثيين في عدن، يكون متبوعاً بتجدّد النشاط الدبلوماسي للتوصّل إلى وقف شامل لإطلاق النار، والشروع في مفاوضات سياسية.
سيوفّر انتصار التحالف الذي تَشكَّل ضد الحوثيين وعلي عبد الله صالح في المدينة حوافز جديدة لكلا الطرفين، للجلوس إلى طاولة المفاوضات. حتى الآن، تنظر السعودية والحكومة اليمنية التي تعمل من المنفى في الرياض إلى المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة بتشكك، جزئياً، لأنهما لا تثقان بأن تكتل صالح والحوثيين سيتفاوض بنيّة طيبة أو سيقبل بالتسوية ما لم تلحق به الهزيمة العسكرية على الأرض. قد تكون معركة عدن الانتصار اللازم لدفع هؤلاء لتغيير حساباتهم. في هذه الأثناء، يمكن أن تساعد خسارة عدن في إقناع تحالف صالح والحوثيين بأن خياره الأفضل هو الموافقة على وقف إطلاق النار، والتوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة، يمنع استمرار حرب استنزاف مدمّرة، لا يستطيع أي من الطرفين أن يحقق فيها انتصاراً فعلياً.
كما أن من شأن انتصار الجبهة المعادية للحوثيين في عدن، أيضاً، أن تساعد في معالجة التحدّيات البنيوية التي طغت على محاولات الشروع في المفاوضات، من أجل التوصل إلى اتفاق سلام. تمحورت استراتيجية الأمم المتحدة لإنهاء حرب اليمن حول خطة للتوسط في اتفاق بين الحكومة اليمنية في المنفى، التي يقودها الرئيس المطاح به، عبد ربه منصور هادي، وتحالف صالح والحوثيين في صنعاء، إلاّ أن الدور الرئيسي لحكومة هادي في الصراع اقتصر، حتى الآن، على تقديم الدعم المعلن لحملة جوية وحصار بحري يفرضهما تحالف من الدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية. أما القتال الحقيقي على الأرض فقامت به مجموعات محلية تدافع عن نفوذها في مناطقها، من دون أن يكون لها صلات تذكر بحكومة هادي، أو أن تكون بالضرورة موالية له.
التوصل إلى وقف إطلاق نار حقيقي، والأكثر أهمية من ذلك الشروع في مفاوضات سياسية لتشكيل حكومة، وغير ذلك من القضايا المعلقة، يتطلب مشاركة هذه المجموعات. كما أن تشكيل جبهة موحّدة ضد الحوثيين تتخذ من عدن مقراً لها سيسهّل مهمة مبعوث الأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في التوسط في اتفاق بين جميع الأطراف المتحاربة.
في حين أن مثل هذا الاتفاق سيشكّل أخباراً جيدة بالنسبة لليمنيين، فقد دُمِّر البلد نتيجة الحرب وبات على شفير المجاعة، وتاريخ اليمن الحديث لا يعطي مبرراً للتفاؤل. بدلاً من أن يؤدي انتصار التحالف في عدن إلى تمهيد الطريق للتسوية، من المرجح أيضاً أن يشجّع المتشددين في المعسكر المعادي لصالح والحوثيين المصمِّمين على تحقيق النصر الكامل، ويزيد من جرأتهم، ما سيؤدي، على الأرجح، إلى اشتداد عزيمة الحوثيين في مواجهتهم.
اكتسب الحوثيون سمعة يستحقونها في عدم الوفاء بالوعود وإفشال محاولات التوصل إلى حل سياسي تفاوضي، مقبول من جميع الأطراف. طالما استمر تحالف الحوثيين مع صالح والموالين له، فإنهم سيظلون في موقع مهيمن في الشمال، ومن غير المرجح أن يوافقوا على تسوية تفرض عليهم تكلفة كبيرة، حتى لو كان الثمن شهوراً أو سنوات من الحرب الطاحنة. إن انتصاراً في عدن سيشكل خطوة أولى بالنسبة للمقاتلين المعادين للحوثيين، وليس ضربة قاضية.
كما أن الاحتمالات تبقى كبيرة في أن يشن الحوثيون والقوات الموالية لصالح هجوماً جديداً لاستعادة السيطرة على عدن، أو للتمسك بأجزاء من المدينة، بشكل يحدّ من قدرة خصومهم على استخدامها منصة انطلاق لحملتهم في الأجزاء الأخرى من البلاد. كما يمكن أن يضربوا في أماكن أخرى؛ فقد توعد الزعيم الحوثي، عبد الملك الحوثي، أخيراً، بتكثيف الهجمات، ربما على طول الحدود مع السعودية. كما يمكن لإيران التي ستتنامى قوة وثراءً أن تزيد من مساعداتها للحوثيين، مع تعمّق الصراع بين السعودية وإيران على النفوذ الإقليمي.
كما أن ثمة عوامل أخرى جديرة بالاهتمام. إذا تحوّل ميزان القوى ضد تحالف صالح والحوثيين في المناطق الجنوبية والغربية، حيث المعارضة في أقوى حالاتها، من المرجح أن تبرز الانقسامات بين المقاتلين المعادين للحوثيين بمرور الوقت. تتكون قوات "المقاومة" التي تواجه تحالف صالح والحوثيين من خليط غريب من الشركاء الذين لا يجمعهم سوى معارضة الحوثيين. ويشمل هؤلاء رجال القبائل الذين لهم مظالم لدى الحوثيين، والسلفيين العنيفين، والانفصاليين الجنوبيين وغيرهم. لكل مجموعة من هؤلاء رؤية مختلفة جذرياً عن رؤية المجموعات الأخرى لمستقبل اليمن.
نظراً لأنه ما من طرف هو في موقع يمكّنه من تحقيق نصر كامل، أو من اقتطاع جزء مستقر من البلاد، على الأطراف المتحاربة في اليمن أن تجعل من معركة عدن خطوة نحو تسوية يحتاجها اليمن بشدة. ينبغي أن يتبنى الطرفان تسوية تفاوضية شاملة، وبنيّة طيبة مع جميع الأطراف تشمل انسحاب المليشيات من الأراضي، وتشكيل حكومة ائتلافية، وفي الحد الأدنى، تحقيق حكم ذاتي للمناطق الوسطى والجنوبية من البلاد.
الاستمرار في المسار الحالي سيؤدي فقط إلى صراع مدوَّل وطويل على نمط الصراع في سورية أو ليبيا. واختيار عدم القيام بشيء والسماح باستمرار الحرب سيضمن الوصول إلى هذه النتيجة، مع استمرار المعاناة الإنسانية الخطيرة، وتنامي التطرف وتعمّق عدم الاستقرار في كل شبه الجزيرة العربية.
أحدث هذا النصر الرئيسي الأول ضد التحالف الشمالي بين صالح والحوثيين تحوّلاً في المناخ النفسي لحرب اليمن، فمَنَح جرعة جديدة من الأمل للطيف الواسع من المجموعات التي كانت تقاوم محاولات هذا التحالف، للسيطرة على البلاد منذ سبتمبر/أيلول الماضي. ستشكل خسارة عدن بشكل كامل ضربة موجعة لتكتل صالح والحوثيين، وستذكّرهم بنقاط ضعفهم العسكرية والسياسية خارج معاقلهم التقليدية في المرتفعات الشمالية في اليمن.
إلاّ أن المكاسب التي تحققت، حتى الآن، في عدن تبقى هشة وغير مكتملة، ولا يزال غير واضح كيف سيؤدي اندفاع المقاتلين المعادين للحوثيين لإعادة الاستيلاء على عدن إلى تحديد الشكل النهائي للصراع. يمكن أن تشكّل هذه المكاسب محوراً للمفاوضات على مستقبل البلاد، إلاّ أنها يمكن، أيضاً، أن تُلهب الصراع وتعمّق العنف السائد وتطيل أمده. الحصيلة المثلى للصراع، في هذه اللحظة، هي تحقيق نصر واضح للمقاتلين المعادين للحوثيين في عدن، يكون متبوعاً بتجدّد النشاط الدبلوماسي للتوصّل إلى وقف شامل لإطلاق النار، والشروع في مفاوضات سياسية.
سيوفّر انتصار التحالف الذي تَشكَّل ضد الحوثيين وعلي عبد الله صالح في المدينة حوافز جديدة لكلا الطرفين، للجلوس إلى طاولة المفاوضات. حتى الآن، تنظر السعودية والحكومة اليمنية التي تعمل من المنفى في الرياض إلى المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة بتشكك، جزئياً، لأنهما لا تثقان بأن تكتل صالح والحوثيين سيتفاوض بنيّة طيبة أو سيقبل بالتسوية ما لم تلحق به الهزيمة العسكرية على الأرض. قد تكون معركة عدن الانتصار اللازم لدفع هؤلاء لتغيير حساباتهم. في هذه الأثناء، يمكن أن تساعد خسارة عدن في إقناع تحالف صالح والحوثيين بأن خياره الأفضل هو الموافقة على وقف إطلاق النار، والتوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة، يمنع استمرار حرب استنزاف مدمّرة، لا يستطيع أي من الطرفين أن يحقق فيها انتصاراً فعلياً.
كما أن من شأن انتصار الجبهة المعادية للحوثيين في عدن، أيضاً، أن تساعد في معالجة التحدّيات البنيوية التي طغت على محاولات الشروع في المفاوضات، من أجل التوصل إلى اتفاق سلام. تمحورت استراتيجية الأمم المتحدة لإنهاء حرب اليمن حول خطة للتوسط في اتفاق بين الحكومة اليمنية في المنفى، التي يقودها الرئيس المطاح به، عبد ربه منصور هادي، وتحالف صالح والحوثيين في صنعاء، إلاّ أن الدور الرئيسي لحكومة هادي في الصراع اقتصر، حتى الآن، على تقديم الدعم المعلن لحملة جوية وحصار بحري يفرضهما تحالف من الدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية. أما القتال الحقيقي على الأرض فقامت به مجموعات محلية تدافع عن نفوذها في مناطقها، من دون أن يكون لها صلات تذكر بحكومة هادي، أو أن تكون بالضرورة موالية له.
التوصل إلى وقف إطلاق نار حقيقي، والأكثر أهمية من ذلك الشروع في مفاوضات سياسية لتشكيل حكومة، وغير ذلك من القضايا المعلقة، يتطلب مشاركة هذه المجموعات. كما أن تشكيل جبهة موحّدة ضد الحوثيين تتخذ من عدن مقراً لها سيسهّل مهمة مبعوث الأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في التوسط في اتفاق بين جميع الأطراف المتحاربة.
في حين أن مثل هذا الاتفاق سيشكّل أخباراً جيدة بالنسبة لليمنيين، فقد دُمِّر البلد نتيجة الحرب وبات على شفير المجاعة، وتاريخ اليمن الحديث لا يعطي مبرراً للتفاؤل. بدلاً من أن يؤدي انتصار التحالف في عدن إلى تمهيد الطريق للتسوية، من المرجح أيضاً أن يشجّع المتشددين في المعسكر المعادي لصالح والحوثيين المصمِّمين على تحقيق النصر الكامل، ويزيد من جرأتهم، ما سيؤدي، على الأرجح، إلى اشتداد عزيمة الحوثيين في مواجهتهم.
اكتسب الحوثيون سمعة يستحقونها في عدم الوفاء بالوعود وإفشال محاولات التوصل إلى حل سياسي تفاوضي، مقبول من جميع الأطراف. طالما استمر تحالف الحوثيين مع صالح والموالين له، فإنهم سيظلون في موقع مهيمن في الشمال، ومن غير المرجح أن يوافقوا على تسوية تفرض عليهم تكلفة كبيرة، حتى لو كان الثمن شهوراً أو سنوات من الحرب الطاحنة. إن انتصاراً في عدن سيشكل خطوة أولى بالنسبة للمقاتلين المعادين للحوثيين، وليس ضربة قاضية.
كما أن الاحتمالات تبقى كبيرة في أن يشن الحوثيون والقوات الموالية لصالح هجوماً جديداً لاستعادة السيطرة على عدن، أو للتمسك بأجزاء من المدينة، بشكل يحدّ من قدرة خصومهم على استخدامها منصة انطلاق لحملتهم في الأجزاء الأخرى من البلاد. كما يمكن أن يضربوا في أماكن أخرى؛ فقد توعد الزعيم الحوثي، عبد الملك الحوثي، أخيراً، بتكثيف الهجمات، ربما على طول الحدود مع السعودية. كما يمكن لإيران التي ستتنامى قوة وثراءً أن تزيد من مساعداتها للحوثيين، مع تعمّق الصراع بين السعودية وإيران على النفوذ الإقليمي.
كما أن ثمة عوامل أخرى جديرة بالاهتمام. إذا تحوّل ميزان القوى ضد تحالف صالح والحوثيين في المناطق الجنوبية والغربية، حيث المعارضة في أقوى حالاتها، من المرجح أن تبرز الانقسامات بين المقاتلين المعادين للحوثيين بمرور الوقت. تتكون قوات "المقاومة" التي تواجه تحالف صالح والحوثيين من خليط غريب من الشركاء الذين لا يجمعهم سوى معارضة الحوثيين. ويشمل هؤلاء رجال القبائل الذين لهم مظالم لدى الحوثيين، والسلفيين العنيفين، والانفصاليين الجنوبيين وغيرهم. لكل مجموعة من هؤلاء رؤية مختلفة جذرياً عن رؤية المجموعات الأخرى لمستقبل اليمن.
نظراً لأنه ما من طرف هو في موقع يمكّنه من تحقيق نصر كامل، أو من اقتطاع جزء مستقر من البلاد، على الأطراف المتحاربة في اليمن أن تجعل من معركة عدن خطوة نحو تسوية يحتاجها اليمن بشدة. ينبغي أن يتبنى الطرفان تسوية تفاوضية شاملة، وبنيّة طيبة مع جميع الأطراف تشمل انسحاب المليشيات من الأراضي، وتشكيل حكومة ائتلافية، وفي الحد الأدنى، تحقيق حكم ذاتي للمناطق الوسطى والجنوبية من البلاد.
الاستمرار في المسار الحالي سيؤدي فقط إلى صراع مدوَّل وطويل على نمط الصراع في سورية أو ليبيا. واختيار عدم القيام بشيء والسماح باستمرار الحرب سيضمن الوصول إلى هذه النتيجة، مع استمرار المعاناة الإنسانية الخطيرة، وتنامي التطرف وتعمّق عدم الاستقرار في كل شبه الجزيرة العربية.