معركة الموصل توقد المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل

20 يناير 2017
كردستان العراق احتج على تحويل ناحية آمرلي لقضاء(إيمراه يورولمازع/الأناضول)
+ الخط -

تتصاعد مجددا حدة الخلاف بين بغداد وأربيل بخصوص المناطق المتنازع على إدارتها بين الجانبين، مع بداية بروز ملامح لنهاية معركة الموصل، وقرب الانتخابات المحلية في البلاد، التي حددت الأسبوع الماضي في السادس عشر من سبتمبر/أيلول المقبل.

وفي السياق، أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق، أمس الخميس، عن احتجاجها على قرار الحكومة العراقية بتحويل ناحية آمرلي، التابعة لقضاء طوزخورماتو (200 كلم شمال بغداد)، ضمن محافظة صلاح الدين، إلى قضاء إداري مستقل، معتبرة أن أي تغيير إداري في المناطق المتنازع عليها "يجب أن يتم بالتنسيق مع الإقليم".

وقال بيان لحكومة كردستان، تلقى "العربي الجديد" نسخة منه، إن ناحية آمرلي تقع ضمن المناطق الكردستانية الواقعة خارج إدارة الإقليم، و"أي تغيير ديموغرافي وإداري فيها يجب أن يتم بالتنسيق مع حكومة الإقليم"، مضيفا أن "معظم سكان القرى المحيطة بها ما زالوا نازحين ولم يعودوا إلى مناطقهم".


وأصدرت الحكومة العراقية، مطلع العام الجاري، قراراً رفعت به المستوى الإداري لناحية آمرلي من ناحية إلى قضاء مستقل، في خطوة يرى الأكراد أنها "سياسية" وتخص مواقع ذات أهمية "جيوسياسية"، وتهدف إلى تغيير خرائط مناطق متنازع عليها.

وكانت آمرلي ناحية ضمن محافظة صلاح الدين، وملحقة بقضاء طوزخورماتو، الذي يتألف من خليط سكاني من الأكراد والعرب والتركمان، قبل أن تقرر وزارة الداخلية، وبتنسيق مع محافظ صلاح الدين، فصلها وتحويلها إلى قضاء، وتعيين قائممقام مقرب من المليشيات عليها، وبذلك خرجت عن إدارة مدينة طوزخورماتو التي يديرها الأكراد.

الأطراف السياسية الكردية في قضاء طوزخورماتو، وفي البرلمان العراقي، أبدوا رفضهم للقرار، واعتبروا أن "تلك الخطوة الهدف منها إضعاف النفوذ الكردي في المنطقة، لأسباب سياسية".

وقال قائممقام قضاء طوزخورماتو، شلال عبدول، وهو كردي، إن "مجلس القضاء غير مطلع على قرار الحكومة العراقية، كذلك إدارة القضاء لا علم لديها بدوافعه"، متسائلا: "كيف صدر؟ وما الهدف من ورائه؟ ولماذا تقوم الحكومة العراقية بتحويل ناحية آمرلي إلى قضاء بالاتفاق مع محافظ صلاح الدين؟".

وأضاف عبدول في مؤتمر صحافي: "لم يأخذوا رأي إدارة قضاء طوزخورماتو، ولا رأي الأعضاء السنة في مجلس ناحية آمرلي، وقد صدر القرار بشكل أحادي. وبرأيي أن آمرلي كان يجب تنزيلها إدارياً وتحويلها إلى قرية وليس إلى قضاء".

وأوضح أن "قرار تحويل آمرلي إلى قضاء مخالف للقانون، وخاصة قانون مجالس المحافظات، لأنه يستوجب قبل تحويل أي ناحية إلى قضاء أن تأخذ موافقة الوحدة الإدارية التي تتبع لها تلك الناحية".

وتعد ناحية آمرلي من المناطق المدرجة ضمن المادة 140 من الدستور كمنطقة متنازع عليها بين إقليم كردستان وبغداد، تقطنه مجموعات من التركمان الشيعة، والعرب السنة والتركمان السنة، والتركمان الشيعة الموجودين في الناحية، وهربت منها غالبية العوائل السنية بسبب القتال وتنفيذ المليشيات عمليات قتل وتطهير منظمة.


ويقدر عددهم بنحو 30 ألفا من سكان الناحية، ومعظمهم من العرب السنة، ويعيشون خارجها الآن، ولا يقطنها حالياً سوى نحو 10 آلاف مواطن تركماني من الطائفة الشيعية قامت مليشيا "الحشد الشعبي" بدعم بقائهم فيها، وهي من تتولى حمايتهم، بخلاف بقية السكان الذين يخشون انتقام المليشيات منهم بتهمة التعاون مع "داعش". 

ويخشى الأكراد أن تقوم الحكومة العراقية بتحويل قضاء طوزخورماتو بدوره إلى محافظة، وإجراء تغييرات إدارية تؤدي إلى استقطاع مناطق كردية ودمج غيرها في المحافظة الجديدة، وتمكين الشيعة من إدارتها وتهميش الأكراد والسنة.

وقال حسن بارام، نائب مسؤول حزب "الاتحاد الكردستاني" في طوزخورماتو: "إذا تم تحويل طوزخورماتو إلى محافظة بعد تحويل آمرلي إلى قضاء، فالعديد من الحقول النفطية في المنطقة ستصبح ضمن اهتمام ومطالبات بغداد، وهذا هو الهدف من المشروع والتغييرات الإدارية، وإذا لم يتم قطع الطريق عليهم فسينفذون ما يريدونه".

إلى ذلك، اتهم قيادي كردي آخر بحزب البرزاني، وهو سعيد كاميران، في تصريحات صحافية، بغداد بـ"الغدر والانقلاب على تفاهمات سابقة"، مطالبا الولايات المتحدة بالتدخل.

في المقابل، قال المتحدث باسم "الحشد الشعبي" في قضاء طوزخورماتو وعضو مجلس القضاء، علي حسيني، إن "قرار تحويل آمرلي إلى قضاء أو طوزخورماتو إلى محافظة قرار مصيري يخص أهالي المنطقة، ولا ضرر منه، بل هو أمر جيد من الناحية الاقتصادية والزراعية".

وأضاف حسيني: "قرار تحويل آمرلي إلى قضاء مهم وسيساعد الشيعة في المنطقة على التعامل الإداري مع بقية المناطق الشيعية، وبغداد بشكل أفضل".

ووفقاً لمراقبين بإقليم كردستان، فإن خطوة الحكومة العراقية من التغييرات الإدارية التي تجريها في محافظة صلاح الدين، عبر تغيير ناحية آمرلي لقضاء، ثم العمل على تحويل طوزخورماتو إلى محافظة، هو "استحداث محافظة شيعية، تكون لصالحهم انتخابيا، وبذلك يتم فصلها عن إقليم كردستان وإنهاء مطالبات الأكراد بضمها كقضاء إلى الإقليم، وخاصة أن القرى والنواحي التي سيتم التركيز على ضمها للمحافظة الجديدة ستتم مراعاة أن تكون فيها نسبة عالية من السكان الشيعة، واستبعاد قرى ونواح سنية وكردية".

والهدف الثاني، بحسب المراقبين، هو "زرع محافظة تكون ضمن نفوذ إيران لتنفيذ مخططها لربط الأراضي الإيرانية بسورية ولبنان عبر الأراضي العراقية، وتحديداً من خلال طريق برية تمر بمناطق خاضعة وسيتم إخضاعها للشيعة، وبينها طوزخورماتو".