تتجه معارك مدينة الفلوجة إلى التصعيد العسكري والسياسي، وسط تردٍ واضح على المستوى الإنساني بعد تسجيل مقتل وإصابة 150 مدنياً، من بينهم 72 طفلاً وسيدة في آخر حصيلة سُجلت داخل مستشفى المدينة الوحيد مع غروب شمس الأربعاء. وعلى خلاف الإعلانات الحكومية المتكررة بين ساعة وأخرى التي تؤكد تحقيق تقدّم عسكري، فإن المعلومات التي تكشف عنها مصادر عسكرية عراقية رفيعة، وأخرى محلية من داخل المدينة، تشير إلى أن الأنباء عن تقدّم، مبالغ فيها إلى حد كبير لأهداف سياسية داخل بغداد تتعلق بجهود رئيس الحكومة حيدر العبادي لإعادة لمّ شمل البرلمان للتصويت على حكومته وقبلها التأثير على معنويات مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ويبدو أن حكومة العبادي تراهن على عامل الوقت في هذه المعركة، وتسعى لتحقيق إنجاز فيها قبل يوم الأحد الذي سيشهد أول جلسة للبرلمان العراقي الذي يُنتظر أن يقر التشكيلة الحكومية الجديدة.
ويمكن تلخيص أبرز تطورات المعارك في يومها الثالث أمس بعيداً عن الإعلام الحكومي وإعلام تنظيم "داعش"، بأن التنظيم تراجع قليلاً في بلدة الكرمة شمال شرق الفلوجة، بينما سيطر الجيش والمليشيات على معمل الحراريات والسمنت وقرية الشهابي والمجلس المحلي الجديد في الكرمة، وجميع المواقع المذكورة تبعد عن الفلوجة مسافة لا تقل عن 15 كيلومتراً وتمتاز بكونها مناطق صحراوية وريفية مفتوحة خالية من السكان أو المباني. فيما فشلت قوات الجيش في التقدّم إلى مركز بلدة الكرمة التي ما زالت بيد تنظيم "داعش".
أما في المحور الجنوبي من الفلوجة وتحديداً عامرية الفلوجة، فإن قوات الجيش ومليشيات "الحشد" وأبرزها "حزب الله" و"الخراساني" و"حركة الوفاء للمرجعية" ومليشيا "أبو الفضل العباس" التي استَقدمت أخيراً عناصر من مقاتليها في سورية إلى العراق لهذا الغرض، باتت تُهاجم من أربعة محاور هي محور النعيمية ومحور الهياكل ومحور نهر الفرات ومحور الحصي، وكلها في القاطع الجنوبي من الفلوجة. ولم تحقق تلك القوات أي تقدم ملحوظ بسبب حقول الألغام والسيارات التي يقودها الانتحاريون، والتي تسببت بمقتل وإصابة العشرات من أفراد المليشيات وقوات اللواء الثاني في الفرقة الثامنة.
وشهدت معارك هذا المحور مقتل آمر فوج تحرير الفلوجة/القاطع الجنوبي العقيد نمر العيساوي وسبعة من مرافقيه عصر أمس الأربعاء، فيما لا يزال سد الفلوجة الواقع على بعد 12 كيلومتراً جنوب الفلوجة بيد مقاتلي التنظيم.
الجديد بالمعارك أمس، اتساعها غرباً لتشمل جزيرة الخالدية غرب الفلوجة، والتي تُعتبر واحدة من نقاط قوة التنظيم في مواصلة إمداداته للفلوجة، كذلك بقايا خلاياه في الرمادي، فيما ردّ التنظيم كعادته بالمفخخات والصواريخ ولم يتحقق أي تقدم يذكر.
ورفض المتحدث باسم عمليات "تحرير الفلوجة" العقيد الركن حسين المالكي، الرد على سؤال لمراسل "العربي الجديد" حول كيفية إعلانهم عن تحرير بلدات شرق الفلوجة في الوقت الذي تقوم فيه الطائرات وكتيبة المدفعية بقصفها، إضافة إلى إيراد أسماء مناطق غير موجودة بالأصل قالت مليشيات "الحشد" وقادة عسكريون عراقيون إنهم سيطروا عليها مثل منطقة الليفة ومنطقة نايف. وقال المالكي لـ"العربي الجديد": "ما نعلن عن تحريره هو محرر والقصف الجوي والمدفعي يطاول خلايا مختبئة في المنطقة".
فيما كشفت مصادر عسكرية عراقية في الفرقتين العاشرة والثامنة لـ"العربي الجديد"، أن بغداد "أرسلت قوات إضافية إلى الفلوجة لإسناد القوات هناك". ووفقاً لضابط عراقي رفيع تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن "الألغام وكمائن الانتحاريين المختبئين منذ أيام في مناطق عدة هي العائق الأكثر خطورة"، موضحاً أن القوات الإضافية إلى الفلوجة من شأنها أن تساعد القوات الموجودة حالياً وتخفف الضغط عنها.
من جهته، قال العقيد طالب حسين الوادي، من قوات الجيش المرابطة على حدود الفلوجة، لـ"العربي الجديد"، إن "المعارك مستمرة ونحظى بغطاء ممتاز من التحالف الدولي"، لافتاً إلى أن "عناصر داعش انسحبت من المناطق الزراعية المفتوحة كما كان متوقعاً، لكن التحدي الأكبر لم يبدأ بعد وهو عند الوصول إلى مشارف المدينة"، مشيراً إلى تدمير طيران التحالف منصات صواريخ ومضادات أرضية لتنظيم "داعش" في الحي الصناعي شرق الفلوجة.
اقــرأ أيضاً
مقابل ذلك تزداد معاناة المدنيين، فعلى مشارف الفلوجة الغربية يقف مواطن عراقي، رفض الكشف عن اسمه، آملاً العثور على أية معلومة عن مصير طفليه وزوجته الذين علقوا داخل الفلوجة ولا يعلم عنهم أي شيء. وقال المواطن لـ"العربي الجديد" إنه "لا توجد ممرات آمنة كما ادعت الحكومة ولا توجد خدمة هاتفية على الرقم 195 كما زعمت في منشورات وزعتها، وأنا أسعى للتواصل معهم، لكن لا أرى إلا كتلة ملتهبة من النار والدخان تلف سماء الفلوجة".
ووفقاً لمصادر محلية وطبية من داخل الفلوجة تواصلت معها "العربي الجديد"، فإن القصف الصاروخي لمليشيات "الحشد" رفع عدد الضحايا المدنيين إلى نحو 150 مدنياً بينهم 72 طفلا وامرأة. وأصدرت الأمم المتحدة أمس الأربعاء، بياناً أعربت فيه عن قلقها إزاء تقارير تتحدث عن مقتل مدنيين بقصف صاروخي طاول منازلهم وسط الفلوجة، مطالبة بتوفير الحماية لهم.
في المقابل، أكدت مصادر في بغداد تشييع مليشيات "الحشد" وبشكل جماعي للعشرات من أفرادها الذين قُتلوا قرب الفلوجة جراء معارك الأيام الثلاثة الماضية. وقال القيادي في التيار الصدري العراقي حسين البصري، إن "عملية الفلوجة تحرير لإعادة أهلها وإن بدر شيء من مليشيات وقحة تتبع الخارج فلا يجب أن نعمم". وأضاف البصري، لـ"العربي الجديد"، أن "رفع صور نمر النمر ومصطفى بدر الدين وعلي خامنئي ومن قبله شخصيات غير عراقية على الصواريخ والمدافع والعربات، أمر معيب جداً، كما أن مشاركة الحرس الثوري في المعركة تعطي إشارة إلى أن العراقيين غير قادرين على تولي أمورهم".
وفي السياق نفسه، دعا المرجع الديني العراقي علي السيستاني أمس الأربعاء، عناصر "الحشد الشعبي" الذين يقاتلون في الفلوجة إلى الالتزام بالتوجيهات والتعليمات، وحذرهم من الغلو والغدر والتمثيل بالجثث. فيما اعتبر سياسيون وزعماء قبليون دعوة السيستاني اعترافاً بالجرائم التي ترتكبها المليشيا في المدينة. وقال عضو تحالف القوى العراقية، محمد المشهداني، إن دعوة السيستاني تمثّل دليلاً واضحاً على حجم الجرائم التي ترتكبها مليشيات "الحشد الشعبي" في مدينة الفلوجة، مؤكداً في حديث لـ"العربي الجديد" أن كسر المرجعية الدينية في النجف حاجز الصمت ونهيها عن الغلو والتمثيل بالجثث حدثت أو قد تحدث في المدينة، يشير إلى خطورة وضع عشرات الآلاف من المدنيين الذين يتعرضون لقصف صاروخي من قِبل المليشيات لليوم الثالث على التوالي.
من جهته، رفض عضو مجلس العشائر المتصدية لـ"داعش" حامد العيساوي، اشتراك مليشيا "الحشد الشعبي" في معارك تحرير الفلوجة، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد" أن الأيام الأولى للمعارك أثبتت نية المليشيا الانتقامية تجاه سكان الفلوجة. وأضاف: "اشتراك الحشد في المعارك قد يأتي بنتائج سلبية"، مشيراً إلى احتمال انسحاب بعض العشائر من قتال تنظيم "داعش" إذا استمر وجود المليشيات قرب الفلوجة.
فيما عبّر رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، أمس الأربعاء، عن دعم بلاده للمعارك التي تخوضها القوات العراقية ومليشيات "الحشد الشعبي" في الفلوجة، معرباً في مؤتمر صحافي أمس عن أمله بأن تثمر العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش" في الفلوجة عن اجتثاث الجماعات الإرهابية.
اقــرأ أيضاً
ويمكن تلخيص أبرز تطورات المعارك في يومها الثالث أمس بعيداً عن الإعلام الحكومي وإعلام تنظيم "داعش"، بأن التنظيم تراجع قليلاً في بلدة الكرمة شمال شرق الفلوجة، بينما سيطر الجيش والمليشيات على معمل الحراريات والسمنت وقرية الشهابي والمجلس المحلي الجديد في الكرمة، وجميع المواقع المذكورة تبعد عن الفلوجة مسافة لا تقل عن 15 كيلومتراً وتمتاز بكونها مناطق صحراوية وريفية مفتوحة خالية من السكان أو المباني. فيما فشلت قوات الجيش في التقدّم إلى مركز بلدة الكرمة التي ما زالت بيد تنظيم "داعش".
وشهدت معارك هذا المحور مقتل آمر فوج تحرير الفلوجة/القاطع الجنوبي العقيد نمر العيساوي وسبعة من مرافقيه عصر أمس الأربعاء، فيما لا يزال سد الفلوجة الواقع على بعد 12 كيلومتراً جنوب الفلوجة بيد مقاتلي التنظيم.
الجديد بالمعارك أمس، اتساعها غرباً لتشمل جزيرة الخالدية غرب الفلوجة، والتي تُعتبر واحدة من نقاط قوة التنظيم في مواصلة إمداداته للفلوجة، كذلك بقايا خلاياه في الرمادي، فيما ردّ التنظيم كعادته بالمفخخات والصواريخ ولم يتحقق أي تقدم يذكر.
ورفض المتحدث باسم عمليات "تحرير الفلوجة" العقيد الركن حسين المالكي، الرد على سؤال لمراسل "العربي الجديد" حول كيفية إعلانهم عن تحرير بلدات شرق الفلوجة في الوقت الذي تقوم فيه الطائرات وكتيبة المدفعية بقصفها، إضافة إلى إيراد أسماء مناطق غير موجودة بالأصل قالت مليشيات "الحشد" وقادة عسكريون عراقيون إنهم سيطروا عليها مثل منطقة الليفة ومنطقة نايف. وقال المالكي لـ"العربي الجديد": "ما نعلن عن تحريره هو محرر والقصف الجوي والمدفعي يطاول خلايا مختبئة في المنطقة".
فيما كشفت مصادر عسكرية عراقية في الفرقتين العاشرة والثامنة لـ"العربي الجديد"، أن بغداد "أرسلت قوات إضافية إلى الفلوجة لإسناد القوات هناك". ووفقاً لضابط عراقي رفيع تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن "الألغام وكمائن الانتحاريين المختبئين منذ أيام في مناطق عدة هي العائق الأكثر خطورة"، موضحاً أن القوات الإضافية إلى الفلوجة من شأنها أن تساعد القوات الموجودة حالياً وتخفف الضغط عنها.
من جهته، قال العقيد طالب حسين الوادي، من قوات الجيش المرابطة على حدود الفلوجة، لـ"العربي الجديد"، إن "المعارك مستمرة ونحظى بغطاء ممتاز من التحالف الدولي"، لافتاً إلى أن "عناصر داعش انسحبت من المناطق الزراعية المفتوحة كما كان متوقعاً، لكن التحدي الأكبر لم يبدأ بعد وهو عند الوصول إلى مشارف المدينة"، مشيراً إلى تدمير طيران التحالف منصات صواريخ ومضادات أرضية لتنظيم "داعش" في الحي الصناعي شرق الفلوجة.
مقابل ذلك تزداد معاناة المدنيين، فعلى مشارف الفلوجة الغربية يقف مواطن عراقي، رفض الكشف عن اسمه، آملاً العثور على أية معلومة عن مصير طفليه وزوجته الذين علقوا داخل الفلوجة ولا يعلم عنهم أي شيء. وقال المواطن لـ"العربي الجديد" إنه "لا توجد ممرات آمنة كما ادعت الحكومة ولا توجد خدمة هاتفية على الرقم 195 كما زعمت في منشورات وزعتها، وأنا أسعى للتواصل معهم، لكن لا أرى إلا كتلة ملتهبة من النار والدخان تلف سماء الفلوجة".
ووفقاً لمصادر محلية وطبية من داخل الفلوجة تواصلت معها "العربي الجديد"، فإن القصف الصاروخي لمليشيات "الحشد" رفع عدد الضحايا المدنيين إلى نحو 150 مدنياً بينهم 72 طفلا وامرأة. وأصدرت الأمم المتحدة أمس الأربعاء، بياناً أعربت فيه عن قلقها إزاء تقارير تتحدث عن مقتل مدنيين بقصف صاروخي طاول منازلهم وسط الفلوجة، مطالبة بتوفير الحماية لهم.
في المقابل، أكدت مصادر في بغداد تشييع مليشيات "الحشد" وبشكل جماعي للعشرات من أفرادها الذين قُتلوا قرب الفلوجة جراء معارك الأيام الثلاثة الماضية. وقال القيادي في التيار الصدري العراقي حسين البصري، إن "عملية الفلوجة تحرير لإعادة أهلها وإن بدر شيء من مليشيات وقحة تتبع الخارج فلا يجب أن نعمم". وأضاف البصري، لـ"العربي الجديد"، أن "رفع صور نمر النمر ومصطفى بدر الدين وعلي خامنئي ومن قبله شخصيات غير عراقية على الصواريخ والمدافع والعربات، أمر معيب جداً، كما أن مشاركة الحرس الثوري في المعركة تعطي إشارة إلى أن العراقيين غير قادرين على تولي أمورهم".
من جهته، رفض عضو مجلس العشائر المتصدية لـ"داعش" حامد العيساوي، اشتراك مليشيا "الحشد الشعبي" في معارك تحرير الفلوجة، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد" أن الأيام الأولى للمعارك أثبتت نية المليشيا الانتقامية تجاه سكان الفلوجة. وأضاف: "اشتراك الحشد في المعارك قد يأتي بنتائج سلبية"، مشيراً إلى احتمال انسحاب بعض العشائر من قتال تنظيم "داعش" إذا استمر وجود المليشيات قرب الفلوجة.
فيما عبّر رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، أمس الأربعاء، عن دعم بلاده للمعارك التي تخوضها القوات العراقية ومليشيات "الحشد الشعبي" في الفلوجة، معرباً في مؤتمر صحافي أمس عن أمله بأن تثمر العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش" في الفلوجة عن اجتثاث الجماعات الإرهابية.