معرض "مسابيح الكهرمان"... جولة تتفقّد الأشجار وصمغها

14 يناير 2019
شاركت في المعرض سبعة بلدان (العربي الجديد)
+ الخط -
كشف المعرض الأول لسُبَح الكهرمان، حب القطريين لهذا الحجر الذي يباع الغرام منه بسعر قد يفوق غرام الذهب أحياناً. والناظر إلى أيدي الرجال والشباب القطريين، يرى أن المِسبَحة لا تفارقها؛ إذ يحرصون على اقتناء أجودها وأغلاها ثمناً، وصارت لزوم "الكشخة"، تماماً كالساعة الفخمة والسيارة. 
على مدى ثلاثة أيام، حظي معرض "كتارا لمسابيح الكهرمان"، من 10 إلى 12 يناير/ كانون الثاني الحالي، بإقبال واسع من المواطنين والمقيمين، وشهد توقيع مذكرة تفاهم بين المؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" والجمعية الدولية للكهرمان، تهدف إلى التعاون والتنسيق في مجال تنظيم وإقامة النسخ القادمة للمعرض، وإنشاء أول مختبر متخصص بتصنيع الكهرمان في الشرق الأوسط يكون مقره في "كتارا".

عرف الإنسان هذه المادة منذ القدم، فقد كانت معروفة لدى الفينيقيين والفراعنة واليونانيين وغيرهم من الحضارات القديمة، إذ وجدت ضمن آثارهم وقبورهم وكنوزهم المكتشفة كتحف أو قلائد، كما استخدموها للعلاج لاعتقادهم أن هذه المادة تحتوي على ميّزات سحرية؛ ذلك أن الكهرمان يتميز بطاقة كهربائية تتولد عند فركه باليد، وهو عبارة عن مادة صمغية متحجرة ذات لون أصفر يميل إلى البرتقالي، وأحياناً إلى البني؛ تفرزه جذوع بعض أنواع الأشجار من العائلة الصنوبرية التي تنمو في حوض المتوسط وأوروبا الشمالية.

وتفرز الأشجار هذه المادة كوسيلة دفاعية ضد الأمراض والفطريات والحشرات وغيرها، وطبعاً إذا زادت الإفرازات تثقل على جذع الشجرة وتسقط على الأرض، ومع الوقت تتحجر المادة الصمغية وتتحول إلى كهرمان بألوان وأشكال مختلفة على حسب البيئة المحيطة. 



أثناء سيلان الكهرمان، قد تلتصق به حشرات مختلفة وتسجن داخله بعد تجمّده عليها، وهناك أحافير لبعض الحشرات كالنمل والبعوض والذباب وبعض الزواحف والضفادع وجدت محفوظة حفظاً كاملاً في الكهرمان.

استخدم الكهرمان منذ قديم الزمان في صناعة الحلي والمجوهرات وبعض أغراض الحكام والأثرياء، كصناديق المجوهرات والتحف والتماثيل. ومن أبرز استخدامات الكهرمان في العالم العربي ومنطقه الخليج خصوصاً هو صناعة السُبَح.

يقول صلاح محمد، مدير متجر "كهرمان قطر"، في حديث إلى "العربي الجديد"، المسبحة تُصنع بعد تشكيل أحجار الكهرمان، ومراحل التشكيل تبدأ بتقطيع الحجر إلى شرائح، ثم تُسوى على هيئة أصابع، لتقطع بعدها بما يشبه عقلة الأصبع، لتنتهي بمرحلة "التخريزية" على أشكال دائرية، أو برميلية، أو صنوبرية، أو بيضوية.

الكهرمان ثلاثة أنواع، البحري والبركاني والبري، وأحدث عمر لهذه الأنواع نحو 40 مليون سنة، وأقدمها 300 مليون سنة، وأكثر ما يميز الكهرمان أن سعر الغرام يزيد مع مرور الوقت، أي كلما تقدم عمر المسبحة زاد سعرها وقيمتها.



وتبدأ ألوان السُبح الكهرمانية من الليموني أو الأبيض الكريمي، ويتحول إلى اللون الأصفر العسلي، ويتحكم في القيمة عمر الحجر، فكلما ازداد ارتفع سعره. وحول أغلى مسبحة في المعرض، أوضح محمد أنه لا يوجد أغلى لاختلاف المعايير، ذاكراً اسم أحد الأشخاص الذين يملكون مسبحة ثمنها 200 ألف ريال (نحو54.9 ألف دولار)، وفي أثناء حديثنا أشار، مواطن إلى مسبحة معروضة في الواجهة وسأل عن سعرها، فأجاب محمد بأن ثمنها 35 ألف ريال (نحو 10 آلاف دولار).

وتباع مسابح الكهرمان بالوزن، وتتراوح الأسعار من ثماني ريالات إلى 500 ريال للغرام الواحد، وقد تصل إلى ألف ريال للغرام الواحد لبعض الأنواع.

خلال المعرض، دشنت دار "كتارا" للنشر إصدارها الثقافي الجديد المتخصص في تراث الكهرمان، بعنوان (العنبر الأشهب: الكهرمان في التراث العربي)، ويوضح مكانة حجر الكهرمان في الأدب والشعر العربي والموروث الثقافي كمفردة تراثية استخدمها العديد من الأدباء والشعراء والفنانين والمبدعين في أعمالهم الشعرية والأدبية والفنية والإبداعية، كما يبين الإصدار من خلال مبحثين، تاريخ وجود الكهرمان وأماكن تشكله، ومصادره وأنواعه، بالإضافة إلى جودته وفوائده، كما يبحث في السُبَح العنبرية وتاريخ ظهورها وعلو منزلتها وقيمتها.

يشار إلى مشاركة سبعة بلدان في المعرض الأول لسُبح الكهرمان، هي الكويت، وتركيا، ولبنان، وروسيا، وبولندا، وليتوانيا، إضافة إلى قطر، ومشاركة الجمعية الدولية للكهرمان.









دلالات
المساهمون