تحوّل معبر مدينة سبتة شمال المغرب، الواقعة تحت السيادة الإسبانية، إلى "ممر للموت" في الآونة الأخيرة بوفيات متتالية لسيدات مغربيات يعملن حمالات للسلع والبضائع التي يشترينها من سبتة بأسعار رخيصة، ثم يعدن إلى "الداخل المغربي" ليبعنها بحثا عن لقمة عيش تسد رمقهن وعائلاتهن.
قبل أيام قليلة لقيت حمالتان للبضائع، تبلغان من العمر على التوالي 34 و45 عاما، قادمتين من مدينتي القنيطرة وشفشاون، حتفهما بسبب التدافع الشديد قرب معبر باب سبتة، فيما أصيبت نساء أخريات بجروح متفاوتة.
وسبق هذا الحادث سيدة لقيت حتفها أيضا، في معبر باب سبتة، بسبب الزحام الشديد، حيث سقطت الحمّالة تحت الأرجل، وتعرضت للدهس والاختناق، ما أفضى بها إلى الموت المحقق.
وتدخل العديد من النساء المغربيات القادمات من مدن مختلفة بالبلاد معبر تاراخال، المعروف بباب سبتة، حيث تصطف طوابير طويلة من المنتظرات، بهدف شراء سلع وحملها على ظهورهن في أغلب الحالات، ليعدن عبر "المعبر الحدودي" إلى مدنهن لبيع ما حملنه من بضائع.
أحزاب إسبانية أعربت عن غضبها من تكرار حوادث الموت والتدافع الشديد بين النساء الحمالات في معبر سبتة، معتبرة أن الاستخفاف وخرق حقوق الإنسان باتا أمرا معتادا في المعبر" وفق ما صرح به حزب بوديموس الإسباني.
من جهته، طالب رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، محمد بن عيسى، في تصريح لـ "العربي الجديد"، بإغلاق معبر باب سبتة في وجه مزاولي "التهريب المعيشي"، حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث المأساوية التي توالت بوفاة سيدات بسبب التدافع الشديد.
وأورد بن عيسى بأن ما يقع في المعبر الحدودي من تصرفات، عدا التدافع بين المصطفين، يدخل في سياق السلوكات الحاطة من كرامة الإنسان، علاوة على الخسائر الفادحة للاقتصاد المغربي، بسبب تهريب السلع من سبتة المحتلة إلى الداخل المغربي.
وتقول السيدة خديجة الدكالية، إحدى ممتهنات تهريب السلع من سبتة إلى مدينة الجديدة حيث تعيش رفقة أبنائها اليتامى، لـ"العربي الجديد"، إن ما يحصل في باب سبتة يصلح أن يكون فيلما سينمائيا، من مشاهد غير إنسانية لا تليق بحقوق المرأة كما يُروج لها.
وزادت المتحدثة بأنها مرغمة على ممارسة هذه المهنة منذ سنوات، بسبب حاجتها إلى عائد مالي يقيها وأولادها شر الفاقة والتشرد، مضيفة أنها كانت حاضرة يوم وفاة سيدتين بسبب التدافع، حيث كانت قد اجتازت المعبر بسلام قبل أن تسمع بالخبر الأليم.
ورفضت الدكالية مطالب البعض بإغلاق المعابر الحدودية بين المغرب وسبتة ومليلية الخاضعتين للسيادة الإسبانية، وقالت إن هذه المهنة تعيل مئات بل آلاف الأسر المغربية، فإن حصل ذلك يعني حلول كارثة اجتماعية جديدة وفق تعبيرها.