ضياء الدين خريج كلية الهندسة بالعاصمة الجزائرية، بعد أن أتعبه البحث عن عمل يليق بالشهادة التي يحملها، قبل على مضض العمل بعقد وبأجرة تعتبر الأضعف في كل أجور عمال الوظيفة العمومية في الجزائر، وقيمتها 18 ألف دينار جزائري أي ما يعادل 95 يورو أو أقل.
ضياء الدين واحد من المئات من معلمي محو الأمية في الجزائر، يعترف لـ"العربي الجديد" بأنه مع مرور الوقت صار يتخوف من أن يقطع رزقه، فهو يعيل عائلة كاملة لأنه البكر في أسرة متكونة من 7 أفراد، مضيفا أن "محو الأمية هو المكان الوحيد الذي بقي كإلزام وليس هناك خيار أمامه بعد التخرج والتسكع في الشوارع طيلة ثلاث سنوات".
"أجرة بسيطة وبالتقسيط لا تكفي لسد حاجيات أسبوع واحد"، تقول نجية من ولاية غليزان غرب الجزائر لـ"العربي الجديد "، فهي خريجة كلية علم النفس العيادي من جامعة وهران، والظروف حالت دون أن تشتغل بشهاداتها الأكاديمية، فكانت مجبرة على أن تجد وظيفة ولو بعقد مؤقت "أقسام محو الأمية تستهويها رغم الأجرة الهزيلة"، على حسب قولها؛ فمع كبار السن وجدت غايتها في تعليمهم ومتابعة مسارهم وكيف أن الكثيرين يحلمون بقراءة أحرف القرآن الكريم وقراءة الصحيفة.
ولخصت زميلتها نورية، لـ"العربي الجديد"، مشاكل معلمي محو الأمية في الجزائر بالقول إن "صرف رواتبهم يتأخر، وأحيانا يتلقونها مرة واحدة كل ستة أشهر أو سنة كاملة"، وهو ما يراه المعنيون إجحافا في حقهم خصوصا أن معاملتهم هي بأقل درجة من أي معلم في مختلف أطوار الدراسة.
ودعا المنضوون تحت نقابة معلمي محو الأمية في الجزائر إلى أن يتم توظيفهم بعقود مستمرة، وعدم الإجحاف في حقوقهم المهنية والاجتماعية، خصوصا وأنهم من حملة الشهادات العليا، مثلما ذكر أحد النقابيين لـ"العربي الجديد"، لافتا إلى أن معضلة الأجور أدخلت الآلاف من المعلمين في دوامة لا خروج منها سوى تحسين ظروف عملهم وتثمين مجهوداتهم، خصوصا بالنسبة للعاملين في المناطق النائية بالجزائر وفي ولايات الجنوب.
اللافت أن الحكومة تشجع التعليم في طور محو الأمية للقضاء على الأمية في الجزائر منذ سنوات، وهو برنامج وطني تستفيد منه مختلف ولايات الجزائر، حيث تمت الاستعانة بالحاصلين على شهادات جامعية من أجل امتصاص البطالة وتدعيمهم بأجور "ما زالت لحد الآن أقل بكثير من انتظارات المعنيين"، فيما يطالب المعنيون بتقنين التدريس في قطاع محو الأمية والحفاظ على حقوقهم وخصوصا السوسيو ـ مهنية.