معاناة اللاعب الفلسطيني... بين الاحتلال وأزمة كورونا

01 يونيو 2020
يواجه اللاعب الفلسطيني الكثير من الصعاب (Getty)
+ الخط -
يعيش اللاعب الفلسطيني أزمة كبيرة بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي من جهة، وتفشي فيروس كورونا "كوفيد-19" الذي شكّل عبئاً جديداً عليه من جهة أخرى، بسبب توقف النشاطات الرياضية، وعدم قدرته على نيل مستحقاته المالية، التي لم يحصل عليها منذ شهر فبراير/شباط الماضي، حتى يستطيع الإنفاق على نفسه وأسرته لمواجهة الحياة الصعبة، ما جعل الكثير من اللاعبين الفلسطينيين يُفكرون بحل الهجرة أو العودة إلى عملهم السابق، كي يجدوا حياة أفضل. 
ورغم الوعود التي تلقتها إدارات الأندية من الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، حول إيجاد طريقة مناسبة لحل مُشكلة الرواتب المستحقة لجميع اللاعبين، لكن الأمور ما زالت على حالها، حتى إن لاعبي نادي مركز بلاطة وجهوا تهديداً بعدم عودتهم إلى التدريبات مرة أخرى في حال عدم حصولهم على أموالهم.

وأكد المشرف الرياضي لنادي مركز بلاطة، إبراهيم صقر، أن هناك مشكلة مالية صعبة تواجه الفريق، بسبب فيروس كورونا، لأن اللاعبين لم يتلقوا رواتبهم منذ فبراير الماضي، مشيراً إلى وجود ديون كبيرة على النادي، بسبب المستحقات الشهرية التي تصل إلى 52 ألف دولار أميركي شهرياً.
ولفت صقر، في حديثه لوسائل الإعلام المحلية، إلى أن الضائقة المالية باتت تُهدد جميع الأندية الفلسطينية بسبب توقف دعم المؤسسات عن تقديم المساعدة، نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد في الفترة الماضية جراء تفشي فيروس كورونا الجديد. 
ونتيجة للعبء الجديد على اللاعبين الفلسطينيين، بات كُثر منهم يُفكرون بشكل جدي بالبحث عن مستقبل أفضل من خلال الهجرة، أو العودة إلى مهنتهم الأساسية قبل احترافهم كرة القدم، حتى يستطيعوا توفير الحياة الكريمة لهم ولعائلاتهم في ظل الأزمة الاقتصادية الكبيرة، التي قد يجدون أنفسهم بسببها في وضع حرج للغاية.
ولعل أبرز قصص الهجرة التي حدثت في الملاعب الفلسطينية قبل عدة سنوات، عندما سافر النجم أنس الحلو، لاعب المنتخب ونادي غزة السابق، إلى ألمانيا لإجراء عملية جراحية لإصابة الرباط الصليبي التي تعرض لها، لكنه قرر البقاء وترك عالم "الساحرة المستديرة" بشكل نهائي، ومثله فعل المدافع محمد كحيل، الذي أنهى مسيرته الاحترافية بشكل مفاجئ، عقب هجرته إلى بلجيكا من أجل البحث عن ظروف معيشية أفضل من التي يحصل عليها مع ناديه.
وبعيداً عن الهجرة، يظهر خيار عودة اللاعب الفلسطيني إلى مهنته الأساسية، قبل احترافه كرة القدم، أمراً وارداً نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، لأن استمرار الوضع الاقتصادي الكارثي، سيجعله مرُغما على إيجاد الحلول والبدائل، مثلما فعل المدافع السابق لنادي شباب جباليا، أحمد أبو طبنجة، الذي ترك "الساحرة المستديرة"، وتوجه لعمله الذي يجيده، وهو الخياطة، التي تدر عليه الأموال أكثر مما يتلقاه من فريقه.
ولم تكن أزمة اللاعب الفلسطيني في بلاده فحسب، بل امتدت إلى الموجودين في دول اللجوء، وعلى رأسها لبنان، إذ إنهم يعانون فيها من وضع اقتصادي صعب للغاية، شكل ضائقة مالية للعديد منهم، بعد توقف المنافسات المحلية بسبب فيروس كورونا الجديد.

وناشد اللاعب اللبناني السابق صاحب الجذور الفلسطينية، جمال الخطيب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إعطاء فرصة أكبر للاعب الفلسطيني في الفترة المقبلة، من خلال رفع عدد الذين يمكنهم المشاركة في دوري الدرجتَين الأولى والثانية إلى ثلاثة.
ولا يسمح القانون في الوقت الحالي بوجود أكثر من لاعب فلسطيني على أرضية الملعب ضمن الفريق الواحد، وهو أمر طالب الخطيب بتغييره ورفع العدد، خاصة أن الوضع الاقتصادي قد يحتّم على العديد من الأندية اللبنانية عدم التعاقد مع لاعبين أجانب، إذ يتقاضى هؤلاء رواتبهم بالدولار المفقود من البلد حالياً في ظلّ أزمة المصارف وارتفاع سعر صرفه مقابل الليرة اللبنانية.
أما محمد لوباني، نائب رئيس الاتحاد الفلسطيني للإعلام الرياضي، فاعتبر في حديثه مع "العربي الجديد" أن اللاعب الفلسطيني وجد نفسه في لبنان يعاني كثيراً حتى يفرض نفسه بدوري الدرجة الأولى، وخاصة أن هناك سبعة لاعبين فقط ظهروا في المسابقة المحلية، خلال المواسم العشرة الماضية، وهم وسيم عبد الهادي، وإبراهيم سويدان، ومحمد أبو عتيق، ومحمد قاسم، وبسام مزوق، وأحمد ياسين، ومصطفى حلاق.
ويرى لوباني أن غياب اللاعب الفلسطيني عن المشهد الكروي في لبنان يعود لعدة أسباب، على رأسها عدم إقامة دوري داخل المخيمات منذ ما يقارب الخمس سنوات، وغياب الاهتمام بالأندية الفلسطينية من قبل المؤسسات الداعمة، وعدم قيام الاتحاد الكروي الفلسطيني بدوره بمساعدة وتطوير اللاعبين في دول اللجوء.
وأضاف أن هناك بطولة واحدة فقط في لبنان تجمع الأندية الفلسطينية، في منطقة الشمال، وتدعى "أبو علي مصطفى"، تساهم بتسويق اللاعب الفلسطيني بمخيمات اللجوء، لكنها غير كافية بسبب تدني الحوافز المالية، بالإضافة إلى عدم وجود رواتب تكفي أي لاعب.
ولفت لوباني إلى عدم دخول الكشافين أو المسؤولين عن التعاقدات بالأندية اللبنانية إلى المخيمات الفلسطينية حتى يتم البحث عن المواهب، وغياب تسليط الضوء الإعلامي عليهم، ما صعب مهمتهم بإيجاد فرصة للعب مع الفرق، وشكل فكرة لدى اللاعب الفلسطيني أن كرة القدم في لبنان غير مهمة من حيث الجانب المادي.
لكن يبقى خيار الاحتراف بالدوريات العربية الكبيرة أو العالمية أمراً بعيد المنال عن اللاعب الفلسطيني في الوقت الحالي، بسبب عدم وجود الاستمرارية باللعب مع ناديه أو منتخب بلاده، وغياب الكشافين عن المواهب الكثيرة والكبيرة في الأراضي المحتلة أو في دول اللجوء المجاورة لفلسطين، نتيجة سوء التخطيط الذي تعاني منه الكرة الفلسطينية في الأعوام الماضية، ما يجعل اللاعب الفلسطيني أمام خيارات محدودة فقط في ظل الأزمة الحالية.
المساهمون