مع استمرار الاحتجاجات الشعبية في السودان ودخولها أسبوعها السادس، لا تزال معاناة الصحافيين السودانيين مستمرة أيضاً في تغطية الأحداث وعكس واقعها الحقيقي أو التعليق عليها.
وخلال تظاهرات الأحد، تعرّض نحو سبعة صحافيين للتوقيف من قبل السلطات الأمنية، ثم أطلقت مباشرةً سراح كُلّ من رئيسة تحرير موقع "باج نيوز"، لينا يعقوب، ومراسل وكالة "الأناضول" التركية، بهرام عبد المنعم، وسارة تاج السر وعبد الرحمن جبر من صحيفة "الأخبار" والصحافية سارة ضيف الله. لكنها أبقت على احتجاز كل من مراسل صحيفة "الشرق الأوسط" أحمد يونس، ومراسل وكالة "بلومبيرغ" محمد أمين، واحتجزتهما لساعات عدة، وأجرت تحقيقاً معهما في مبنى جهاز الأمن في منطقة الخرطوم بحري، قبل أن تطلق سراحهما لاحقاً مع تقديم اعتذار رسمي لهما بواسطة ضابط رفيع المستوى، بحسب ما أفاد بعض الصحافيين لـ "العربي الجديد".
في وقتٍ لا تزال فيه السلطات الحكومية تفرض بقوة رقابةً قَبْليّةً على الصحف الورقية للحيلولة دون نشر أي مواد غير مرغوب فيها، ما يضطر بعضها إلى الامتناع عن الصدور مثل صحيفة "الجريدة"، تمسكاً منها بالمهنية التي لا يمكن معها تجاوز تغطية الحراك الشعبي في السودان.
على صعيد قنوات التلفزة المحلية الحكومية والخاصة، فهي لا تزال تستقبل توجيهات حكومية وأوامر منها بعدم تصوير أو تناول الأحداث الجارية والاكتفاء بالبيانات الرسمية وحدها.
ومع هذا الوضع، لجأ السودانيون للقنوات العربية لمتابعة التطورات هذه الأيام، حيث تنشط قنوات الجزيرة والعربية و"بي بي سي" عبر مراسليها في الخرطوم، لكن الحكومة ترى تضخيماً في التغطيات.
كما نشطت وسائط التواصل الاجتماعي كوسيلة فعّالة لنقل وتبادل الأخبار والمعلومات ومقاطع الفيديو الخاصة بالاحتجاجات، واستخدمت وسائل التواصل نفسها كوسيلة للدعوة للتجمع والتظاهر، وذلك بالرغم من حجب مواقع التواصل الاجتماعي منذ بدء الاحتجاجات إلا أنّ السودانيين يستخدمون برامج "في بي إن" لكسر الحجب.
ويقول الصحافي عمر شعبان في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إن النظام يؤكد بممارساته تجاه الصحافيين خلال تغطيتهم الأحداث انتهاكه المتكرر للدستور الذي يقرّ صراحةً بحق الصحافي في نقل المعلومات وحقّه كذلك في التعبير، مشيراً إلى أنّ تلك الممارسة ليست عشوائية أو صدفة إنما استهداف ممنهج أكده الرئيس عمر البشير ضمنياً في خطابه أمام اتحاد عمال السودان، الأسبوع الماضي.
وكان أمين عام اتحاد الصحافيين السودانيين، صلاح عمر الشيخ، قد أبلغ "العربي الجديد" بمتابعة الاتحاد (المحسوب على الحكومة) لإيقاف الصحافيين أو منعهم من تغطية الأحداث، مشيراً إلى أن لجنة خاصة مهمتها تنفيذ ميثاق الشرف الصحافي ستجمع مع الجهات المختصة لمناقشة القضية معها.
من جهته، ينفي الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات، عبد العظيم عوض، وجود منهج لاستهداف الصحافيين، مشيراً إلى أنّ ما يحدث لبعضهم من مضايقات يحدث من أفراد وسرعان ما يتم تدراكه من خلال الاعتذار لهم بمنتهى المسؤولية الوطنية والأخلاقية.
ويشير عوض في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إلى أن "فضائيات كبيرة وقعت ضحيةً لمعلومات مغلوطة من عناصر المعارضة، لذا جاءت تغطيتها غير متوزانة وفي تضخيم كبير للأحداث حتى أدخلت نفسها في حرج بالغ"، على حدّ قوله. ويُبيّن أنّ "الجهات المختصة حرصت على توفير المعلومات للصحافة، سواء تلك المتعلقة بالوضع الاقتصادي أو أحداث التخريب التي حدثت في الأيام الماضية وتوضيح الجهود الأمنية"، منوهاً إلى أن "الإعلام الداخلي يقدم تغطية موضوعية ومتوزانة للأحداث"، حسب تقديره.