بدت عاصمة اليمن المؤقتة عدن (جنوب البلاد) مدينة أشباح، الأحد، إذ خلت الشوارع من المارة تماماً وتعطلت مظاهر الحياة وانقطعت الكهرباء وأغلقت المتاجر والمصارف، جراء الاشتباكات المسلحة بين قوات الحكومة الشرعية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي من جهة، وقوات المجلس الانتقالي الداعي لانفصال الجنوب والمدعوم من دولة الإمارات، من جهة أخرى.
وهاجم مسلحو المجلس الجنوبي، قوات الحماية الرئاسية التابعة لهادي وسيطروا على مناطق ومؤسسات حكومية داخل المدينة، في محاولة لإقالة حكومة أحمد بن دغر وبدعوى ما سمّوها "الاختلالات في المحافظات والوزارات التي انعكست سلباً على توفير الخدمات للمواطن".
وتسببت المعارك في توقف الملاحة الجوية وإلغاء الرحلات من مطار عدن، كما توقفت الملاحة البحرية في مينائها، وإغلاق منافذ المدينة البرية، وتوقف عمليات النقل بين عدن وبقية المحافظات.
وأكدت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" أن "شركة الخطوط الجوية اليمنية ألغت رحلة كانت مقررة عصر الأحد من عدن إلى القاهرة، وغادرت من دون ركاب، وأُغلق مطار المدينة بعد اشتباكات مسلحة في محيطه، كما أُغلق ميناؤها وتوقف عن استقبال السفن".
وأوضحت المصادر أن "جميع مؤسسات الدولة تعطلت، ولازم الموظفون منازلهم، وانقطعت خدمة الكهرباء للمرة الأولى خلال شهر، كما أُغلقت محطات تعبئة البنزين الحكومية".
وقال موظفون من القطاعين العام والخاص، إن مؤسساتهم أوعزت إليهم بالمغادرة بعد وقت قصير من بدء الدوام، وأعلنت إجازة غير محددة ريثما يستقر الوضع.
بدورها، أكدت مصادر تجارية لـ"العربي الجديد" أن الأحداث أدت إلى شلل الحركة التجارية بين عدن وبقية المحافظات، فيما عجز التجار عن نقل بضائعهم من ميناء عدن إلى المحافظات المجاورة، في ظل مخاوف من استمرار المواجهات في الأيام القادمة.
في السياق، أغلقت المصارف الحكومية والتجارية وشركات الصرافة والمحال التجارية والمطاعم، أبوابها، وخلت الشوارع من السيارات والمارة، بينما يسود هلع بين السكان من نفاد المواد الغذائية وعدم قدرتهم على تحصيل المؤن نتيجة استمرار المعارك.
ويخشى التجار من حدوث عمليات نهب وسطو مسلح وسط الفوضى التي تشهدها المدينة، في حين كثفت المصارف التجارية إجراءات الحماية الأمنية، وزادت عدد عناصر الحراسة حول مقارّها.
المجلس الانتقالي الداعي إلى انفصال جنوب البلاد عن شمالها والمدعوم من دولة الإمارات، كان أعلن الأسبوع الماضي ثورة لإسقاط حكومة الدكتور أحمد بن دغر، بذريعة سوء الخدمات.
ويؤكد مواطنون، أن المعارك التي تشهدها المدينة ستدمر الخدمات الموجودة، وستترك السكان بلا كهرباء ولا مياه، بينما حذر محللون اقتصاديون من أزمة غذائية في حال استمرار المواجهات المسلحة.
ويشهد اليمن حرباً منذ نحو 3 أعوام، بين جماعة الحوثيين المتحالفين مع إيران والذين يسيطرون على العاصمة صنعاء، وقوات حكومة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي التي يدعمها تحالف عربي بقيادة السعودية.
واستغلت الإمارات مشاركتها في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن، لبسط نفوذها على الموانئ وتعطيلها، بما فيها تلك الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، وهي تدعم الانفصاليين الجنوبيين ضد الحكومة المعترف بها دولياً.
وأدى استمرار الأعمال القتالية إلى ضرب مقومات الاقتصاد اليمني الهزيل أصلاً، وبنيته التحتية، وتوقف صرف منح الرعاية الاجتماعية ثم الرواتب منذ أغسطس/ آب 2016، وأغلقت معظم مؤسسات القطاع الخاص والمصانع والشركات، ما أدى إلى تفاقم البطالة، وبالتالي ضعف القدرة على تحصيل الاحتياجات الأساسية اليومية.