تستمرّ الاشتباكات، لليوم الرابع على التوالي، بين مليشيات "الحشد الشعبي" وقوات "البشمركة" الكردية، في مدينة طوزخورماتو، في أقصى شرق محافظة صلاح الدين العراقية، والتي تبعد 120 كيلومتراً عن تكريت، عاصمة المحافظة، ذات الخليط القومي والديني المتنوّع. وامتدت الاشتباكات، أمس السبت، إلى قرى وبلدات مجاورة، أهمها سليمان بيك وأمرلي، وسط تصعيد سياسي وحرب كلامية، بين القادة الأكراد وزعماء المليشيات.
وتدخّل البرلمان العراقي، طالباً من رئيس الوزراء حيدر العبادي عقد اجتماع طارئ لأطراف النزاع في طوزخورماتو. ودعا نائب رئيس البرلمان، همام حمودي، أمس السبت، العبادي إلى "عقد اجتماع طارئ لجميع الأطراف". وأضاف "يجب فرض هيبة القانون، والتزام جميع الأطراف والمكونات الداخلية بالأنظمة الدستورية والقانونية للدولة، فلا سلطة فوق القانون".
وتدخّل البرلمان العراقي، طالباً من رئيس الوزراء حيدر العبادي عقد اجتماع طارئ لأطراف النزاع في طوزخورماتو. ودعا نائب رئيس البرلمان، همام حمودي، أمس السبت، العبادي إلى "عقد اجتماع طارئ لجميع الأطراف". وأضاف "يجب فرض هيبة القانون، والتزام جميع الأطراف والمكونات الداخلية بالأنظمة الدستورية والقانونية للدولة، فلا سلطة فوق القانون".
وأسفرت المعارك عن مقتل سبعة من أفراد مليشيا "عصائب الحق" و"حزب الله ـ العراق"، كما قُتل عنصران من "البشمركة"، وأُصيب أربعة آخرون. وقد اندلعت المعارك وفقاً لسكان محليين ومسؤولي أمن بالمدينة، بعد قيام المليشيات بعمليات حرق ونهب واسعة، والاعتداء على طبيب كردي، يُدعى عبد الخالق محمد، انتهت بوفاته ضرباً تحت أقدام عناصر "الحشد".
وهو ما دفع الأكراد إلى فرض طوق على المدينة، ومطالبة المليشيات بالرحيل عنها، وترك الملف الأمني للشرطة المحلية، والتي شُكّلت أصلاً من جميع أبناء المدينة. وأدّى رفض المليشيات الخروج إلى بدء الاشتباكات، والتي تحوّلت لحرب شوارعٍ حقيقية، نتج عنها خراب كبير في المدينة التي تسعى للتعافي من احتلال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) لها العام الماضي، قبل انسحابهم منها بفعل هجوم مشترك شنّته قوات الجيش و"البشمركة".
اقرأ أيضاً: مليشيا الحشد الشعبي تواصل انتهاكاتها ضد المدنيين العراقيين
وتمثل مدينة الطوز أو طوزخورماتو، وتعني باللغة التركية "ملح وتمر"، واحدة من المناطق السكانية المشتركة في العراق. وأُطلق عليها سابقاً اسم "سلة الفاكهة"، لضمّها قوميات كردية وتركمانية وعربية، بالإضافة إلى مسلمين سنة وشيعة ومسيحيين. وتشتهر المدينة بالتعايش الذي ساد لقرون طويلة من عمر المدينة، والتي أسسها صلاح الدين الأيوبي، في القرن الحادي عشر، واعتمدها معسكراً لجيشه قبل توجّهه إلى القدس المحتلة.
وعقب الاحتلال الأميركي (2003)، وبفعل نظام المحاصصة الطائفية السياسية، والتي وضعها الأميركيون في البلاد، شُمِلَت المدينة والقرى التابعة لها، والتي تضمّ نحو 300 ألف نسمة تقريباً، في إطار المادة 140 من الدستور العراقي. وتقرّر تنظيم استفتاء شعبي فيها، كما حال كركوك وخانقين وسنجار. ما جعلها عرضة لحملات التغيير الديمغرافي القسرية والتحشيد الديني والسياسي والقومي، وادّعاء كل طائفة أحقيّتها التاريخية بالمدينة.
وعقب تحريرها من "داعش" كثّفت مليشيات "الحشد الشعبي" والقوات الكردية تواجدها بالمدينة، حرصاً على عدم تفرّد أي من الفريقين بها. وهو ما يعتبر أساس المشكلة، والتي لا تُعدّ الأولى من نوعها، بعد اشتباكات سابقة في الصيف الماضي.
وعلى وقع المعارك الأخيرة، يُهدّد زعيم مليشيا "العصائب" قيس الخزعلي، بما يصفه بـ"التصدي للبشمركة"، بإرسال قوات خاصة إلى المدينة وطرد القوات الكردية منها، فيما حذّر رئيس الحكومة السابق نوري المالكي "البشمركة" من مغبة استهداف مليشيات "الحشد" بالمدينة. ويذكر المالكي في بيانٍ مقتضب ومشحون أن "القوات الأمنية والحشد الشعبي سيقومون بما عليهم من واجب لحماية المدنيين". فيما أجرى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اتصالاتٍ مع قادة أكراد، وفقاً لبيان صادر عن مكتبه، بغية احتواء الأزمة.
وحول ذلك يقول مختار مدينة طوزخورماتو، عضو لجنة الأهالي الشعبية فيها، عبد الله عبد العزيز، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "المشكلة بدأت عندما هاجمت المليشيات أحياء عربية وأخرى كردية، واعتقلت عدداً منهم قبل أن تهاجم السوق بالمدينة، وتأمرهم بإخفاء علامات الاحتلال ومنع الأغاني، بسبب بدء شهر محرّم، ثم فُرض الزيّ الأسود على السكان، تحديداً النساء".
ويضيف أنه "بعد ذلك اعتقلت المليشيات من تُسمّيهم خلايا نائمة، تابعة لداعش، أسفرت عن اختفاء عددٍ من السكان، جميعهم شباب، عُثر على جثث عددٍ منهم فيما بعد، كما تم اختطاف طبيب كردي وقبله مدير مدرسة. وتندرج كل هذه العوامل ضمن سياسة التغيير الديموغرافي بالمدينة. وهو ما دفع الأكراد إلى التحرك وأمر المليشيات بالانسحاب وعدم دخول الأحياء الكردية تحديداً، لتنفجر الأوضاع إلى اشتباكات لا تزال مستمرة".
ويؤكد عبد العزيز أن "حضر التجوال ما زال قائماً منذ الخميس الماضي، والاشتباكات تحصل بطريقة متقطعة بين ساعة وأخرى، وخصوصاً في الليل. كما أن هناك عمليات قنص متبادلة ومستمرة بين الطرفين، تحوّلت فيها المدينة إلى متاريس وأكياس رميلة".
إلا أن النائب في البرلمان العراقي محمد الجاف، يؤكد لـ"العربي الجديد" أن "رواية المليشيات غير صحيحة، وأن الأكراد أكثر انضباطاً من المليشيات، وخلفية المعركة تكمن في سعي المليشيات لتغيير طبيعة السكان، كما فعلت في ديالى وجرف الصخر والدجيل وغيرها". ويلفت إلى أن "الجانب الأميركي على إطلاع تام بتفاصيل الموضوع، وأبدى قلقه من أن تتطور الأمور أكثر".
وتعكس الأزمة الحالية حقيقة المخاوف التي تنتاب العراقيين في مرحلة ما بعد "داعش" في العراق، إذ تسبّب التنظيم بتحريك المياه الراكدة بمدن عراقية مختلطة، ما قد يتسبّب بحرب أهلية بين المكوّنات العراقية، سواءً الدينية منها أو القومية، وهو ما يؤجل أحلام العراقيين بالعثور على الاستقرار الذي طالما حلموا به منذ الاحتلال الاميركي لبلادهم وحتى اليوم.
اقرأ أيضاً: عشائر عراقية تتهم المليشيات بإعدام نازحين في صلاح الدين