وترافقت هذه العمليات العسكرية مع تحقيق قوات النظام تقدماً محدوداً، يوم الأحد، في كفرنبودة، وارتكابها مجازر دامية بدعمٍ روسي، آخرها في معرة النعمان، وسقط فيها أكثر من 13 قتيلاً وعشرات الجرحى بغاراتٍ للطيران الحربي. عسكرياً، ووسط أنباء تتأكد تباعاً عن وصول إمدادات عسكرية من تركيا للفصائل، وتحوي سيارات دفع رباعي وأسلحة متوسطة ومضادات دروع، يستمر توجه مجموعات من فصائل "درع الفرات" للانخراط في معارك ريف حماة الشمالي.
وفي مشهد نادر، أمس الإثنين، تم تناقل صورة تجمع قادة أكبر فصائل المعارضة السورية المسلحة في الشمال السوري مع قيادة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، على مواقع التواصل الاجتماعي. وأفادت مصادر مقربة من الفصائل التي حضر قادتها الاجتماع، بأن "هدف الاجتماع هو تنسيق صدّ هجوم قوات النظام وروسيا والمليشيات المحلية والأجنبية المساندة للأسد على ريفي حماة وإدلب".
وتزامن انتشار الصورة مع شن فصائل المعارضة و"هيئة تحرير الشام" هجوماً معاكساً ضد النظام في محور بلدة كفرنبودة الاستراتيجية بريف حماة الشمالي الغربي، مساء الأحد. وحضر الاجتماع كل من قائد "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، وقائد فصيل "صقور الشام" أبو عيسى الشيخ، وقائد "حركة أحرار الشام" السابق حسن صوفان، والقائد الحالي للحركة جابر علي باشا، مع قائد "جيش العزة" جميل الصالح، بالإضافة لعدد من قياديي "جيش العزة" و"هيئة تحرير الشام" وغيرهم.
وبحسب المصادر، كان من اللافت حضور قادة "حركة أحرار الشام" و"صقور الشام" للاجتماع، وهما فصيلان فقدا جل قوتهما جراء الاقتتال الذي دار قبل أشهر مع "هيئة تحرير الشام". وجاء الاجتماع عقب وصول تعزيزات من قوات المعارضة من مناطق عمليات "درع الفرات" و"غصن الزيتون" إلى ريفي حماة وإدلب بعد عبور التعزيزات حواجز "هيئة تحرير الشام" المسيطرة على معظم محافظة إدلب.
من جانبه، أكد المحلل العسكري العميد أحمد رحال، أنه "أصبح واضحاً للعيان وجود خلاف تركي روسي، وهناك نقطتان واضحتان على ذلك، الأولى هي أن روسيا تحاول خداع الجميع، فما لم تنجح بالحصول عليه بالسياسة تحاول أن تحصل عليه بالعسكرة، وأعتقد أن تركيا أدركته تماماً". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "النقطة الثانية، هي أن روسيا ضغطت أكثر مما تحتمل أنقرة، رغم علم موسكو بأن انسحاب تركيا من اتفاقي أستانة وسوتشي يعني انهيار المشروع الروسي، فتركيا هي الحامل المقابل، لأن روسيا وإيران هما حليفا الأسد، ولا ثقة للمجتمع الدولي بهما، وإن كانت هناك ثقة فذلك نتيجة للوجود التركي، وروسيا حاولت الالتفاف على جميع التفاهمات. لذلك اليوم هناك خلاف شديد، لأن الطرفين لم يتمكنا من الوفاء بتعهداتهما".
ولفت إلى أنه "قد يكون هناك مبرر لتركيا، لأن التخلص من التنظيمات الموضوعة على قوائم التنظيمات الارهابية لا يمكن أن تنجزه بطريقة منفردة، فالأمر بحاجة إلى جهود دولية وإقليمية، كونها مشكلة دولية. في المقابل، فإن إطلاق النار والتعدي على المدنيين لم يقف لحظة واحدة، بل عاد القصف الروسي والبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والفوسفور والأسلحة الكيميائية لتُستخدم من جديد. إذاً روسيا هي التي انقلبت على كل التفاهمات".
وأضاف رحال أنه "بحسب المعطيات والمعلومات التي لدي، هناك دعم قُدّمَ من تركيا ولم يعد ذلك مخفياً، فخسارة المناطق المحررة هي خسارة للثورة وخسارة لتركيا. اليوم نحن أمام مناطق نفوذ واضحة، هي الولايات المتحدة في شرق الفرات، وتركيا في مناطق الشمال، وروسيا في بقية المناطق. لذلك لن تسمح تركيا بتقليص مناطق نفوذها، لامتلاكها حدوداً طويلة مع سورية، ولديها مخاوف من إقامة دولة كردية معادية لها، خصوصاً أنها تعرّضت للعديد من العمليات الإرهابية، لذلك لديها أسباب متعلقة بأمنها القومي، كما أن انحسار نفوذها يعني ضعف موقفها السياسي على طاولة الحل النهائي".
من جانبه، قال الناشط الإعلامي في ريف حلب خالد الحمصي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هناك دعماً تركياً بشكل أو بآخر، فمثلاً الجيش الوطني تحرك من مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، وسلاح أفراده وعرباتهم من تركيا، لتلقيهم دعماً مباشراً من أنقرة، أضف إلى ذلك وجود صواريخ تاو، التي كانت بمعظمها غنائم إبان دخول مدينة عفرين قبل عام". ورأى أن "الخلاف التركي الروسي واضح جداً، في تصعيد روسيا وقصفها اليومي لمناطق متفق عليها بأنها منطقة خفض تصعيد"، معتبراً أن "روسيا تهدف سياسياً وعسكرياً للحصول على مزيد من مناطق النفوذ لها، تحديداً الطريق الدولي حلب اللاذقية، وذلك واضح من الاطلاع على محاور المعارك".
وتابع "من جهة أخرى، فإن طبيعة المعارك الحالية تعتبر معارك استنزاف واضحة للفصائل، والمنطقة التي يشن النظام والروس حربهم عليها كان قد رفض جيش العزة مسبقاً دخول الدوريات الروسية إليها، بهدف تفعيل أستانة وتشغيل الطريق الدولي بإشراف تركي روسي، وبقية الفصائل كانت تتخذ موقف النأي بالنفس". وأكد أنه "بحكم عملي العسكري سابقاً، فإني أجزم بأن المعركة هي استنزاف للطرفين، أولهما المليشيات المرتبطة بروسيا، وثانيهما فصائل المعارضة التي أُعطيت فقط صواريخ مضادة للدروع، قبل أربعة أشهر بعد عقد اجتماع سوتشي الأخير".