مظاهرات حاشدة في الجزائر رفضاً للانتخابات الرئاسية وسط انتشار أمني مكثف

11 ديسمبر 2019
من مظاهرات العاصمة اليوم (العربي الجديد)
+ الخط -
تشهد العاصمة الجزائرية مظاهرات حاشدة، وسط كر وفر بين المتظاهرين وقوات الشرطة، قرب ساحة البريد المركزي وساحة أودان، رفضاً للانتخابات الرئاسية المقررة غداً الخميس، في الوقت الذي شهدت فيه عدة مدن مظاهرات مماثلة، انتهت بعضها إلى مواجهات محدودة بين قوات الأمن والمتظاهرين.

واستخدمت الشرطة الجزائرية القوة والعصي لتفريق مظاهرات صاخبة في العاصمة الجزائرية، قبل يوم واحد من موعد الاقتراع العام، وعنفت المتظاهرين، ما أدى إلى سقوط وإصابة عدد منهم، وسط حالة من التدافع بينهم، لكن الشرطة فشلت في تفريقهم، واضطرت إلى السماح بالتظاهر، بعد إصرار نشطاء الحراك على الحق في التظاهر ورفض مغادرة الشارع، وتزايد أعدادهم.


وتجمع الآلاف من المتظاهرين وسط العاصمة في ذكرى مظاهرات 11 ديسبمر/كانون الأول 1960 (خلال ثورة التحرير)، رافعين شعارات منددة بإصرار السلطة على تنظيم الانتخابات الرئاسية غدا، والتي وصفوها "بالمسرحية السياسية"، ودعا المتظاهرون الجزائريون لمقاطعة التصويت وهتفوا طويلاً "من ينتخب خائن"، و"إسقاط الانتخابات واجب وطني".

وهتف المتظاهرون الذين كانوا يرفعون الأعلام الوطنية وصور كبار شهداء ثورة التحرير وصوراً لنشطاء الحراك الشعبي الموقوفين في السجون، مطولاً، بشعارات موجهة إلى الشرطة والسلطة معا: "غداً إما نحن أو أنتم"، في رسالة سياسية تعبّر عن وجود إصرار على التظاهر غداً الخميس والاحتجاج ضد الانتخابات أيضاً، "وإفساد عرس الذيب الذي تنظمه السلطة"، حسب ما يقول الناشط في الحراك الشعبي سفيان هداجي لـ"العربي الجديد".

وأكد هداجي أن "القمع الذي واجهت به السلطة اليوم المتظاهرين قد يكون مؤشرا على استعداداتها غدا لقمع أي احتجاج ضد الانتخابات، لكن إذا كانت السلطة تعتقد أن ذلك سيوقف الغضب الشعبي فهي مخطئة".

وتمركزت الشرطة وسط العاصمة، وقطعت شارع ديدوش مراد وسط العاصمة، لمنع التحام مظاهرتين كانتا وسط العاصمة، كلتاهما ترفض الانتخابات. وقطعت الشرطة أوصال وسط العاصمة وشوارعها، ومع مرور الوقت تزايدت أعداد المتظاهرين وأجبرت قوات الشرطة على الانسحاب إلى أطراف الشوارع، ما سمح للمتظاهرين بالتجمع قرب ساحة البريد المركزي.
وشهدت مدينة البويرة، قرب العاصمة الجزائرية، مظاهرات صاخبة رفضا للانتخابات الرئاسية، اضطرت معها الشرطة لاستخدام القوة لإبعاد محتجين مناوئين للانتخابات عن مركز تجمع لقوات الشرطة، كما شهدت مدن بجاية وتيزي وزو وعززاقة وبومرداس ووهران غربي الجزائر، وعنابة شرقي الجزائر، مظاهرات منددة بالانتخابات وداعية إلى المقاطعة الشعبية.


ومنذ مساء الثلاثاء، نشرت السلطات الجزائرية قوات أمنية كبيرة في العاصمة الجزائرية تحسبا لمظاهرات الأربعاء والخميس، ولتأمين مكاتب الانتخابات. وقالت مصادر أمنية لـ"العربي الجديد" إن السلطات استقدمت قوات أمن إضافية من الولايات الأقل حيوية سياسية لجهة رفض الانتخابات، كولايات الجنوب، لمواجهة أية تطورات يوم الانتخابات.

وبدأت السلطات في نشر القوات الأمنية قرب مكاتب الاقتراع لتأمينها، وتأمين المعدات والمواد الانتخابية التي نقلت إلى تلك المكاتب. وأكد شهود عيان لـ"العربي الجديد"، وصول قوات من الدرك إلى بعض البلدات والمدن في منطقة القبائل، كبجاية وتيزي وزو، وهي المنطقة التي تمثل أكبر تحدٍّ أمني بالنسبة للسلطات غدا الخميس.

وينتظر أن تنشر السلطات الليلة أكثر من 180 ألفا من قوات الأمن والشرطة في مختلف المدن والبلدات، لتأمين الانتخابات، كما تمت الاستعانة بأكثر من 120 ألف دركي تم توزيعهم خاصة في المناطق الداخلية والبلدات الصغيرة التي لا تتوفر على مراكز للشرطة، كما وضعت قوات الجيش في حالة يقظة، وتم توزيع قوات الجيش العاملة في الميدان، خاصة في المناطق الجبلية والقريبة من الحدود، لتأمين الانتخابات ومرافقة المواكب الانتخابية.

"جبهة التحرير" يدعم ميهوبي

سياسيًّا، استقر موقف حزب جبهة التحرير الوطني، قبيل ساعات من موعد الاقتراع، على قرار دعم المرشح الرئاسي عز الدين ميهوبي، الذي وصفه بـ"مرشح القطب الوطني".

ودعت القيادة المؤقتة للحزب، في مذكّرة داخلية أصّدرتها القواعد "للتّجنّد وحشد أكبر عدد من المواطنين والمحبّين وتهيئة مقرات الحزب" من أجل "التّحسيس بضرورة المشاركة المكثفة لضمان الفوز للمرشح الوطني عز الدين ميهوبي".

وانتهى الحزب إلى هذا القرار بعد فترة من التردد بشأن الإعلان عن دعم مرشح محدد، ولافت ان الحزب لم يصدر بيانا للرأي العام يعلن فيه موقفه هذا، وأبقى القرار في شكل قرار داخلي.
وقال مصدر مسؤول في الحزب، رفض التصريح باسمه، لـ"العربي الجديد"، إن الأمين العام بالنيابة أصدر القرار بشكل منفرد، ودون استشارة وموافقة كامل الفريق القيادي للحزب، إذ أعلنت في وقت سابق بعض القيادات رفضها دعم الحزب لميهوبي، وطالبت بـ"إبقاء الحزب على الحياد وترك حرية المبادرة الانتخابية لكل مناضل، تلافيا للتشويش على الانتخابات من جهة، ولأن حزب جبهة التحرير الوطني، الذي يعد الحزب التاريخي في الجزائر، لا يجب أن يكون لجنة مساندة لأحد".

وكان القياديان في الحزب، فؤاد سبوتة وحسين خلدون، قد أعلنا رفضهما القرار، إضافة إلى أن عددا من قيادات الحزب وقواعده تفضل في المقابل دعم إما علي بن فليس بصفته أمينا عاما سابقا للحزب في عام 2002، أو عبد المجيد تبون بصفته عضواً في اللجنة المركزية للحزب حتى الآن.

بن صالح يدعو للتصويت

بدوره، اتهم رئيس الدولة الجزائري عبد القادر بن صالح أطرافاً سياسية بمحاولة التشويش على الانتخابات الرئاسية، ودعا الجزائريين إلى التصويت بقوة في انتخابات الغد.

وقال بن صالح، في كلمة متلفزة وجهها للشعب الجزائري عشية الانتخابات، إن "محاولات التشويش صدرت ممن يتخذ الديموقراطیة شعاراً فقط"، مشيراً إلى أن "هذه الأوضاع لا مصلحة للجزائر في استمرارھا".

واعتبر رئيس الدولة أن إجراء الانتخابات غداً "إنجاز يؤكد أن الدولة قد أوفت بالتزاماتھا ولم تحد عن مسعاھا الصادق، وسجلنا بارتیاح كبیر الأشواط المھمة التي قطعھا المسار الانتخابي".

ودعا بن صالح الناخبين للتوجه إلى صناديق الاقتراع لاختيار المترشح الأنسب بكل حرية، وأشاد بالجزائريين في المهجر الذين أدّوا الواجب الانتخابي.

وفي نفس السياق، طمأنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات الجزائرية اليوم الجزائريين بـ"نزاهة وشفافية الانتخابات"، مستبعدة شكوك التزوير التي تحوم حول العملية.

وقال المكلف بالإعلام لدى السلطة، علي ذراع، للصحافيين إنه "لن يكون هناك تزوير بفضل الآليات الجديدة القائمة على وسيلة الإعلام الآلي والتكنولوجيات الحديثة التي وضعتها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات حفظاً وصوناً لأصوات الناخبين".

وذكر ذراع أن "هذه الوسائل المبتكرة ستجعل من محاضر السلطة غير قابلة للاختراق وتعطي حصانة أكثر لنتائج الانتخابات"، معتبراً أن "الشعب الجزائري سيفرض سيادته بالتصويت بقوة يوم الخميس وسيغلق الباب على كل المتربصين بالجزائر والذين يحاولون ضرب استقرارها".

وأكد ذراع تهيئة كل الظروف لضمان السير الحسن للاقتراع الخاص برئاسيات يوم غد الخميس عبر كافة مناطق البلاد، قائلاً إن "التحضيرات للرئاسيات تسير بطريقة مضبوطة على جميع المستويات والمراحل"، مؤكداً أن "كل الظروف تمت تهيئتها لانطلاق الانتخابات غداً الخميس".

إنفوغراف انتخابات الجزائر 
المساهمون