خرج الآلاف من الطلبة اليوم الثلاثاء، في العاصمة الجزائرية وعدد من المدن، في مظاهرات هي الـ38 من عمر الحراك الطلابي الداعم للحراك الشعبي منذ فبراير/ شباط الماضي.
وتجمع الطلاب، الذين انضم إليهم مواطنون، في ساحة الشهداء قبل أن تنطلق المسيرة باتجاه شارع العربي بن مهيدي وساحة الأمير عبد القادر وساحة البريد المركزي وصولا إلى ساحة أودان والجامعة المركزية.
وتزامنت المظاهرات مع إصدار محكمة سيدي امحمد وسط العاصمة الجزائرية لأحكام قضائية قاسية ضد 42 من النشطاء والطلبة بتهمة رفع الراية الأمازيغية، حيث تمت إدانتهم بالسجن لمدة سنة، ستة أشهر منها نافذة.
ورفع الطلاب المتظاهرون صور الناشطين المدانين وطالبوا بالإفراج عنهم، ورفعوا شعارات تطالب باستقلالية العدالة وتنتقد ما يصفهم المتظاهرون بـ "قضاة الهاتف"، في إشارة إلى تلقي القضاة تعليمات وضغوطا وخضوعهم لها.
ومنعت الشرطة المسيرة الطلابية من الوصول إلى مقر المحكمة لإعلان دعم الناشطين، فيما كانت عائلات الناشطين الموقوفين تنظم اعتصاما أمام مقر المحكمة للتنديد بالأحكام وبالعدالة غير المستقلة.
وقالت الناشطة الطلابية نوال بلعسل إن "هذه الأحكام الصادرة على إخواننا من الطلبة والناشطين ستبقى وصمة عار على جبين العدالة الجزائرية والقضاة أيضا، إنها أحكام تأخذ المدانين على أساس الهوية وبسبب راية أمازيغية تمثل بعدا ثقافيا، أنا لست أمازيغية لكني أرفض محاكمة شخص بسبب هويته أو ثقافته، وتكييفها على أساس أنها مساس بالوحدة الوطنية".
ورفع المتظاهرون شعارات تندد بهيمنة العسكر على القرار السياسي وفرض مسار الانتخابات الرئاسية المقررة في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وطالبوا بإقامة دولة مدنية ديمقراطية ورفعوا لافتات "لا للعسكر" و"دولة مدنية وليس عسكرية"، وانتقدوا الخطابات المستمرة لقائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، والتي تربط بين مظاهرات الحراك الشعبي ومن يصفهم قايد صالح بالعصابة، في إشارة إلى المحيط السياسي والمالي الذي كان مقربا من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
ورفض المتظاهرون إجراء انتخابات الرئاسة المقبلة، ورفعوا صور المرشحين الخمسة للرئاسة وعليهم شارات حمراء وتعبيرات سياسية تصفهم بأبناء النظام.
وقال الطالب بوجعفر احميدة، الذي يدرس في كلية الحقوق لـ"العربي الجديد" إنه "لا يمكن أن يطرد الحراك نظام بوتفليقة من الباب ليعود عبر النافذة من خلال هؤلاء المرشحين الخمسة"، مضيفا أن "هذا استفزاز حقيقي للشعب ورغبة من السلطة والنظام في تجديد نفسه ليس إلا".
ونشرت السلطات الجزائرية أعدادا من قوات الأمن وفرق مكافحة الشغب في وسط العاصمة لمراقبة مظاهرات الطلبة وسد منافذ معينة ترفض السلطات السماح للمتظاهرين بالوصول إليها كمقر البرلمان ومحكمة سيدي امحمد.
ولم تسجل خلال مظاهرات الثلاثاء أية صدامات بين الطلبة والشرطة التي تتلافى تكرار صدامات السابع من أكتوبر الماضي مع الطلبة، ما عرض الشرطة وقوات الأمن لانتقادات حادة سياسيا وإعلاميا.
وتوسعت مظاهرات الطلبة في مدن عديدة حيث خرج الطلبة في مسيرات غاضبة في ولايات تيزي وزو وبجاية والبويرة شرقي الجزائر تنديدا بالأحكام القاسية على الناشطين، ورفضا للانتخابات وهيمنة الجيش على القرار السياسي، كما خرج الطلبة في ولايات وادي سوف جنوبي الجزائر، ووهران ومستغانم غربي البلاد دعما لمطالب الحراك الشعبي.
ويؤشر استمرار مظاهرات الطلبة الثلاثاء والحراك الشعبي يوم الجمعة على تمسك قطاع واسع من الجزائريين بالمطلب الديمقراطي، ورفض إملاءات السلطة والمسار الانتخابي الذي تفرضه، لكن مخاوف جدية تبدو في الأفق بشأن كيفية تنشيط المرشحين الخمسة للحملة الانتخابية بدءا من 18 نوفمبر الجاري، في ظل استمرار وتصاعد هذا الرفض الشعبي.