جدل في فرنسا حول جدوى نشر الجيش في الشوارع بعد اعتداء الدهس

10 اغسطس 2017
ستة اعتداءات استهدفت العسكريين (Getty)
+ الخط -
هل يتعمد الإرهابيون مهاجمة العسكريين ورجال الشرطة الفرنسيين؟ هذا السؤال طرحته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية اليمينية، في عددها الصادر اليوم الخميس، لا سيما بعد أن اعترف وزير الداخلية الفرنسي، جيرار كولومب، بعد الاعتداء على العسكريين في مدينة لوفالوا - بيري، أمس، بأن العسكريين تعرضوا لستة اعتداءات، فيما كان نصيب الشرطة والدرك ثمانية.

وفي افتتاحية "لوفيغارو" التي وقَّعها إيف تريار، بعنوان: "محاكمة سيئة"، رأى الكاتب أن "البذلة العسكرية أصبحت هدفاً مفضلاً". ثم سأل "ما هو الحل؟"، واستعرض الكثير من الأصوات التي ترتفع لتقول إن الجيش معرَّضٌ للخطر "بشكل لا طائل من ورائه"، وإن لا مكان له في هذه المهمة المتعلقة بالأمن الداخلي.

ثم ردّ على هذا الطرح بالقول إن هذه "المحاكمة سيئة"؛ لأن "الجهاديين يعتبرون فرنسا، بأكملها، عدوّاً لهم. سواء كانت ببدلة عسكرية أم بدونها"، وحذّر الكاتب أخيرا، من تقليص ميزانيتي الجيش والشرطة.



ويبدو أن الاستهداف الأخير للعسكريين المنضوين في عملية "سانتينيل" (ما بين 7 إلى 10 آلاف عسكري)، التي أطلقت بُعيْد الاعتداء على "شارلي إيبدو"، سنة 2015، كانت فرصة، مرة أخرى، لإجراء مناقشة علنية حول جدوى بقاء هذه العمليّة. وهنا لم يتردد تيبو دي مونتبريال، رئيس مركز التفكير حول الأمن الداخلي، وعضو المجلس العلمي في المدرسة الحربية، في المطالبة بإعادة النظر في عملية "سانتينيل"، على المستوى الطويل، بحيث "يجب الاحتفاظ بقوة دعم عسكري حول المناطق الاستراتيجية الحساسة، مثل المحطات والمطارات، ولكن مع تطوير الأمن الخاصّ المسلح في الأماكن التي تستقبل الجمهور، وأن يُعهَد بمهمة الدوريات النشطة إلى الشرطة والدرك وحدهم". وأضاف "يجب زيادة أعداد رجال الشرطة والدرك ورجال الجمارك في الفضاء العمومي، وأن يحملوا معهم أسلحتهم خارج المداومة".


وإذا كان استهداف العسكريين أتاح الفرصة لبعض النواب، خاصة من اليمين، ومن بينهم إيريك سيوتي، بالمطالبة بزيادة ميزانية الجيش، فإن نوابا برلمانيين آخرين، ومن بينهم جان-لويس بورلانجي، النائب عن حزب "الموديم"، وهو من الأغلبية الرئاسية، اعتبروا أن رجال الدرك هم الأولى بحماية المواقع التي تحميها قوات الجيش منذ أكثر من سنة، لأنّ "الدرك خضعوا لتدريب عسكري، وهم موجَّهون لتأمين الحماية العمومية، فيما مهمة الجيش هي القيام بعمليات تدخّل، والعمليات الخارجية".

وجاء أقسى انتقاد لإقحام الجيش الفرنسي في مهام داخلية من قبل الجنرال فانسان ديبورت، المدير السابق لمدرسة الحرب، إذ قال "الآن أقول كفى. إن حصيلة عملية سانتينيل سلبية. لا شيء يثبت أنها قدّمت شيئاً لأمن الفرنسيين. فهي، من جهة، قدّمت أهدافا سهلة للجنون القاتل لمتعصّبي (داعش). ومن جهة أخرى، تشكل عبئاً ثقيلاً على الجيوش الفرنسية"، واعتبر أن تأثيرها سلبي على الجنود، من حيث ضعف طاقتهم وقلة أدائهم، بسبب انخراطهم في عمليات عديدة.

وإذ أسف الجنرال لأن الرئيس السابق، فرانسوا هولاند، لم يتراجع عن هذه العملية، فقد طالب الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون، بأن يتراجع عنها، ما دام أنها لا تقدم شيئاً، بل ولها تأثير سلبي على أمن الفرنسيين.

وإذا كان الجنرال دومينيك ترانكاند، الرئيس السابق للبعثة العسكرية الفرنسية في الأمم المتحدة، لا يريد إلغاء عملية "سانتينيل"، فهو يطالب بأن تتأقلم مع وضعية جديدة، ما دام أنها تستدعي تعبئة العديد من الجنود.

ويبدو أن هذا الحلّ هو ما يفكر فيه القائد الجديد للجيوش الفرنسية، الجنرال فرانسوا لوكوانتر، الذي حلّ محل القائد السابق المستقيل، إذ من مهماته وضع تقرير حول القضية في بداية الخريف.

من هو منفّذ الهجوم؟

من هو حمو بن الأطرش؟ تفيد أوراق هويته التي صادرتها الشرطة الفرنسية، بعد اعتقاله وإصابته بخمس رصاصات، بأنه من أصول جزائرية، من مواليد سنة 1980، وليست لديه سوابق كبيرة مع الشرطة، باستثناء "مخالفة للقوانين المتعلقة بالهجرة الشرعية"، وبعدها سوّى وضعيته القانونية في فرنسا، وقد أقام في دائرة فال-دواز، بالضاحية الباريسية، وحصل على وظيفة في أحد المتاجر.

وحاولت السلطات الفرنسية البحث في ملفاتها، وفي سجله العدلي، فلم تجد ما يثبت إدانة سابقة أو أن اسمه يَرد في قائمةٍ مَا تخصّ الأشخاص الذين لديهم ميول نحو العنف والتطرف.

ويبدو أن عائلته المقربة لم تكن على معرفة بنواياه، فعمه محمد بن الألطرش، يعترف بأن حمّو "كان طفلا رائعا، وطيبا"، ولم يصدق ما رآه وسمعه بعد الاعتداء، مؤكدا أن حمّو لم يُبد أبدا أي حقد تجاه العسكريين.

لكن في الوقت عينه، أبدى العمّ استغرابه من رؤية ابن أخيه وهو بلحية، وأضاف "كنت أراه دائما حليقَ اللحية"، مؤكداً أن "حمّو يصلي، ولكن الأمر يقف عند هذا الحد".