ويقول سيجري إنّ "العمل ما زال متواصلاً من أجل حلّ ملف مناطق شمال شرق سورية، والمفاوضات ما زالت مستمرة"، مشيراً إلى أنّ "الخيار العسكري موجود على الطاولة، والجيش الوطني التابع للمعارضة على أهبة الاستعداد للبدء في العمليات العسكرية إلى جانب الحلفاء في الجمهورية التركية". ويشدد على أنّ المعارضة السورية المسلحة "لن تسمح باقتطاع أي جزء من الأراضي السورية"، مضيفاً "طرد حزب العمال الكردستاني وقياداته غير السورية واجب في المرحلة المقبلة".
وتعتبر المعارضة السورية "وحدات حماية الشعب" التي تسيطر على منطقة شرقي الفرات، نسخة سورية من "حزب العمال الكردستاني" المصنّف من قبل بعض الدول، بينها تركيا، في خانة التنظيمات الإرهابية.
ويشير سيجري، في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أنّ التأخير في العملية العسكرية في شرقي الفرات "سببه المفاوضات واللقاءات القائمة بين كل من واشنطن وأنقرة"، مضيفاً "التوصل إلى حلّ سلمي بعيداً عن المعارك العسكرية، يفضي إلى إخراج المجموعات الإرهابية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني خارج الأراضي السورية، وعودة مئات الآلاف من المهجرين قسراً بسبب جرائم قسد، هو مصلحة عظيمة". ويعرب عن اعتقاده بأنّ البديل الوحيد عن العملية العسكرية "هو إنجاح المفاوضات بالشكل المطلوب"، مضيفاً "الانقسام الحاصل في الرؤية الأميركية للمنطقة بشكل عام، وفي سورية بشكل خاص، دفع إلى تعقيد المشهد".
ويقول سيجري إنّ "المعارضة لا تزال تثق بأنّ هناك تياراً داخل الإدارة الأميركية يدرك خطورة استمرار الدعم الأميركي لصالح المشروع الانفصالي لحزب العمال الكردستاني، كما يدرك أهمية التوصّل إلى اتفاق كامل مع الحلفاء في تركيا، يلبي آمال وتطلعات الشعب السوري بمختلف مكوناته". وبالنسبة إليه "يجب أن تقف واشنطن على مسافة واحدة من مكونات الشعب السوري، وتدعم حركة التغيير الوطني، ووحدة الأراضي السورية، وتساعد في إنهاء حقبة بشار الأسد، ونظامه الإرهابي".
ويؤكد سيجري أنّ ملف مدينة تل رفعت ومحيطها في ريف حلب الشمالي، والتي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية منذ بداية عام 2016، "لا يزال عالقاً بسبب التعنت الروسي"، مشيراً إلى أنّ روسيا التي ساعدت "الوحدات" في السيطرة على هذه المنطقة "تستخدم حزب العمال الكردستاني هناك كورقة ضغط على الأشقاء في تركيا".
إلى ذلك، لا تزال محافظة إدلب ومحيطها في واجهة المشهد السوري، في ظلّ تصعيد وتهديد النظام وحلفائه بالقيام بعمل عسكري واسع النطاق ضدها، خصوصاً أنّ هذا الملف لم يشهد انفراجاً مهماً، بسبب تباين الرؤى بين الروس والأتراك حول مصير المنطقة. وفي هذا الصدد، يؤكّد سيجري أنّ "روسيا لا تزال تدفع باتجاه فرض النظام كامل سيطرته على إدلب ومحيطها". ويضيف "لكن الموقف الثابت للحلفاء في الجمهورية التركية ورفضهم أي عمل عسكري، حفاظاً على سلامة وأرواح المدنيين، قيّد الطموحات الروسية". ويتابع بالقول "إلا أنه من الواضح أن الروس لن يسلموا للأمر الواقع بهذه السهولة. بالنسبة لنا وللحلفاء الموقف واضح ونهائي، لن نتساهل في الحفاظ على كامل المنطقة وحمايتها، ومواجهة أي تصعيد".
ويشير سيجري إلى أنّ محافظة إدلب "آخر قلاع الثورة، والحاضن الرئيس للقوى الرافضة لفكرة إعادة إنتاج الأسد، والضامن للمرحلة المقبلة، ولن يتم التفريط بها"، مضيفاً "على الروس أن يدركوا أنّ فكرة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية تحت سلطة الأسد قد أصبحت من الماضي، ولن تكون هناك أي فرصة للاستقرار بوجوده".
ووفقاً لسيجري، فإنّ "العودة إلى ما قبل عام 2011 أصبحت من المستحيلات"، مؤكداً أنّ المعارضة السورية المسلحة "تثق بالحلفاء في تركيا، وتدعم المفاوضات الجارية مع الروس، إلا أنّ هناك خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها". ويضيف "نرفض أن يكون الأسد جزءاً من مستقبل سورية، ونعتبر الوجود الروسي في سورية بشكله الحالي احتلالاً وشريكاً وداعماً للجرائم المرتكبة بحق شعبنا". ويستدرك بالقول: "لا نرفض فكرة الحوار مع الروس من أجل تحقيق بعض مصالحنا وتخفيف معاناة أهلنا، إلا أنّ الثقة معدومة، والتجارب السابقة تثبت حجم كذب ومراوغة وخداع الجانب الروسي، وانحيازه الكامل إلى جانب إرهاب الدولة المنظم".
ورداً على سؤال يتعلّق بتجاوزات كبيرة بحقّ المدنيين في منطقة عفرين، شمال غربي حلب، من قبل مجموعات محسوبة على المعارضة، يرى سيجري أنّ واقع المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة السورية "بات أفضل من السابق"، قبل أن يضيف "نبذل جهوداً من أجل تقديم النموذج الأنجع والأقوم في إدارة المناطق المحررة، ونضرب بيد من حديد ونعاقب كل من يثبت تورطه بمخالفات وتجاوزات بحق أهلنا المدنيين".
ويلفت سيجري إلى أنّ "هناك أفراداً يعملون في خدمة العدو وتحت عباءة القوى الثورية والمجموعات العسكرية، وهؤلاء لن نتوقّف عن ملاحقتهم وإلقاء القبض عليهم وتقديمهم للقضاء المختص"، مؤكداً أنّ "حماية المنطقة تقع على عاتقنا، ولن ندخر جهداً في حماية أهلنا من العرب والأكراد والتركمان، وغيرهم". ويشير إلى أنّ الثورة في شهورها الأولى "وحدتنا من جديد في مواجهة قوى الظلم والاستبداد، ولكن سرعان ما دخلت بعض الدول على الخط من أجل تفريق السوريين وتقسيمهم بين عرب وأكراد وتركمان ومسيحيين وعلويين ودروز وسنة وشيعة وإسلامي وعلماني وليبرالي وغير ذلك، بهدف تقسيم البلاد وفرض واقع جديد".
ويرفض سيجري فكرة أنّ المعارضة السورية رهنت قرارها وإرادتها لدى الأتراك، وباتت تابعة لهم، مؤكداً أنّ "العلاقة مع تركيا مبنية على الأخوّة والمصالح المشتركة". ويوضح أن "تركيا عمقنا الاستراتيجي، وحليف شعبنا القوي والصادق في حربنا المشتركة ضدّ الإرهاب، وهي لا تتدخل في الشأن الداخلي، ويربطنا بها تاريخ طويل وعلاقات مميزة، وحدود مشتركة طولها أكثر من 900 كيلومتر. تركيا تحتضن على أراضيها أكثر من 4 ملايين مواطن سوري، واليوم تعتبر شريان الحياة الوحيد للشمال السوري، ولا يمكن التفريط بالعلاقة معها ولا عرضها للنقاش".
من جهة أخرى، يعتبر سيجري قرار الإدارة الأميركية تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية "خطوة جيدة، ولكن غير كافية"، مشيراً إلى أنه "لا بد من اتخاذ خطوات عملية وسريعة لمواجهة التمدد الإيراني في سورية والمنطقة. الحرس الثوري الإيراني بات يعتبر التهديد الإرهابي الأخطر ولا بد من مواجهته". ويتابع "نؤكد على جاهزيتنا للتعاون العسكري مع واشنطن في سورية بهدف طرد هذا التنظيم والمليشيات المرتبطة به".
ويحمّل سيجري المعارضة السورية السياسية مسؤولية ما يراه الشارع السوري المعارض تخبطاً في مسيرة الثورة، مشيراً إلى أنه "يجب التفريق بين المعارضة والقوى الثورية". ويضيف "نحن ثوار ولسنا معارضة، إذ لا نعتبر نظام الأسد شرعياً".
ووفق سيجري، فإنّ "المعارضة التقليدية لم تكن على قدر من المسؤولية وساعدت الأسد في ضرب الثورة". ويشرح وجهة نظره قائلاً "لم نكن نتوقع هذا الأداء من المعارضة، وقد اصطدمنا بواقعها وبقياداتها وخلافاتها الداخلية التي انعكست سلباً على الأداء في الداخل، فيما الأداء العسكري كان نتيجة طبيعية لواقع المعارضة السياسية".
وحول تقييمه لتجربة "الجيش الوطني" في شمال سورية، يشير سيجري إلى أنّ هذا الجيش "نتاج جهد وعمل طويل"، معرباً عن قناعته بأنّ المناطق الواقعة تحت سيطرة هذا الجيش "أفضل من غيرها". ويلفت إلى أنّ "بناء مؤسسة عسكرية مثالية غاية قادة الجيش الوطني"، موضحاً أنه "لم يكن هناك في سورية (جيش عربي سوري)، بل عصابة لحماية آل الأسد، ونطمح لبناء جيش قوي منظم، يقف إلى جانب الشعب وخياراته".