مصطفى رزق: بهجة البلوز المهجورة

30 اغسطس 2015
مصطفى رزق
+ الخط -

في ألبوم "باب اللوق" لمصطفى رزق، تصادفنا الكثير من الإشارات اللافتة إلى تجربة ذات نفس تجديدي على المستوى المحلي، فرغم انفتاح الموسيقى العربية على معظم الألوان الغربية، من النادر أن استوعبت موسيقى البلوز كلمات مصرية وأوصلتها بسلاسة إلى أذن المتلقي.

مع الاعتراف بهذا الوضع، يكشف رزق، في لقائه مع "العربي الجديد"، أن هذه الموسيقي عرفت طريقها إلى مصر من خلال "بعض مونولوغات قدّمها إسماعيل ياسين وثريا حلمي، قريبة الشبه بموسيقى البلوز والجاز".

بالنسبة لرزق، وكأنّ ألبوم "باب اللوق" أتى ليستكمل هذه التجربة بعد انقطاعها الطويل؛ بلوز بحس مصري بكلمات للشاعر مصطفي الجارحي وتوزيع أحمد الصاوي، موسيقى تنبع من ثقافة الأمكنة والانشغالات الإنسانية في البيئة المصرية.

بمعنى ما، هذه هي أهداف موسيقى البلوز منذ نشأتها، بالتعبير عن روح وثقافة ومعاناة جماعة من البشر، ليسوا بالضرورة زنوجاً في أوروبا أو أميركا.

يفسّر رزق سبب استلهام موسيقى البلوز في ألبومه، "البلوز لم يكن اختياراً، بل مسار طبيعي. إنه موسيقى أفريقية بالأساس، ونحن جزء من أفريقيا. أما فكرة الألبوم، فقد أتت في سياق بحثي في أشكال تراثية بغرض استلهامها، فوجدتُ أن منطقتي التي نشأت فيها والتي تقع جغرافياً بين النوبة والصعيد، لها مواصفات متأثرة بـ"السلك الخماسي النوبي"، ومذاق الموسيقى الشرقي بطعم الصعيد، وهي أشكال تشبه إلى حد بعيد موسيقى البلوز".

يضيف: "كل ذلك إلى جانب إعجابي الشخصي الكبير بأرمسترونغ وراي تشارلز وجون لي هوكر وبي بي كينج، لقد اكتشفت أن ثمة معادلاً موضوعياً لطريقة غناء هؤلاء والتراث الصعيدي وطبيعته في الغناء، والتي تتسم بالجفاف الظاهري مع حساسية الأداء. هكذا وصلت إلى أن البلوز هو أصدق طريقة معبّرة عني".

عن تأخر استلهام موسيقى البلوز وتطويرها في إطار مصري، يقول "رغم المحاولة المبكرة في ستينيات القرن الماضي، التي أظن أنها لو تطوّرت لكان هذا الشكل قد تبلور اليوم وأنتج أغاني متميّزة. هذه التجربة حوصرت في حدود المونولوغ الساخر، ولم تعط الفرصة كي تتطرّق لحالات تعبير أخرى تحمل مشاعر الأسى أو تتحدّث عن الحرية أو تبحث عنها في ارتجالات موسيقية غنية تصل إلى حد البهجة. أظن أيضاً أن المتلقي لم يكن مستعداً وقتها لهضم هذا الشكل الفني، لكنني أعتقد أنه اليوم قد خرج من حالة التشبث بزمن الفن الجميل".

يرى رزق أن مشروعه ما زال في مراحل تنفيذه الأوّلية. ورغم انتشاره النسبي على اليوتيوب، يعتبر أن الأهم هي مرحلة التفاعل الحقيقي مع الجمهور من خلال الحفلات، حيث يعتبر أن هذا التفاعل هو القيمة الحقيقية للموسيقى والغناء.

ويقول "انتهينا من توزيع عدد كبير من الأغاني، ولكن الأهم هو فكرة انتشار وقبول الحالة والتعاطي معها بروح تجريبية تأتي بأبعاد ربما تكون غير منظورة".

المساهمون