إضافة إلى الظروف الصعبة الكثيرة التي يعيشها المساجين داخل الزنازين المصرية، تزداد المعاناة خلال فصل الصيف بسبب الحر الشديد داخلها، وغياب التهوية، ما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم ومشاكلهم الصحية وأحياناً موتهم
تشهد معظم أنحاء مصر ارتفاعاً شديداً في درجات الحرارة التي تتجاوز 45 درجة مئوية في بعض المحافظات. والرقم مرتفع نسبياً بالمقارنة مع المناخ والطقس في مصر بشكل عام، إضافة إلى ارتفاع درجة الرطوبة. طقس أدى إلى تململ الكثير من المواطنين، الذين أعربوا عن مشاعرهم في تدوينات بعضها جاد وبعضها ساخر على مواقع التواصل الاجتماعي.
حتى إنّ مصطافي الساحل الشمالي في مصر، حيث القرى والمنتجعات السياحية الفاخرة، تضرّروا بسبب ارتفاع درجة حرارة الجو، ما أفسد عليهم استجمامهم بالبحر والمسابح، وحتى السهر والخروج ليلاً.
وهناك فئة ليست قليلة من الشعب المصري، لا تملك الشكوى ورفاهية الملل، وتقبع خلف زنازين إسمنتية بلا تهوية ولا حتى فرش، يقدّر عدد أفرادها بنحو 60 ألفاً أو أكثر، بحسب تقديرات حقوقية. هؤلاء هم المعتقلون السياسيون في السجون المصرية.
ويروي م.ر، وهو معتقل سياسي سابق، ألقي القبض عليه خلال أحداث مسجد الفتح بعد مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية في أغسطس/آب 2013، تجربته داخل الزنزانة في أكثر أشهر العام حرارة. "كان معنا معتقلون يفقدون الوعي من شدة الحرارة، وكان رش المياه هو الوسيلة الوحيدة لإعادة وعيهم والتحايل على الحرارة العالية". يضيف: "كنت أضع قميصي القطني في المياه ولا أعصره جيداً وألفّه حول رأسي، لتجاوز حرّ الزنزانة الضيقة التي كان يقبع فيها أكثر من 40 معتقلًا، وفيها فتحة تهوية واحدة صغيرة".
ترتفع درجات الحرارة داخل الزنازين الإسمنتية، نتيجة امتصاص جدرانها وأرضها للحرارة، والازدحام داخلها، ومكوث المعتقلين فيها 23 ساعة كاملة. ويسمح لهم بساعة تريض واحدة. كما أن بعضها يكون في غرف تحت الأرض. يتابع: "الاتكاء على الجدران كان كارثة، وكان الصهد ينبعث منها. كنا نرش الجدران والأرض بالمياه. أما مروحة السقف الموجودة، فكان دورها الوحيد توزيع الهواء الساخن في المكان".
في هذا السياق، تقول الناشطة السياسية ماهينور المصري، والتي سبق أن اعتقلت مرات عديدة لفترات طويلة، منها أشهر الصيف: "كان معنا نساء كبيرات يفقدن وعيهن من جراء الحرارة". تضيف في تدوينة لها عبر حسابها الخاص على موقع "فيسبوك" قبل عام، أعيد تداولها مجدداً هذا الصيف بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة الشديدة: "يا رب هوّن حر الزنازين على الكل. يا رب هوّنه على كبار السن إللّي ما حدش يتخيل إزاي بيستحملوا حر في زنزانة مكدسة ما فيهاش تهوية. يا رب هوّنه على جميع المساجين".
اقــرأ أيضاً
وتكتب رولا أبو زيد، شقيقة الناشط الساخر شادي أبو زيد: "العيد بالنسبة لهم يعني سجنا أكبر، لا يمكنهم التريض والزيارات ممنوعة باستثناء أول أيام العيد. لا يمكننا إدخال الملابس وغيرها من الحاجات، باستثناء بعض المأكولات بسبب الازدحام. كل الزيارات كانت في يوم واحد وتجمعنا فوق بعضنا البعض حتى تتمكن كل عائلة من رؤية حبيبها عشر دقائق فقط. هذا رابع عيد يمر علينا هكذا، وهو من أسوأ أيام حياتنا، من دون شادي ووالدي وأي نوع من أنواع الفرحة".
كما أن الكاتب الصحافي والباحث، هشام جعفر، المخلى سبيله مؤخراً بعدما قضى أعواماً عدة في السجن، يتحدث عن تجربة قضاء أشهر الصيف وارتفاع درجات الحرارة داخل الزنازين، في رسالة له تم تسريبها خلال فترة اعتقاله ونشرها مركز الشهاب لحقوق الإنسان. "كنا نقضي، في زنزانة عبارة عن صندوق من الجدران المسلحة تمتص حرارة الشمس، ثلاثا وعشرين ساعة متصلة. وهذه الزنزانة تسبح على مستنقع من مياه المجاري الممتلئة بالبعوض الذي يمص دماءنا التي أصابها فقر شديد بسبب قلة الطعام وسوئه".
وليس هناك مثال على لهيب الحرارة أفضل من المذبحة الشهيرة بـ"عربة الترحيلات". وقع حادث مأساوي بعربة ترحيلات سجن أبو زعبل، في 18 أغسطس/آب عام 2013، بين الساعة السادسة صباحاً والثالثة عصراً، وقد سقط 37 قتيلاً من أصل 45 شخصاً صدر قرار بإحالتهم إلى سجن أبو زعبل في تلك العربة.
اقــرأ أيضاً
وعانى المرحّلون بسبب الارتفاع الشديد في درجة حرارة الجو، وبقوا ساعات الظهيرة داخل العربة المصفحة، ما أدى إلى وقوع حالات إغماء. وعندما ثار من في داخل العربة، ألقت قوات الأمن المصرية قنبلة مسيلة للدموع داخلها، في ذروة استخدام العنف المفرط ضد المدنيين في الاحتجاجات التي أعقبت عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وقد نجا من الحادث ثمانية أشخاص فقط، ومات باقي المرحلين في السيارة خنقاً.
إلا أن سبب الوفاة ظل محل جدال، ما بين أن الضحايا سقطوا خنقاً بسبب قنبلة غاز قذفت عليهم داخل السيارة بعدما كرروا استغاثاتهم مطالبين بفتح باب العربة للتهوية، واحتمال أن الاختناق حدث بسبب التكدس الشديد داخل العربة التي لا تتسع لأكثر من 25 فرداً، بحسب إمكانيات التهوية المتاحة ومساحة العربة.
وصل عدد السجون التي جرى إنشاؤها في عهد السيسي إلى 26 سجناً من أصل 68 سجناً في عموم البلاد. وعلاوة على هذه السجون، فهناك 382 مقر احتجاز داخل أقسام ومراكز الشرطة في مختلف المحافظات، بالإضافة إلى السجون السرية في المعسكرات، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
حتى إنّ مصطافي الساحل الشمالي في مصر، حيث القرى والمنتجعات السياحية الفاخرة، تضرّروا بسبب ارتفاع درجة حرارة الجو، ما أفسد عليهم استجمامهم بالبحر والمسابح، وحتى السهر والخروج ليلاً.
وهناك فئة ليست قليلة من الشعب المصري، لا تملك الشكوى ورفاهية الملل، وتقبع خلف زنازين إسمنتية بلا تهوية ولا حتى فرش، يقدّر عدد أفرادها بنحو 60 ألفاً أو أكثر، بحسب تقديرات حقوقية. هؤلاء هم المعتقلون السياسيون في السجون المصرية.
ويروي م.ر، وهو معتقل سياسي سابق، ألقي القبض عليه خلال أحداث مسجد الفتح بعد مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية في أغسطس/آب 2013، تجربته داخل الزنزانة في أكثر أشهر العام حرارة. "كان معنا معتقلون يفقدون الوعي من شدة الحرارة، وكان رش المياه هو الوسيلة الوحيدة لإعادة وعيهم والتحايل على الحرارة العالية". يضيف: "كنت أضع قميصي القطني في المياه ولا أعصره جيداً وألفّه حول رأسي، لتجاوز حرّ الزنزانة الضيقة التي كان يقبع فيها أكثر من 40 معتقلًا، وفيها فتحة تهوية واحدة صغيرة".
ترتفع درجات الحرارة داخل الزنازين الإسمنتية، نتيجة امتصاص جدرانها وأرضها للحرارة، والازدحام داخلها، ومكوث المعتقلين فيها 23 ساعة كاملة. ويسمح لهم بساعة تريض واحدة. كما أن بعضها يكون في غرف تحت الأرض. يتابع: "الاتكاء على الجدران كان كارثة، وكان الصهد ينبعث منها. كنا نرش الجدران والأرض بالمياه. أما مروحة السقف الموجودة، فكان دورها الوحيد توزيع الهواء الساخن في المكان".
في هذا السياق، تقول الناشطة السياسية ماهينور المصري، والتي سبق أن اعتقلت مرات عديدة لفترات طويلة، منها أشهر الصيف: "كان معنا نساء كبيرات يفقدن وعيهن من جراء الحرارة". تضيف في تدوينة لها عبر حسابها الخاص على موقع "فيسبوك" قبل عام، أعيد تداولها مجدداً هذا الصيف بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة الشديدة: "يا رب هوّن حر الزنازين على الكل. يا رب هوّنه على كبار السن إللّي ما حدش يتخيل إزاي بيستحملوا حر في زنزانة مكدسة ما فيهاش تهوية. يا رب هوّنه على جميع المساجين".
وتكتب رولا أبو زيد، شقيقة الناشط الساخر شادي أبو زيد: "العيد بالنسبة لهم يعني سجنا أكبر، لا يمكنهم التريض والزيارات ممنوعة باستثناء أول أيام العيد. لا يمكننا إدخال الملابس وغيرها من الحاجات، باستثناء بعض المأكولات بسبب الازدحام. كل الزيارات كانت في يوم واحد وتجمعنا فوق بعضنا البعض حتى تتمكن كل عائلة من رؤية حبيبها عشر دقائق فقط. هذا رابع عيد يمر علينا هكذا، وهو من أسوأ أيام حياتنا، من دون شادي ووالدي وأي نوع من أنواع الفرحة".
كما أن الكاتب الصحافي والباحث، هشام جعفر، المخلى سبيله مؤخراً بعدما قضى أعواماً عدة في السجن، يتحدث عن تجربة قضاء أشهر الصيف وارتفاع درجات الحرارة داخل الزنازين، في رسالة له تم تسريبها خلال فترة اعتقاله ونشرها مركز الشهاب لحقوق الإنسان. "كنا نقضي، في زنزانة عبارة عن صندوق من الجدران المسلحة تمتص حرارة الشمس، ثلاثا وعشرين ساعة متصلة. وهذه الزنزانة تسبح على مستنقع من مياه المجاري الممتلئة بالبعوض الذي يمص دماءنا التي أصابها فقر شديد بسبب قلة الطعام وسوئه".
وليس هناك مثال على لهيب الحرارة أفضل من المذبحة الشهيرة بـ"عربة الترحيلات". وقع حادث مأساوي بعربة ترحيلات سجن أبو زعبل، في 18 أغسطس/آب عام 2013، بين الساعة السادسة صباحاً والثالثة عصراً، وقد سقط 37 قتيلاً من أصل 45 شخصاً صدر قرار بإحالتهم إلى سجن أبو زعبل في تلك العربة.
وعانى المرحّلون بسبب الارتفاع الشديد في درجة حرارة الجو، وبقوا ساعات الظهيرة داخل العربة المصفحة، ما أدى إلى وقوع حالات إغماء. وعندما ثار من في داخل العربة، ألقت قوات الأمن المصرية قنبلة مسيلة للدموع داخلها، في ذروة استخدام العنف المفرط ضد المدنيين في الاحتجاجات التي أعقبت عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وقد نجا من الحادث ثمانية أشخاص فقط، ومات باقي المرحلين في السيارة خنقاً.
إلا أن سبب الوفاة ظل محل جدال، ما بين أن الضحايا سقطوا خنقاً بسبب قنبلة غاز قذفت عليهم داخل السيارة بعدما كرروا استغاثاتهم مطالبين بفتح باب العربة للتهوية، واحتمال أن الاختناق حدث بسبب التكدس الشديد داخل العربة التي لا تتسع لأكثر من 25 فرداً، بحسب إمكانيات التهوية المتاحة ومساحة العربة.
وصل عدد السجون التي جرى إنشاؤها في عهد السيسي إلى 26 سجناً من أصل 68 سجناً في عموم البلاد. وعلاوة على هذه السجون، فهناك 382 مقر احتجاز داخل أقسام ومراكز الشرطة في مختلف المحافظات، بالإضافة إلى السجون السرية في المعسكرات، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.