أكدت مصر اعتراضها على الإجراء الأحادي لملء سد النهضة، من دون التشاور والتنسيق مع دول المصب، في حين دعا السودان إلى أن تكون الجولة الحالية من المفاوضات الثلاثية حول سد النهضة الإثيوبي حاسمة ومحددة بأسبوعين فقط.
وقال وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبد العاطي خلال مداخلته، اليوم الاثنين، في الاجتماع الذي شهد استئناف المفاوضات الخاصة بملء وتشغيل سد النهضة، بمشاركة مسؤولين بوزارات الري في مصر وإثيوبيا والسوادن، إن الإجراء الأحادي الإثيوبي يتعارض مع اتفاق إعلان المبادئ، و يلقي بدلالات سلبية توضح عدم رغبة إثيوبيا في التوصل إلى اتفاق عادل، مشدداً على أهمية سرعة التوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة بحيث يتم التوافق حول كل نقطة من النقاط الخلافية.
وتوافق الوزراء على قيام اللجان الفنية والقانونية بمناقشة النقاط الخلافية خلال اليومين القادمين فى مسارين متوازيين، وعرض المخرجات في الاجتماع الوزاري الخميس القادم.
من جهته، قال الدكتور هاني رسلان، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والمتخصص في الشأن الأفريقي، إن المفاوضات شهدت مشادات كلامية بين الوفدين المصري، والإثيوبي حول جدول الجولة الجديدة من المفاوضات.
بدوره، جدد وزير الري والموارد المائية ياسر عباس، خلال مخاطبته الجلسة الأولى لاستئناف التفاوض اليوم الاثنين، رفض بلاده للإجراءات الأحادية التي اتخذتها إثيوبيا، عبر البدء في ملء السد من دون اتفاق مع كل من السودان ومصر، مشيراً إلى أن "ذلك التحرك المنفرد قبل التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث أعاد طرح المخاوف في حال تكرار مثل هذا التحرك في المستقبل، وتحديداً في ما يتعلق بالتأثيرات البيئية والاجتماعية لسد النهضة على المزارعين على ضفاف النيل الأزرق وسلامتهم".
واستؤنفت، اليوم الاثنين، المفاوضات الخاصة بملء وتشغيل سد النهضة، برعاية الاتحاد الأفريقي ورئاسة جنوب أفريقيا، وبمشاركة وزراء الري في إثيوبيا ومصر والسودان.
وأكد الوزير السوداني، في خطابه الافتتاحي أمام الاجتماع، أن الوفد السوداني المفاوض أجرى مشاورات واسعة منذ نهاية الجولة الأخيرة للمفاوضات، خصوصا بعد التداعيات السلبية لبدء ملء السد من دون تشاور مسبق، وأن الوفد أعاد تأكيد موقفه الداعي إلى ضرورة التوقيع على اتفاق بين الدول الثلاث يؤمّن سلامة سد الروصيرص بالسودان وتبادلا سلسا للمعلومات في هذا المجال، "وبما يتماشى مع مقتضيات القانون الدولي".
ورحّب الوزير بالتقرير الإيجابي الذي قدمه الخبراء للاتحاد الأفريقي في الأسابيع الماضية، معتبرا أن "مقترحات الحلول التي قدمها يمكن أن تمثل أساسا لاتفاق مُرض للأطراف الثلاثة"، ودعا السودان إلى إعطاء دور أكبر للمراقبين في تقريب وجهات النظر، والتركيز على القضايا المختلف حولها، والالتزام بعدم عرض أي قضايا جديدة على المفاوضات، لافتا إلى أن "تلك الأشياء ستقود إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، متضمنا اتفاقا حول المشاريع المستقبلية على النيل الأزرق".
وأوضح بيان صادر عن وزارة الري أن المفاوضين اتفقوا، بعد جلسة اليوم، على مواصلة المفاوضات على مستوى الخبراء على المسارين الفني والقانوني، بالاستناد إلى تقرير خبراء الاتحاد الأفريقي والتقارير المقدمة من الدول الثلاث بنهاية الجولة السابقة من المفاوضات، والعودة للمفاوضات يوم الخميس المقبل على المستوى الوزاري.
وبحسب تصريحات سابقة للوفد السوداني، فإنه لم يتبق للتفاوض إلا 5 نقاط فنية، و3 نقاط قانونية لم يتم التوصل فيها إلى اتفاق.
ويقول محمد نصر علام، وزير المياه المصري السابق، إن "استمرار فشل مفاوضات سد النهضة جعلت الجميع في حالة إحباط عام، مضيفاً أن أديس أبابا مستمرة في تشددها تجاه أزمة مياه النيل، وبالتالي الأزمة تتفاقم يوماً بعد يوم، في المقابل، فإن القاهرة حريصة على التمسك بمسار التفاوض حتى آخر نفس"، مؤكداً أن "مماطلة إثيوبيا مقصودة ومنهجية لاستهلاك الوقت، حتى يستكمل بناء السد ويبدأ ملء خزانه، والتحكم في مياه نهر النيل الأزرق، وتقرر بعدها الأنصبة والحصص، تمنح وتمنع كيفما تشاء"، محذراً من أن "الصراع في القارة السمراء، التي عانت من النزاعات، قد يؤدي بها إلى حالة من عدم الاستقرار، وكان لزاما عليها أن تبحث عن مخارج لها من تلك الأزمة".
ويرى وزير الري الأسبق أن "ما يحدث من مفاوضات بشأن أزمة السد مسألة تضييع للوقت، فمصر تخوض مفاوضات فنية وقانونية ودبلوماسية عسيرة ومتعددة المسارات، بهدف حفظ حقوقها في مياه النيل بعد التعنت الإثيوبي المتواصل"، معتبرا أن "الموقف بشكل عام غير مبشر لسببين، أولهما أن الاتحاد الأفريقي أظهر قدرات ضعيفة على تنظيم مباحثات فعالة، والثاني استمرار التعنت الإثيوبي من دون أي أفق للحل، ولا أظهر رغبة في الوصول إلى اتفاق".