مصر: مطالبة حقوقية بالإفراج الفوري عن الأطباء المحبوسين

12 سبتمبر 2020
ارتفاع حالات الوفيات بين الأطباء إلى 163 حالة على الأقل (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

 بالتزامن مع بدء ظهور موجة جديدة من وباء كورونا في مصر، وفي ظلّ أوضاع صحية متردية، واستعدادات ضعيفة، تسبّبت في انتشار العدوى بين الأطباء وارتفاع حالات الوفيات بينهم  إلى 163 طبيباً على الأقل، وفق التقديرات الرسمية، طالبت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية) بالإفراج الفوري عن الأطباء المحبوسين، خلال الأشهر القليلة الماضية.

ودعت، نقابة الأطباء المصريين، إلى التدخل بشكل سريع لتوفير الدعم القانوني لأعضائها. كما طالبت الجبهة، النائب العام، بالالتزام بالقانون، على أن تتقصّى النيابة الحقائق وألا تتعامل مع القانون بشكل انتقائي، لتقييد حريات الأفراد من دون وجه حق.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنّ 11 في المائة من إجمالي المصابين في مصر، هم من الأطباء.

وقالت الجبهة، إنه "بدلًا من دعم القطاع الصحي ذي الموارد القليلة الآخذة في التردي، نتيجة تفشي الوباء، تزيد السلطات المصرية  الوضع سوءاً  لتساهم في العجز الذي طاول الأطقم الطبية والقطاع الصحي، ليس فقط بالتخاذل عن الدعم المادي والتقني، ولكن بالاستهداف الأمني أيضاً. فمنذ بداية تفشي الوباء في مارس/آذار 2020، قبضت قوات الأمن على 7 أشخاص على الأقل ما بين أطباء وصيادلة، ليتم التحقيق معهم وتجديد حبسهم بمعرفة نيابة أمن الدولة ودوائر الإرهاب، وذلك على خلفية انتقادهم لأداء الحكومة فيما يخص الوضع الصحي، أو في بعض الأحيان بشكل عشوائي، ما أدى  إلى اتهامهم بنفس الاتهامات التي يواجهها آلاف آخرون،  وهي مشاركة أو الانضمام لجماعة إرهابية لا يعرف أحد لها اسماً أو إن كانت موجودة فعلاً. جميع الأطباء الذين رصدت الجبهة المصرية حالتهم متهمون أيضاً بنشر وإذاعة أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

وأضافت الجبهة: "الاتهامات التي يواجهها الأطباء وغيرهم من العاملين في القطاع الصحي، يعاقب عليها قانون مكافحة الإرهاب وقانون العقوبات والجريمة الإلكترونية، وبغض النظر عن أنّ التحريات التي بنت عليها النيابة اتهامها ليست معلنة للأطباء ومحاميهم، فضلاً عن أنها لم تواجههم كلهم بأدلة ثبوت قاطعة. يظهر في رصد تعامل النيابة مع الأطباء المقبوض عليهم، أنّ هناك عدداً من القوانين المتجاهلة التي تكفل حقوقاً للأطباء في حالة دخولهم في نزاع مع القانون".

وتابعت الجبهة: "تجاهلت النيابة عند تحقيقها مع جميع الأطباء المقبوض عليهم، نص المادة 54 من القانون رقم 45 لسنة 1969  بشأن نقابة الأطباء،  والتي تلزمها بإخطار النقابة بأي اتهام موجّه ضد أي عضو من أعضائها بجناية أو جنحة متصلة بالمهنة، وذلك قبل البدء في التحقيق، وللنقيب أو رئيس النقابة الفرعية، أو من يندبه أيهما من أعضاء مجلس  النقابة أو مجلس النقابة الفرعية، حضور التحقيق.

وتجدر الإشارة إلى أن المادة نفسها تسمح للطبيب في حالات التقاضي أن يطلب تدخل النقابة كطرف ثالث. ولمجلس النقابة المختصّ التدخل كطرف ثالث في أية دعوى أمام القضاء تتعلّق بما يهم مهنة الطب".

وعرضت الجبهة المصرية، عددا من الحالات القانونية لبعض الأطباء الذين من المفترض ألاّ يتعرّضوا للاتهام أو الحبس الاحتياطي بأي حال.

ففي 25 يونيو/حزيران 2020، ألقت قوات الأمن القبض على الطبيب والأستاذ الجامعي، محمد معتز الفوال، ليختفي قسرياً لمدة يومين، قبل أن يظهر أمام النيابة،  وذلك على خلفية  نشره هاشتاغ #الأطباء_مش_متقاعسين_يا_مدبولي، بالإضافة إلى نشره بيانا موقّعا منه وعدد من الأطباء بصفتهم النقابية في 24 يونيو/حزيران، يطالبون فيه رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي بالاعتذار عن ما صرح به، عن  وجود تقصير واسع من الأطباء في أزمة كورونا. وهو ما اعتبرته النيابة أدلة على الاتهامات الموجهة إليه، وذلك بعد تفحّصها حسابه الشخصي على موقع فيسبوك.

أما الأستاذ المساعد بكلية الطب جامعة بنها، أحمد صبرة، فقد ألقي القبض عليه في 16 إبريل/نيسان 2020 من عيادته الخاصة في مدينة بنها، واختفى قسرياً لمدة 12 يوماً. وفي يوم 30 يونيو/حزيران 2020، وبعد يومين من الاختفاء القسري، ظهر الطبيب النقابي، أحمد صفوت، أمام نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه.

وعلقت الجبهة، "بخلاف إصرار الدولة على تقييد حرية الرأي والتعبير، ومنع أي شخص من الإدلاء برأيه في حال كان معارضاً، تصرّ نيابات أمن الدولة على الإمعان في تقييد الحريات وتغييب الأفراد بالحبس الاحتياطي، استناداً على قوانين من دون الأخرى".

وقالت: "كان من الواجب الالتزام في التعامل مع كل أولئك الأطباء بوصفهم نقابيين، وعليه يجب أن تقوم نيابة أمن الدولة بتفصيل الاتهامات ومصادر التحريات لكي تثبت بأن الاتهامات الموجهة إليه غير مرتبطة بممارسة المهنة، لأنه إذا ثبت العكس سيصبح التعامل الحالي معهم مخالفاً  للمادة 54 من قانون رقم 45 لسنة 1996 بشأن نقابة الأطباء، والمادة 62 من  قرار وزير الصحة والسكان – رقم 235 لسنة 1974 المتعلق بإصدار لائحة داخلية لنقابة الأطباء".

بالإضافة إلى ما سبق، وفيما يخص الدكتور أحمد صبرة، قالت الجبهة إنه "بسبب عدم تقصي النيابة لحقيقة ما ورد في منشوراته التي استند فيها على بيانات حقيقية، فيجب تقديم تظلم مرفق به بيان الأطباء فى مستشفى طنطا عن تحاليل كورونا  والتي تؤكد صحة ما نشره  الدكتور أحمد صبرة على صفحته مما ينفى اتهام نشر الأخبار الكاذبة".

وذكرت الجبهة أيضاً الطبيبة آلاء شعبان حميدة عبد اللطيف، 26 عاماً، التي تعمل بمستشفى الشاطبي التابع لجامعة الإسكندرية، وظهرت أمام النيابة بعد يومين من الاختفاء القسري، عقب قول مدير المستشفى إنها قامت بتعديها اختصاصاته. لا يوجد إثبات على خلفية واقعة القبض عليها إلاّ روايتها فى التحقيق، وهو ما يثير التساؤل حول سبب عدم إجراء تحقيق داخلي في المستشفى، وتحقيق نيابة أمن الدولة مع طبيبة تعدّت اختصاصات مديرها.

وقالت الجبهة: "من المفترض أن يتم سماع شهادة الأطباء وغيرهم ممّن حضروا الواقعة التي بسببها تمّ القبض على الطبيبة آلاء شعبان،  ولأن النيابة لم تتقصّ الموضوع، ولم تطلب أحداً للشهادة للتأكد من سلامة تحقيقاتها، يجب أن يتم تقديم طلب كتابي للنيابة لسماع شهادتهم، ومن ثم تقديم تظلم يشرح أنّ سبب القبض على الطبيبة مرتبط بعملها والمخالفة التي ارتكبتها  إن صحّت، فهي تستحق الجزاء التأديبي، وفقاً للمواد ٧٦-٩٧ من اللائحة الداخلية لنقابة الأطباء".

المساهمون