بدأت محاولات حثيثة من جانب مؤسسات مصرية، دينية وحقوقية، خلال الساعات الأخيرة، لتهدئة الأزمة التي شهدتها قرية "الكرم" بمحافظة المنيا (جنوبي البلاد)، إثر واقعة عنف طائفي، أسفرت عن حرق عدة منازل لمسيحيين بالقرية، وتجريد سيدة مسنة من ملابسها، بزعم ارتباط نجلها بعلاقة عاطفية مع فتاة مسلمة.
وحذر الجامع الأزهر من "محاولات استغلال البعض للحادث لإشعال الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن"، داعياً إلى ضرورة الالتزام بوحدة الصف، وإعمال القانون، وتفويت الفرصة على من وصفهم بـ"المتربصين بأمن الوطن واستقراره".
وقال الأزهر، في بيان له، اليوم، إن "أبناء مصر نسيج واحد، لا يجب أن تؤثر فيه أفعال آحاد الناس، ممَّن لا يحكِّمون عقولهم عند نشوب خلافات قد تحدث بين أفراد الأسرة الواحدة".
من جهته، قال بابا الأقباط، تواضروس الثاني، إنه يتابع عن كثب ما تعرضت له السيدة القبطية بالمنيا، ويطمئن على حالتها الصحية والنفسية، كما يتابع أحوال المتضررين في الأحداث، والخسائر التي لحقت بهم.
وأضاف تواضروس، في بيان صادر عن الكنيسة، الخميس، أنه تلقى وعوداً من القيادات السياسية والأمنية بتتبّع الجناة وتسليمهم للعدالة، داعياً إلى "ضرورة ضبط النفس، والتزام التعقل والحكمة للمحافظة على السلام الاجتماعي والعيش المشترك، وغلق الطريق على كل من يحاول المتاجرة بالحدث لإشعال الفتنة"، حسب قوله.
فيما أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، عن إرسال بعثة تقصي حقائق إلى محافظة المنيا، للوقوف على حقيقة الأحداث، وإعداد تقرير فور عودتها لعرضه على رئاسة المجلس، واتخاذ اللازم بشأنه.
ووصف رئيس المجلس، محمد فايق، ما حدث بأنه "يمثل انتهاكا جسيما لحق الإنسان في الحرية والأمان الشخصي المكفول بموجب الدستور والقوانين والمواثيق الدولية"، مطالباً بالتحقيق العاجل تطبيقاً لمبدأ سيادة القانون، ولدرء كافة الفتن، إضافة إلى تعويض كافة الأسر المتضررة، ورفض أي عمليات تهجير أو إجلاء للمواطنين.
بدوره، طالب المجلس القومي للمرأة بـ"توقيع عقاب رادع على المشاركين في واقعة التعدي على السيدة المسنة"، مؤكداً أن ما حدث "يتنافى مع جميع القيم الأخلاقية، والمبادئ الإنسانية، التي تنص عليها الأديان السماوية، وروح التسامح والأخوّة التي نشأ عليها الشعب المصري".
وعقدت لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، اجتماعاً طارئاً، انتهى بإيفاد وفد منها إلى رئيس البرلمان علي عبد العال، ومطالبته بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول الأحداث، والسفر إلى المنيا للوقوف على حقيقة الأحداث.
واتهم بيان للجنة البرلمانية، الأجهزة الأمنية بـ"التقاعس عن مواجهة التجاوزات والانتهاكات الجسيمة في حق بعض المواطنين من المسيحيين، دون اتخاذ إجراءات رادعة، ومحاسبة المتسببين".